قالت “نداء الوطن” انه وسط ترقّب غالبيّة القوى السياسيّة مجريات الإتصالات الإقليمية والدوليّة لاستشراف معالم الإستحقاق الرئاسي في لبنان، تشخص الأنظار محلياً إلى الإستحقاقات النقابية التي تشكّل إختباراً جدياً للتوجّهات السياسيّة في البلد، على أبواب الإطاحة بالإنتخابات البلدية والإختيارية المفترض إجراؤها خلال شهر أيار المقبل.
فبعد الإنتخابات التي شهدتها نقابة المهندسين في الشمال الأسبوع المنصرم، يستعدّ 47 ألف مهندس إستوفوا شروط المشاركة في الإنتخابات من بين 66 ألف منتسب إلى نقابة المهندسين في بيروت، للمشاركة في انتخاب 5 أعضاء لمجلس النقابة في 15 من شهر نيسان الجاري، وسط تخوّف المتابعين من انخفاض نسبة المشاركة في هذه الإنتخابات.ويتألف المجلس الذي يرأسه منذ العام 2021 النقيب عارف ياسين، من 15 عضواً يمثلون الفروع السبعة في النقابة، إلى جانب ممثلين عن الهيئة العامة. إذ يتمّ وفق النظام الداخلي لنقابة المهندسين، تجديد 5 أعضاء سنوياً من بين الـ15، يتوزّعون بين ممثلين عن فرعين، وثلاثة من الهيئة العامة. وإذا كان إنتخاب الأعضاء في الهيئة العامة يتمّ في دورة واحدة، إلّا أن إنتخاب الفروع يتمّ على مرحلتين. وتعدّ الأولى «تأهيليّة»، عبر انتخابات داخليّة لمرشحين من الإختصاص ذاته، تؤدي إلى تأهّل 5 من بينهم لاستكمال المعركة أمام الهيئة العامة في المرحلة الثانية.وتتوزّع المقاعد المنتظر انتخابها على:- رئاسة الفرع الثاني الذي يضمّ المهندسين المعماريين الإستشاريين. ويتنافس على هذا المقعد كلٌ من: إيلي حاوي، شربل ثلج، هالة يونس، بسام علي حسن، وعادل طاهر.- رئاسة الفرع السادس الذي يضمّ الموظفين والمتعاقدين في الدولة. ويتنافس على هذا المقعد كلٌ من: محمد الحجار، يوسف عبيد، سلمان صبح، وسام قبيسي، وعبد الله اسماعيل.- أمّا المقاعد الثلاثة المتبقّية، فهي مخصّصة لتمثيل الهيئة العامة في مجلس النقابة. ووصل عدد المرشحين على هذه المقاعد إلى 25 مهندساً، وهم: سامر وليد واكيم، وليد حداد، محمّد السيّد، روي داغر، شربل حايك، محمد شومان، نبيل تابت، محمد الغزيري، شارل فاخوري، جمال حيدر، راشد سركيس، شربل فراج، محمد عزام، أمين الكوش، شربل ترزيخان، محمد زنكر، جمال المكاوي، شارل رزق، محمود حيدر، دنيا عبود، جهاد شاهين، جورج غانم، اكرم الخوري، حسن دمج، وهاشم الريحاني.التحالفاتوإلى أن تتّضح معالم التحالفات بين القوى المؤثرة في هذا الإستحقاق، فإنّ نتائج المرحلة الأولى وانخفاض نسبة المشاركة في الفرع الثاني إلى ما دون الـ 10 في المئة، شكّلا رسالة واضحة لانتفاء وهج الحالة الثورية التي أدّت إلى اكتساح «النقابة تنتفض» 9 مقاعد في انتخابات العام 2021، واقتناصها مركز النقيب. ويبدو أنّ الأحزاب السياسيّة عبر تحالفاتها تمكّنت من إعادة استنهاض حالتها النقابية. فالتحالف المدعوم من «القوات اللبنانية» و»الكتائب» ومجموعات من المهندسين المستقلين تمكّن عبر المرشحين إيلي حاوي وشربل ثلج من اجتياز المرحلة الأولى. كما فعل أيضاً التحالف المدعوم من «حزب الله» وحركة «أمل» و»تيار المستقبل» الذي نجح في إيصال المرشحين بسام حسن وعادل طاهر. لتحتفظ بذلك «قوى التغيير» عبر المهندسة هالة يونس، بقدرتها على الخرق بمقعد وحيد.وإذ رأى بعض المتابعين أن النتائج الأولية لهذا الإستحقاق تشكّل رسالة واضحة لمحاسبة أداء مجلس «النقابة تنتفض»، كما الأداء السياسي السيئ لـ»قوى التغيير» منذ دخولهم إلى المجلس النيابي، فإنّ هذه القوى أي «التغيير»، ترى في هذه النتائج مؤشراً خطيراً لجهة استعادة الإنقسام الطائفي العمودي، بين تحالف الأحزاب المسيحية مقابل تحالف الأحزاب الإسلاميّة. وتطرح نفسها كخيار من خارج هذا الإصطفاف لخوض هذه الإنتخابات باسم «مصممون». وتحظى بدعم الحزب «الشيوعي اللبناني» وبعض المجموعات التي شاركت في لوائح «النقابة تنتفض» في العام 2021.وتخوض «مصممون» الإنتخابات عبر المهندسة هالة يونس المرشحة على رئاسة الفرع الثاني، وعبر المرشح لتمثيل الهيئة العامة المهندس روي داغر.وتوضح يونس لـ»نداء الوطن» أنّ حملة «مصممون»، تشكّل إمتداداً للتيار الرافض استخدام النقابة في خدمة التجاذبات السياسية في البلد، واستكمالاً لمسار «نقابتي»، و»النقابة تنتفض»، ومن أجل متابعة تنفيذ برنامجهم بعدما حالت الظروف دون ذلك، إلى جانب 4 عناوين أخرى وهي:1 – التأكيد على أنّ أموال النقابة هي مدّخرات إجتماعية لا يجوز اقتطاع أي جزء منها، والعمل على إعادة تحريك ملف مقاضاة المصارف.2 – إشراك مهندسي بيروت في إعادة إعمار المرفأ الذي يوازي إعادة إعمار بيروت بعد الحرب.3 – المتابعة المرتبطة بمزاولة المهنة، والسعي إلى تطوير المناهج الجامعية عبر إختصاصات جديدة تساهم في تعزيز فرص العمل للمهندسين.4 – إعادة النظر بقانون البناء ليشكّل ضامناً لخدمة المدينة والمجتمع وليس لخدمة المطورين العقاريين.ومع حسم «مصممون» مرشحتها هالة يونس في الفرع الثاني، الذي لطالما كان محسوباً على قوى المعارضة، فإنّ الإتصالات ما بين «القوات – الكتائب – المستقلين» وآخرين، لم تصل إلى درجة الحسم، أكان لجهة دعم إيلي حاوي أم شربل ثلج، وهذا ما ينطبق أيضاً على التحالف المدعوم من الثنائي الشيعي.وإذ تغيب المنافسة الجديّة عن الفرع السادس الذي يشكل إمتداداً لأحزاب السلطة التي لطالما حوّلت مؤسسات الدولة أداة لتنفيعاتها الحزبية، فإن المنافسة على 3 مقاعد في الهيئة العامة من شأنها أن تعكس التوجّهات السياسية في البلد.«القوات»وفي السياق، يوضح رئيس مصلحة المهندسين في القوات اللبنانية جاك غصن لـ»نداء الوطن»، أنّ «القوات» تخوض الإنتخابات عبر نائب رئيس مصلحة المهندسين، سامر واكيم، المرشح عن أحد مقاعد الهيئة العامة. وأنها بصدد استكمال الإتصالات مع الحلفاء لدعم أحد المرشحين المؤهلين لاستكمال المعركة في الفرع الثاني بعد دعم المرشحين شربل حاوي وإيلي ثلج في المرحلة الأولى.ويضع غصن تشاور «القوات» مع الحلفاء الطبيعيين في الكتائب ومجموعات الثورة والمهندسين المستقلين، كما الحزب الإشتراكي في إطار التعاون الإنتخابي الطبيعي من أجل الوصول إلى أكبر تحالف يساهم في إيصال مهندسين نقابيين ذوي خبرة يعملون على إعلاء الشأن النقابي وإرساء نهج مختلف ومتقدّم في العمل، وذلك عبر تحديث ومكننة العمل النقابي، وتعزيز دور المندوبين وإشراكهم في القرارات المصيرية، والتحفيز على استخدام الطاقة المتجدّدة، وتعزيز التعاون والتواصل بين نقابتي بيروت وطرابلس، وإدخال تعديلات على صندوق التقديمات الإجتماعية من دون المسّ في جوهره التعاضدي، وإعادة درس وضع التأمين الصحي للمتقاعدين ومعاشات التقاعد، وغيرها من العناوين التي تتضمّن أيضاً دعم الأفكار والمهارات المتميزة وخلق فرص لها.وإذ تخوض الكتائب الإنتخابات في الهيئة العامة عبر المهندس وليد حدّاد، فإنّ للحزب «الإشتراكي» مرشّحين وهما: يوسف عبيد لرئاسة الفرع السادس، ومحمد السيّد لعضوية الهيئة العامة.وفي هذا الإطار، أوضح منسّق قطاع المهندسين في الحزب التقدمي الإشتراكي المهندس وائل سليقا لـ»نداء الوطن» أن صورة التحالفات لم تتّضح بعد، رغم أنّ توجّه الحزب في المرحلة الأولى، إنصبّ لدعم مرشحين نقابيين يضعون في سلّم أولوياتهم تغيير أداء النقابة «الفاشلة». وشدّد على أن عنوان المرحلة الأولى كان «تصحيح المسار»، أي مسار النقابة المتدهور، بعيداً عن محاولات البعض الترويج للإنقسام الطائفي في الإنتخابات من أجل تبرير الفشل.وشدد على أنّ إخفاقات مجلس النقابة كبيرة جداً، رغم وصول 9 أعضاء من ضمن تحالف واحد في العام 2021. ولفت إلى أنّه كان بإمكان هذا المجلس فرض القرارات الإصلاحية من أجل وضع النقابة على المسار الصحيح. وأكّد أنّ التروّي في حسم التحالفات في الإنتخابات نابع من الحرص على إيصال أشخاص أكفاء من جميع الأطياف السياسيّة بعيداً عن الدخول في لعبة الفرز الطائفي.إلى ذلك، توقّف المتابعون عند استئناف «تيار المستقبل» نشاطه النقابي رغم قرار قيادته تعليق العمل السياسي، وذلك عبر مشاركته في المرحلة الأولى من الإنتخابات إلى جانب تحالف «الثنائي الشيعي»؛ في حين أوضحت أوساط مقرّبة من هذا التحالف، أنّ الصورة النهائية للتحالفات من المرتقب أن تنضج مطلع الأسبوع المقبل، الأمر الذي يسري أيضاً على «التيار الوطني الحر» الذي يخوض الإنتخابات عبر دعم مرشحين مستقلين ومقرّبين منه. (نداء الوطن)