رسالة إلى النواب المسيحيين…هذا ما عليكم فعله قبل الصلاة وبعدها

31 مارس 2023


أيام قليلة تفصل النواب المسيحيين، من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية ومستقلين وتغييريين، عن “أربعة أيوب”، حيث يلبون دعوة البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي إلى يوم صلاة وتأمل وسجود وتوبة وفحص ضمير في حريصا، بعدما عجز عن جمعهم في بكركي حول موقف سياسي واحد، أقّله في ما له علاقة بالاستحقاق الرئاسي، وذلك نظرًا إلى التباعد الكبير بين أربعة أقطاب، يُصادف أنهم موارنة ورؤساء أحزاب وتيارات، وهم: النائب جبران باسيل والدكتور سمير جعجع والنائب سامي الجميل والوزير السابق سليمان فرنجية، وهم يمثلون أغلبية المسيحيين، الذين وحدّت “الساعة”  البعض منهم، ولو لساعة واحدة، ليعود كل واحد منهم إلى اصطفافه السياسي “الطبيعي”. وكان حري بهم أن يتوحدّوا حول شخصية جامعة لرئاسة الجمهورية قبل أن تضيع هذه الرئاسة من بين أيديهم. 

Advertisement

المعلومات المستقاة من بكركي أن لا مكان للسياسة في “خلوة بيت عنيا”. فلا البطريرك الراعي سيتطرق إلى المواضيع السياسية في عظته، التي يُرجّح أن تكون مستوحاة من المعاني الروحية لـ “اربعة أيوب”، وإجراء مقارنة بين ما تحمّله أيوب من مصائب وبين ما يتحمّله الشعب اللبناني في هذه الأيام، التي لم يشهد مثيلًا لها حتى في أيام المجاعة.  
فالنواب المسيحيون سيصومون في هذا اليوم عن السياسة وعن الكلام المباح. فالصلاة والتأمل مطلوبان فيه قبل أي أمر آخر. وقد يكون صاحب الدعوة تقصّد إبعاد السياسة عن هذا اللقاء، لأنه يدرك مسبقًا أن أي كلام سياسي سيؤدّي إلى نتائج عكسية عن تلك التي أريد لهذا اللقاء الروحي، وبالأخصّ في أسبوع الالآم، الذي يسبق القيامة. 
إلاّ أن هذا اللقاء المخصّص للصلاة والتأمل والتوبة والممنوع فيه الكلام السياسي سينتهي كما بدأ، أي من دون نتيجة. فالصلاة والصوم مطلوبان من كل مؤمن في كل آن وأوان، لأنه “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”، ولكن في هذا الظرف العصيب، الذي يمرّ فيه البلد، فإن الصلاة وحدها لا تنفع ما لم تُقرن بالأفعال، إذ “ليس كل من يقول يا رب يا رب يدخل ملكوت السماء.  
المطلوب من غبطة البطريرك ومن السادة المطارنة، الذين سيكونون حاضرين في هذا “اللقاء الروحي”، أن يضعوا نقطة على سطر الخلافات المارونية – المارونية. فمسؤوليتهم في هذا الظرف المصيري تاريخية. والمطلوب أيضًا هزّ عصا من أُعطي مجد لبنان، الذي لم يُعطَ لأحد غيره. هي تلك العصا المفروض أن تفصل بين الماضي والحاضر، وأن يُضرب بها البحر فينشّق، ليتمكّن اللبنانيون من العبور إلى حيث الأمان، وإلى حيث ما تفرضه الحقائق التاريخية من وحدة موقف لا خلاص من دونها. 
فـ”الجهد” الذي بُذل للمواجهة الطائفية لـ “الساعة الشتوية” كان يُفترض أن ينصبّ على ما هو مفيد أكثر. وكان على الذين “دبّوا” الصوت دفاعًا عن “غيرة الدين” أن يوحدّوا كلمتهم ويذهبوا إلى “ساحة النجمة” بموقف واحد لا بأربعة أو بثلاثة مواقف. وكان عليهم قبل أن يطلبوا من الآخرين ما يجب أن يطلبوه من أنفسهم أولًا أن يتوافقوا على مرشح أو أثنين أو ثلاثة، على أن يتمّ انتخاب الأفضل، أو المقبول أكثر من جميع المكونات السياسية الممثلة في شكل أو في آخر في مجلس النواب. 
الصلاة مفيدة بكل تأكيد، وكذلك التوبة، ولكنها توبة مشروطة. وأول شروطها العزم على العمل لعدم تكرار الخطأ المُتاب عنه.  
فيا نواب الأمة المسيحيين صوموا وصلّوا في “أربعة أيوب”. وبعد الصلاة والصوم والتوبة اذهبوا وانتخبوا رئيسًا. وإن لم تفعلوا فإن صلاتكم وصومكم وتوبتكم ستذهب هباءً. فما قيمة الصلوات إن لم تكن وسيلة خلاص.