عندما بدأ النائب جبران باسيل التصعيد ضد “حزب الله”، لم يكن قد مضى على لقائه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله سوى عدة ايام.
يومها سرّب باسيل محضر جلسته مع نصرالله معلنا انه لن يسير بالتسوية ولن ينتخب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، حتى ان بعض العونيين نقل عن باسيل كلاما يقول فيه انه يستطيع ان يرفض طلب شخص تخاف منه اسرائيل.
يومها حاول باسيل تحقيق هدفين، الاول قطع الطريق على نفسه في مسألة انتخاب فرنجية، اذ ان تصعيده العلني ضد الرجل يجعل تراجعه تحت اي اغراء مستحيلا، والثاني ابتزاز “حزب الله” بالتحالف معه، اذ يعتقد باسيل بأن الحزب كان مستعداً لفعل اي شيء للحفاظ على التفاهم.
شيء ما كان خاطئاً في حسابات باسيل، ولم يحصل ما خطط له.
تدحرج الخلاف بين باسيل وحزب الله حتى وصل الى مستويات غير مسبوقة، ولعل التيار الوطني الحر الذي تحالف مع الحزب منذ العام ٢٠٠٦، اختبره كحليف، لكنه يجهل تماما كيف يفكر “حزب الله” كخصم، لذلك فهو اليوم يتفاجأ ببرودة الحزب وبكيفية رده على هجوم التيار، لكن الاكيد ان باسيل اليوم يبحث عن مخرج من العزلة التي وضع نفسه بها.
واحدة من ادوات باسيل لاستعادة التحالف مع الحزب كانت التقارب مع “القوات اللبنانية”، للقول ان “التيار”قادر على التحالف مع ألد خصم لحارة حريك وانشاء جبهة مسيحية كبيرة ضده، لكن القوات، ووفق كل التسريبات الاخيرة، ليست في وارد تقديم هكذا خدمة لباسيل، وهي ليست في وارد فك الحصار عنه من جهة، ولا مساعدته بالعودة الى حلفه السابق.
لكن مَنْ يمد حبل الخلاص لباسيل؟ يحاول باسيل عقد تحالفات خارج تحالف السابق مع حزب الله وقد تواصل مع النواب السنّة في المرحلة الماضية لكن اشتباك”التوقيت الصيفي”، وهجومه الكبير المستمر على موقع رئاسة الحكومة انهى اي فرصة تقارب مع الكتل والنواب السنّة.
حتى نواب التغيير الذين يتواصلون بشكل جيد مع باسيل ليسوا في وارد الذهاب الى اكثر من التشاور معه، على اعتبار ان الامر سيشكل لهم مقتلاً في الشارع، لان الثورة كانت بشكل اساسي ضد رئيس التيار.
وعليه فإن باسيل اليوم امام خيارين إما التنازل امام حزب الله وهذا لن يكون مفيدا له شعبياً ، او الاستمرار بالمكابرة والذهاب الى عزلة غير مسبوقة.
تقترب التسوية السياسية في لبنان بغض النظر عن حجم الاشتباك الحالي، الا ان المسار في المنطقة يجنح بسرعة نحو ترتيب الاوراق بين القوى السياسية، فهل يقرر التيار الوطني الحر البقاء بعيدا عن اي توافق في ظل احاديث بدأت تخرج من داخل البيت العوني بأن “التيار”، لن يوقع ، كما فعل الرئيس عون عام 1990.