في اليومين الماضيين بدأ بعض الناشطين الاساسيين وبعض القياديين في التيار الوطني الحر الاشادة بموقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. الاشادات الاعلامية ترافقت مع اصرار عوني علني وفي السر على التقارب مع القوات وفتح قنوات تواصل مع معراب بشكل مباشر وهذا ما يرفضه جعجع حتى اللحظة.
يشعر العونيون انهم حققوا انتصارا على فرنجية، اذ ان وضع جعجع قيودا لنفسه عبر تصريحات علنية تجعل من تأمينه النصاب لانتخاب رئيس المردة امرا صعبا، بل شبه مستحيل، وعليه فإن الغطاء المسيحي لم يعد ممكنا في المدى المنظور. لذلك فإن “التيار”يحاول التهليل لموقف معراب وتشجيعها عليه حتى لو حسن ذلك من صدقية جعجع في الشارع المسيحي، كما يعتبر مسؤول في” التيار”.في الاسابيع الماضية تقاطعت مواقف القوات والتيار وحزب الكتائب اللبنانية على قضايا كثيرة واستطاعوا تحقيق مكتسبات سياسية نتيجة هذا التقاطع، فمثلا، تمكنت الكتل المسيحية من منع اي جلسة تشريعية بالرغم من ان جميع القوى المسلمة كانت تدعم هذا الخيار، كما ان المسيحيين عطلوا الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري من خلال مقاطعته.ولعل معركة التوقيت الصيفي، اظهرت ان القوى المسيحية قادرة على الضغط عندما تحوّل القضية الى قضية مسيحية، خصوصا ان البطريركية المارونية تسير عادة مع الوحدة المسيحية، من هنا ظهر المسيحيون قدرة جدية على التعطيل لم تكن جلية في السابق في ظل الانقسام السياسي للقوى المسيحية بين قوى الثامن من آذار والرابع عشر منه.هذه التقاطعات لن تكون كافية، خصوصا في حال حصول تسوية كبرى وتوافق اقليمي ودولي على اسم الرئيس مثلا، عندها يمكن للقوى المسيحية ان تبقى خارج التسوية وتكرر مشهد العام ١٩٩٠، لذلك فإن الانتقال الى المرحلة الثانية تبدو واجبة من منظار مسيحي، اقله من اجل تجنب الخسارة السياسية الكبرى.واحدة من الخطوات الاستراتيجية التي يمكن اتخاذها هي عقد تحالف سياسي جدي بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، اذ ان هكذا تحالف سيعني ان الحزبين المسيحيين الابرزين سيخوضان المفاوضات حيال اي تسوية مطروحة سويا، ولن يترك احدهما الاخر في لحظة حساسة، ولن يكون الضغط السياسي او المواجهة عشوائية، بل منظمة ولها اهدافها المحددة.من دون خطوات كبرى بين المسيحيين سيبقى الواقع المسيحي عرضة للاختراق السياسي، وستصبح التسوية على القطعة مع هذا الطرف او ذاك ممراً لجعل كل التقدم التكتيكي الذي حقق في الاسابيع الماضية كأنه لم يكن…