كتاب العدل رفعوا بدل أتعابهم أيضاً.. والتسعيرة تُربك المواطنين

31 مارس 2023
كتاب العدل رفعوا بدل أتعابهم أيضاً.. والتسعيرة تُربك المواطنين


كتبت زيزي اسطفان في “نداء الوطن”:
هم في منطقة وسطى بين القطاعين العام والخاص، يستوفون رسوماً قانونية لصالح الدولة لا يحق لهم أن يحيدوا عنها قيد أنملة، وهم في الوقت نفسه أرباب عمل لهم موظفوهم ومكاتبهم الخاصة يتكبدون مصاريفها كاملة على حسابهم الخاص. هذا واقع الكتاب العدل في لبنان. رفعوا بدلات أتعابهم كسائر القطاعات في لبنان فأحدثوا بلبلة كبرى وارتباكاً في الأسعار… اتهموا بالغش فيما هم من القلائل المؤتمنين على ما تبقّى من عدل، فُرض عليهم واقع مالي جديد كما كل اللبنانيين، فهل بالغوا في استغلاله؟
 
دخلت مكتبها لتوقيع تعهد أتكفل من خلاله بمصاريف ابنتي أثناء إقامتها في فرنسا من أجل الفيزا. كلفة التعهد مليون ليرة، ليس بالمبلغ الكبير ولا يتخطى عشرة دولارات لكنه فاجأني كما باتت كلفة كل معاملة عند الكاتب العدل تفاجئ أصحابها. وأثناء تواجدي هناك سمعت صرخة السكرتيرة تستنكر سعر مياه الشرب الذي بلغ 2،5 دولار لكل غالون.
 
“كيف نستمر ونحن ندفع كل تكاليفنا بالدولار كما رأيت وسمعت، هل يمكن أن أبقي راتب مساعدتي مليونين ونصف مليون ليرة كما كان سابقاً؟ رفعت راتبها الى عشرة ملايين ليرة بالكاد تكفيها لكنها تشكل علي عبئاً كبيراً. كل ما أشتريه من أوراق وحبر ومعدات مكتبية أدفعه بالدولار إضافة الى كل الزيادات على فواتير الكهرباء والمولد والماء وغيرها ويتساءلون بعد لماذا رفعنا بدل أتعابنا ويتهموننا بالفساد والغش؟”. الصرخة ذاتها تتكرر عند أكثر من كاتب عدل لا سيما بعد تسريب جدول مجهول المصدر عن الرسوم الجديدة وبدلات الأتعاب. الأزمة أرخت بظلالها على كتاب العدل ورفعت كلفة تشغيل مكاتبهم بشكل كبير ومع توقف الدوائر العقارية ومصلحة تسجيل السيارات وتراجع النشاط التجاري والمصرفي تدنّى عدد المعاملات التي كانوا يجرونها بشكل يومي وتراجعت مداخيلهم. لكن المواطنين قلما يهتمون بالتفاصيل فما يرونه هو ارتفاع كلفة كل المعاملات التي يجرونها عند الكاتب العدل ومعظمهم غير مقتنعين بهذه الزيادات التي طرأت.
 
يقول احدهم وهو يملك محلاً لبيع الطوابع وتصوير المستندات “لا تخافي عليهم، في بداية الأزمة سددوا كل ما عليهم للدولة عن طريق شيكات مصرفية، هربوا أموالهم من المصارف واحتفظوا بالكاش. وهم اليوم من القلائل في البلد الذين لا تزال أعمالهم مستمرة، “ركلجوا” أرباحهم ويستوفون جزءاً منها بالدولار…” كلام نتحفظ عليه ولا نعرف ما يحمل من حقيقة. لذا توجهنا الى رئيس مجلس الكتاب العدل الشيخ ناجي الخازن لنطّلع منه على أوضاعهم وحقيقة ما يحكى عن رفع الرسوم وبدلات الأتعاب.
 
 
تدابير استثنائية فرضتها الأزمة
“نحن كتاب العدل نستوفي رسوماً لصالح الدولة ورسم الطابع المالي لصقاً أو نقداً وهو 41000 ليرة على المبالغ المذكورة بالعقود كما نستوفي أتعابنا من المعاملة لأن عملنا ذو طبيعة مزدوجة فنحن مكلفون بخدمة عامة وفي الوقت نفسه لا نتقاضى من الدولة راتباَ ولا تعويضات بل نحن أرباب عمل مسؤولون عن مكاتبنا وموظفينا. أرباحنا تأتي من مصدرين: الأول هو بدل الأتعاب الذي نستوفيه مباشرة من الزبائن عن كل معاملة، والثاني هو حقنا بالحصول على نسبة تحددها الدولة من قيمة كل عقد نصدق عليه. وبموجب قانون تنظيم مهنة كتابة العدل الصادر سنة 1994 يحق لنا استيفاء نسبة 11000 ليرة من قيمة العقد سواء كان بالليرة او بالدولار ولا نفرض تسديدها بالعملة الخضراء إلا إذا رغب صاحب العلاقة بذلك. وقد بات معظم الناس اليوم يتفادون توقيع عقود بالدولار إلا عند الحاجة. في العام 2017 ضاعفت الدولة الرسوم لكن حتى في موازنة 2021 كانت كل الرسوم لا تزال تستوفى على دولار 1500، موازنة العام 2023 أقرت سلة تعديلات ومنها رسم الطابع المالي الذي اصبح احتسابه يتم على منصة صيرفة إذا كان العقد بالدولار ومن هنا ارتفعت الأسعار. بالنسبة لنا ككتاب عدل ليست لدينا أية صلاحية لتعديل الرسوم، والسلطة المخولة بالتعديل هي وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة المالية”.
 
يؤكد كل الكتاب العدل أن العقود اليوم باتت كلفتها أقل بكثير من السابق فعقد العمل للخدم مثلاً كانت كلفته 200000 ليرة اي ما يعادل 130دولاراً، أما اليوم وقد صار 1600000 فهو لم يعد يساوي أكثر من 12 دولاراً. كثيرة هي العقود التي كادت تغيب عن مكاتب الكتاب العدل ومعها الرسوم التي تستوفيها الدولة وبدلات الأتعاب التي ينالها هؤلاء.