في ظلّ إنسداد الحلول في الملف الرئاسيّ داخليّاً، مع تشدّد “الثنائيّ الشيعيّ” في إيصال رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، وعدم تأمين الأصوات الكافية لانتخابه، مع معارضة “القوّات اللبنانيّة” و”الكتائب” و”التيّار الوطنيّ الحرّ” وغيرهم من النواب غير المسيحيين الإقتراع له، تحرّك رئيس الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” وليد جنبلاط هذه المرّة خارجيّاً، في محاولة جديدة منه للتسويق لتسويّة سياسيّة ومرشّحٍ وسطيّ، علّه يُساهم في كسر الجمود، وتّتفق فرنسا مع المملكة العربيّة السعوديّة على إسم قادرٍ على جمع اللبنانيين.
Advertisement
وتأتي جولة جنبلاط الباريسيّة بعدما لمس عدم رغبة من قبل “حزب الله” و”حركة أمل” بالتوافق على أيّ شخصيّة وسطيّة كان قد طرحها عليهما، ضمن اللائحة الثلاثيّة التي قدّمها لهما. ووفق مراقبين، فإنّ لدى رئيس “التقدميّ” قناعة بأنّ ما يتّفق عليه الخارج قد ينسحب سريعاً على الداخل، وهو يُراقب الوضع في المنطقة والتقارب الإيرانيّ – السعوديّ باهتمام، وما يُمكن أنّ يعود على لبنان من إيجابيّات نتيجة عودة التواصل الدبلوماسيّ بين طهران والرياض.
ويُضيف المراقبون أنّ كلّ ما يجري في الخارج ينعكس بسرعة على لبنان، فإذا توافقت السعوديّة مع فرنسا على إسم المرشّح الرئاسيّ، فهذا سيكون تطوّراً مهمّاً وقد يبني العديد من الأفرقاء توجّههم الرئاسيّ وفقاً لما سينتج عنه من إجتماعات باريس. في هذا الإطار، يرى مراقبون أنّ حركة جنبلاط تأتي عكس جهود “الثنائيّ الشيعيّ” الراميّة إلى إيصال فرنجيّة، فالهدف من تحرّك “زعيم المختارة” هو التسويق لأسماء وسطيّة تنال توافقاً فرنسيّاً وسعوديّاً، علماً أنّه أعلن أنّ نوابه ليسوا بوارد الإقتراع لأيّ مرشّح “تحديّ”، أكان فرنجيّة أم غيره، لأنّ لا جدوى في ظلّ الإنقسام النيابيّ الجديد داخل مجلس النواب من إنتخاب مرشّحٍ ينتمي إلى احد المحاور.
ويقول المراقبون إنّه بعد عدم تجاوب “حزب الله” و”أمل” مع مبادرته الداخليّة، فضّل جنبلاط التحرّك عربيّاً وأوروبيّاً، للتشديد على أنّه من دون تسويّة لن يكون هناك من حلّ للأزمة الرئاسيّة. ويُتابع المراقبون أنّه لو أراد فعلاً توجيه نواب كتلته للتصويت لفرنجيّة، أو أنّ إتّصالاته مع حارة حريك وعين التينة أفضت لنتيجة، لما كان جنبلاط يستطلع الخارج ويُبادر للدفع نحو انتخاب مرشّح توافقيّ، من باب تجنيب البلاد أوّلاً مراوحة سياسيّة كما كان الوضع عليه منذ 6 سنوات وحتّى الآن، وثانيّاً، لتجنيب المسيحيين صراعاً جديداً، بسبب الخلاف الكبير بينهم، وبعد عدم التوافق بين معراب وميرنا الشالوحي وبنشعي لا على فرنجيّة ولا على قائد الجيش ولا على شخصيّة أخرى حتّى اللحظة، وخصوصاً وأنّ الحوار المسيحيّ ظروفه لم تتأمن لانعقاده، وقد استُبدل بخلوة صلاة في حريصا، لن يتمّ التطرّق فيها للملف الرئاسيّ.
وبحسب المراقبين، فقد بنى جنبلاط خياره الرئاسيّ الجديد بعدما دعت السعوديّة اللبنانيين إلى الحوار بهدف إختيار رئيسهم، وبعدما لم يتوصّل رئيس مجلس النواب نبيه برّي لتوافق مع السفير وليد بخاري حول سير المملكة بفرنجيّة، في آخر لقاء جمعهما منذ فترة قصيرة، في عين التينة. ويُضيف المراقبون أنّه يكفي أنّ تُبارك الرياض لأحد الأسماء الوسطيّة كي يسير به هو، وأقلّه “القوّات” وكتلة “الإعتدال الوطنيّ”.
ولكن في المقابل، تعتبر أوساط سياسيّة أنّ كلّ الجهود الراميّة إلى إنهاء الفراغ الرئاسيّ لصالح مرشّح غير فرنجيّة، ستُواجه باعتراض من قبل “حزب الله” و”أمل”، اللذين لن يتخليا عن حليفهما المسيحيّ بالسهولة التي يعتقدها جنبلاط. فمن دون التوافق التامّ بين السعوديّة وطهران، وتنازل الأخيرة عن دعم مرشّحين ينتمون إلى محور المقاومة في المنطقة، لن يُبدلّ السيّد نصرالله موقفه من رئيس “المردة”، وخصوصاً وأنّ الإدارة الفرنسيّة مقتنعة أنّ حظوظ الأخير متقدّمة على غيره من الأسماء، لهذا السبب دعته إلى باريس، واجتمعت معه، ولا تزال تُحاول إقناع السعوديّة به.