قاعدتان اساسيتان تحكمان موقف المملكة العربية السعودية من ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، القاعدة الاولى هي رفض الرياض لاي رئيس يكون متحالفا بشكل كامل مع حزب الله، اذ انها لا تريد تكرار تجربة حكم الرئيس ميشال عون، وهذه الثابتة السياسية في العقل السعودي، تجعل من الموافقة على فرنجية امرا صعبا بالرغم من كون علاقته الشخصية بالمملكة جيدة.
اما القاعدة الثانية فهي تجنب الرياض لفكرة التخلي عن حلفائها وتحديدا حزب القوات اللبنانية، اذ وبالرغم من ان السعودية غير مبالية بشكل كبير للواقع اللبناني وكيفية تطوره الا انها لن ترضى بكسر حلفائها الاساسيين لان الامر سيؤثر على نفوذها السياسي في المدى المنظور…من هنا تبني السعودية موقفها الرئاسي، علما انها تراجعت وبشكل تدريجي عن مطلبها برئيس يواجه الحزب، ولعل التطورات الاقليمية الايجابية جعلتها اقرب الى الموافقة على رئيس جديد للجمهورية يكون مقبولاً من كل الاطراف والقوى السياسية بمن فيهم “حزب الله”، لذلك فإن الضغط الذي يحصل اليوم يهدف الى فرض تسوية مرضية للجميع.لكن، وفي ظل كل هذا المسار، ظهر مجددا رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بخطاب راديكالي، وطرح في الاعلام وفي جلساته الخاصة مسألة الفيديرالية على اعتبارها خيارا جدياً يمكن الدفع بإتجاهه في حال استمر الواقع السياسي على حاله الذي يهدد الوجود المسيحي.يقول خصوم باسيل ان خطابه وخطاب تياره في الايام والاسابيع القليلة الماضية لا يطمئن السعودية خصوصا وأنه يحمل في طياته بذور ضرب روحية اتفاق الطائف،وهذا سيؤدي بشكل او بآخر الى تخطي احد اهم الخطوط الحمراء للرياض، وعليه فإن الخطوات السياسية الاستباقية باتت امرا لا مفر منه.تهدد لعبة التعطيل التي تلعبها بعض الاحزاب المسيحية وتحديدا التيار الوطني الحر، الاستقرار السياسي بالكامل وتجعل من الفوضى السياسية امرا مطروحا مع ما يستتبع ذلك من انهيار كامل للمؤسسات الدستورية، يوصل في نهاية المطاف الى طرح فكرة المؤتمر التأسيسي او تغيير النظام وغيرها من العناوين، وقد يوصل في اسوأ الاحوال الى فيديرالية الامر الواقع.هذا السلوك الخطيرة الذي يعتمده التيار الوطني الحر للضغط على حلفائه الداخليين قد ينقلب عليه، اذ ان الامر قد يدفع السعودية الى الاسراع في التسوية والقبول بشخصية مسيحية متصالحة مع النظام السياسي الحالي وليس لديها اي افكار مرتبطة بالتقسيم والفيديرالية، فهل يقّدم باسيل لفرنجية ما لم يكن بالحسبان؟