كتبت هبام طوق في “لبنان الكبير”أيام قليلة تفصل عن موعد اللقاء الروحي الذي دعا اليه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في الخامس من نيسان المقبل في بيت عَنيا – حريصا حيث سيجمع القادة والنواب المسيحيين في يوم صلاة على أمل أن تحصل “عجيبة”، تنير العقول والنفوس، وتجعلهم يسهلون الطريق أمام انتخاب رئيس للجمهورية.
ويأتي اللقاء إستكمالاً للقاءات السياسية التي عقدها البطريرك الراعي مع الكتل المسيحية، وبعد الزيارات التي قام بها المطران أنطوان بو نجم الى القادة والشخصيات .
إذاً، إن غداً لناظره قريب، وتنجلي الأمور خصوصاً بعد أن كثرت التحليلات والتوقعات حول طبيعة اللقاء، والمواضيع التي سيتم التطرق اليها ومنها الملف الرئاسي أو أنه لن يخرج عن اطاره الروحي، اذ أشارت المعلومات الى أن البطريرك الراعي أراد وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وبالتالي، الضغط أقله على الكتل المسيحية من أجل حثهم على تأمين مقومات إنتخاب الرئيس، وهي رسالة من بكركي بأنها ستفعل كل ما أمكن لتقصير مدة الشغور علّها تنجح في تأمين أرضية مشتركة بين المسيحيين تنعكس ايجاباً على المستوى الوطني.
غالبية الجهات المسيحية خصوصاً الأحزاب الفاعلة والوازنة ستشارك في اللقاء الذي يصادف في “أربعاء أيوب” ربما لأن البطريرك الراعي أراد أن يقول للمشاركين إن الصبر بدأ ينفد، والوقت يداهم الجميع كما أنه يعوّل على الضمائر والنوايا الصافية التي تترافق وزمن الصوم علّه مع عيد القيامة، يتصاعد الدخان الأبيض، وتكون قيامة لبنان من تحت ركام الأزمات التي يتخبط بها منذ سنوات، وتكاد تهدد بنيان الدولة بمؤسساتها كافة.
الدعوة جاءت تحت عنوان روحي بحيث اعتبر البعض أن اللقاء لن يخرج عن سياقه الروحي، ولا ينتظر منه تحقيق المعجزات في ظل الاختلاف الكبير بين القوى المسيحية، وأنه سيتطرق الى مواضيع عامة من دون الدخول في التفاصيل أي أنه بمثابة لقاء صلاة وتوبة، وتشارك فيه بعض الشخصيات والجهات انطلاقاً من احترام اللياقات مع البطريركية، و”إذا ما نفع ما بضر”، في حين رأى البعض الآخر أن اللقاء مهم جداً، ولا بد من أنه سيبحث في الاستحقاق الرئاسي كما في الأسماء بموضوعية ومن دون أحكام سلبية مسبقة، وليس مستحيلاً التوصل الى خرق ما .
على أي حال ، وقبل الدخول في النتائج المتوقعة من اللقاء الروحي، والعناوين التي سيبحثها، لفت مصدر مطلع في تصريح لموقع “لبنان الكبير” الى أن “اللقاء قد يكون سابقة أن تدعو البطريركية المارونية السياسيين الى خلوة روحية بما تشكله هذه الخلوة من وقفة ضمير ايمانية تعود الى الجذور الايمانية لكل من المدعوات والمدعوين من النواب وممثلي القوى السياسية مسيحياً في لبنان. هذه سابقة خصوصاً في لحظة تاريخية مفصلية.
من الواضح أن ليس بالامكان التعويل على أي نتيجة سياسية لهذا اللقاء، اذ أن الدعوة محددة بأنها خلوة روحية، ووفق المعلومات سيكون هناك حوار في الكتاب المقدس يؤكد أهمية ارتباط الخير العام بالشأن العام، ومن غير الواضح عملياً الدينامية التي ستكون في الخلوة.
من ناحية أخرى، وبالاستناد الى التجارب، والى ما توارد من معلومات، فإن القوى السياسية غير متحمسة لهذا اللقاء مع أنها أبدت بعض الايجابية انطلاقاً من حرصها على دور البطريركية المارونية الروحي”.
وأوضح أن “الخلوة الروحية كما يبدو أتت استبدالاً للقاء الموسع الذي كان يطمح البطريرك الراعي الى أن يعقده في بكركي ويجمع كل النواب المسيحيين، وبدأ التفكير في الخلوة بعد المبادرة التي تولاها المطران بو نجم”، مشدداً على أن “هذه الخلوة تؤكد عملياً على ضرورة العودة الى لغة الروح والمصالحة والوفاق ولو أن مسألة رئاسة الجمهورية مسألة وطنية وليست مسيحية فقط”.
وأشار النائب السابق غسان مخيبر الى أنها “ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه اللقاءات، اذ في السابق دعا البطريرك الراعي رؤساء الأحزاب الأربعة المارونية الى خلوة روحية في بكركي في حضور الأب الحبيس يوحنا خوند في مسعى لحل مشكلة انتخاب رئيس الجمهورية حينها، وشارك فيها الرئيس السابق ميشال عون والرئيس أمين الجميل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وكانت خلوة روحية محض. الجديد أن بكركي وسعت الدعوة لتشمل كل النواب المسيحيين وليس الموارنة وحدهم. وكانت هناك بعض الآراء المنتقدة، وأبدى بعض النواب تحفظهم اما لجهة عدم زج الديني بالدنيوي والسياسي من منطلق مدنية الدولة اللبنانية، أو من منطلق ديني طائفي بمعنى أن الدعوة الى الصلاة وفق طقوس مارونية لا تأتلف مع طقوس مذاهب أخرى”.
وقال: “بمعزل عن كل ذلك، الدعوة حصلت، وتلبيتها تسمح بتجاوز عقبات رفض أطراف لبنانية التحدث مع بعضها البعض، انما يجب التنويه بأن النواب يلتقون في المجلس النيابي على سبيل المثال، فنواب القوات يلتقون نواب التيار الوطني الحر، ويتعاونون في أمور تشريعية وسياسية ومنها في المرحلة الأخيرة حيث المواقف كانت شبه متطابقة في مواضيع عدة. التقاء النواب ليس بجديد لكن ما لا يحدث هو التقاء الزعماء، وجعجع وفرنجية لن يشاركا في اللقاء.
وبالتالي، اللقاء خطوة ذات طابع روحي قد تفيد بالمطلق اذا كان الانسان يؤمن بتدخل الله في طرق غير منظورة وغير محددة عن طريق العجيبة.
وكأن بكركي ضاقت ذرعاً بالحديث بلغة العقل، فلجأت الى عمل الروح القدس لحل مشكلة اللبنانيين بالنسبة الى الملف الرئاسي”.
أضاف مخيبر: “لا أعتقد أن الخلوة ستطرح أسماء لرئاسة الجمهورية لأن الجهات المقررة أي المعنيون المباشرون غير موجودين”.
ودعا البطريرك الراعي الى “اتخاذ منحى مختلف لأنني لا أعتقد أن اللقاء الروحي سيؤدي الى أي نتيجة عملية”، معتبراً أن “بكركي يمكن أن تلعب دوراً، لكن يمكن أن توسع وساطة ممنهجة عبر لجنة مطارنة تعمل على الالتقاء بجميع القوى السياسية وليس بالقوى المسيحية وحدها، لأن انتخاب رئيس الجمهورية لا يقتصر تسهيله أو عرقلته على الأحزاب والكتل المسيحية انما يشمل القوى الأخرى الى جانب التوجه نحو الجهات الفاعلة وأبرزها الفاتيكان. لا أرى ضرراً من هذا اللقاء ولكن في الوقت نفسه لا أرى فيه فائدة سياسية”.