صحيحٌ أنّ الأزمة خانقةٌ جداً إقتصادياً ومالياً وأنّ رمضان جاءَ وسط تردّي الأوضاع أكثر فأكثر.. إلا أنه ومع ذلك، تبقى هناك لحظاتٌ من الأمل تعطي بوادر بأنّ لبنان لا ينكسر، وأنّ حركة المواطنين فيه ستبقى مستمرّة ولن تقيّدها أزمات أو انتكاسات.
في رحاب شهر رمضان المُبارك، وفي ظلّ عيد الشعانين ، سترى اللبنانيين متمسكين بإحياء الأيام الفضيلةِ من دون تردّد، فيكرّسون ما لديهم من طاقات من أجل الإستمرار والصمود. حقاً، المشهدُ هذا دليل خير، فالأماكن الإستهلاكية للتبضع من أجل الإفطار وأمور أخرى تعجّ بالمواطنين رغم الغلاء.. هنا، يسأل الكثيرون: من أين يأتي الناس بالأموال؟ طبعاً الكلام هنا مشروعٌ ولكن الجانب الآخر له إيجابيّ محض، ويدلّ على أن المواطنين ما زالوا قادرين على تأمين حاجاتهم، وبالتالي فإنَّ الأزمة المالية ستنكسر طالما أنّ هناك قدرة شرائية مستمرّة، وطالما أن هناك أموالٌ تتحرّك داخل البلد وتُنعشه إقتصادياً.
مع كل هذا، فإنّ اجتماع الناس لمساعدة بعضهم في رمضان لهو تأكيدٌ على أن “النخوة” كبيرة.. أمّا ما يجعل النفس ترتاح قليلاً فهو إجتماعٌ الكثيرين على موائد الخير.. حقاً وبقوّة، الخيرُ في رمضان الذي تتجلى فيه بركات الرحمن.. صُدقاً وفي ظل الأوضاع الصعبة، “الله بيدبر”، فأيام الشهر الفضيل تمضي والكلّ يتدبر أموره برضى وقبول.. و”الله ما بيقطع حدا” من بركاته وعظمتِه وعطاءاته.
كذلك، وفي ظلّ “أحد الشعانين”، أمس، فان الزياحات في ساحات الكنائس والشوارع وخروج الأطفال مع ذويهم لحمل شمعة العيد وسط أجواء الفرح والبهجة، كلها دليلٌ على أنّ لبنان بخيرٍ حقاً.. الأساسُ هنا أن الإرادة كبيرة، فلا انكسار، والإرتباطُ بالإيمان في رحاب وطن الرسالة هو خير إشارة على أننا متمسكون بالحياة، ولا سقوط أبداً في براثنِ الإندثار والهلاك.. من يلاحظ مشاهد “أحد الشعانين” سيقفُ أمام أمور كثيرة أبرزها: هناك أملٌ بأن يقوم لبنان من محنته بالصلاة، وهناك قوة رائعة عند المواطنين بأنّ لبنان لن يخسرَ تنوعه وحبّه للحياة..
حقاً، يعدّ نيسانُ من العام الحاليّ أساساً رائعاً لإجتماع الإيمانيات مع بعضها البعض.. هنا، تتجلّى الوحدة والمحبّة بين أبناء الوطن الواحد.. وبالصورة التي نشهدها، سنقول أن لبنان ما زال بألف خير.. حقاً، بألف خير!!!