وصل وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي الى بيروت أمس للاجتماع برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والاطلاع منهما على المشهد السياسي وآخر تطورات الملف الرئاسي، بينما عاد الوزير السابق سليمان فرنجية من زيارته” الرئاسية” إلى باريس.
وكتبت” النهار”: قد تتمثل اخر الخلاصات الأكثر تعبيرا عما آلت اليه “الوساطة” او المساعي او الجهود الفرنسية في ملف ازمة الاستحقاق الرئاسي في لبنان في المعلومات التي برزت في الساعات الأخيرة عن اتجاه باريس الى توسيع حلقة مساعيها بما يؤكد ان زيارة رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لباريس لم تنه ورقة ترشيحه، ولكنها لم تدفعها قدما، بل ان الحاجة الى توسيع الحلقة يعكس اتجاها مختلفا جديدا لدى الفرنسيين. ذلك ان مندوب “النهار” في باريس سمير تويني افاد بان العاصمة الفرنسية باتت في صدد توجيه دعوات جديدة إضافية الى شخصيات لبنانية مرشحة او يجري تداولها بجدية للترشح لرئاسة الجمهورية وعدم الاكتفاء بالدعوة التي وجهتها الى فرنجية والتي طلبت منه خلالها تقديم أفكاره والضمانات اللازمة في سياق المشاورات والاتصالات التي تتولاها باريس مع شركائها من الدول في صدد السعي الى انهاء ازمة الفراغ الرئاسي في لبنان. وإذ لم تعرف بعد الشخصيات التي يمكن ان تتلقى دعوات مماثلة لتلك التي تلقاها فرنجية، بدا من الواضح ان باريس تسعى الى اطلاق دينامية جديدة حيال الملف اللبناني الرئاسي بدليل ان تحريكها لهذا الملف دفع بالملف الرئاسي الى مقدم الأولويات مجددا واحتل صدارة المشهد الداخلي منذ نهاية الأسبوع الماضي. ومع ذلك بدا واضحا ان فرنجية وان لم يتبلغ مباشرة توقف الدعم الفرنسي لترشيحه، فان طلب الضمانات منه عكس مراوحة الاستحقاق الرئاسي مكانه وعدم تقدمه كما ان فرص فرنجية نفسها تراجعت ولم تتقدم رغم التلطيف الديبلوماسي الذي غلف التسريبات الفرنسية عن نتائج الزيارة .
ونقلت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين عن مصدر فرنسي رفيع قوله حول زيارة فرنجية انه قدم للمستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل الذي استقبله في الاليزيه بصحبة الوزير السابق روني عريجي الجمعة، الضمانات المطلوبة فرنسيا بالنسبة لعدم استخدام الثلث المعطل وتعطيل حكومة برئاسة رئيس حكومة اصلاحي يكون نواف سلام اوغيره على ان يتيح له ان ينفذ الاصلاحات والا يذهب الى دمشق اذا كانت مكونات كثيرة في البلد تعارض ذلك وان يسعى لمساعدة رئيس الحكومة على اخراج لبنان من ازمته ولا يعطل عمله. وقال المصدر ان الحوار كان مباشرا واصفا اياه بانه كان واضحا. واضاف ان هناك تقدما على خط التحاور مع السعودية بالنسبة لهذه الضمانات ولكن باريس لم تحصل بعد على رد سعودي نهائي وهي مستمرة في العمل .وسألت “النهار” المصدر اذا كانت الرئاسة الفرنسية ستدعو مسؤولين مسيحيين غير فرنجية الى لقاءات أخرى فأوضح انه سبق لدوريل ان التقى معظمهم وهو سيستمر في لقائهم والتحاور معهم.اما مصادر “المردة” فقالت من جانبها لـ”النهار” بأن لا صحة لكل ما تردد على ألسنة كثيرين من ان باريس طلبت من فرنجية الاعتذار وعدم استكمال ترشحه. وكان التركيز من مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الادنى باتريك دوريل على الحصول على “جملة من الضمانات” من فرنجية في حال وصوله الى سدة الرئاسة من خلال مقاربته لأدارة الحكم وشكل مجلس الوزراء وتعاطية مع الوزراء وصولاً الى كيفية الخروج من الازمة الاقتصادية والمالية التي تهدد ما تبقى من البلد والمؤسسات. وكانت هناك جولة من الطرفين في قراءة مستقبل العلاقة مع “حزب الله” الذي اعلن مبكراً بأن كتلته النيابية ستقترع لفرنجية . وجرى حديث مستفيض في “الاستراتيجية الدفاعية” وسلاح الحزب. وأخذ موضوع العلاقات مع بلدان الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية مساحة كبيرة حيال كيفية فتح صفحة لبنانية جديدة معها.وكتبت” الاخبار”: حطّ فرنجية في بيروت، بعدَ يوميْن من التوقعات. صحيح أنه بدا لمن تحدث إليه بعدَ عودته مرتاحاً جداً، لكنه كان أيضاً واقعياً. فلا هو عادَ والرئاسة في جيبه، ولا عادَ من دونها «الأمور لا تزال على حالها وتحتاج إلى وقت». والأهم في ما نقل عن فرنجية بعد عودته أن الفرنسيين جزموا له «بأن النقاش حول ترشيحك مع الآخرين لم يقفل بتاتاً» كما يقول مقربون منه، أشاروا إلى ضرورة عدم المبالغة في التقديرات، وإن كان فرنجية «بالنسبة إلى الفرنسيين على رأس قائمة المرشحين، لكنهم يتحدثون إلى آخرين أيضاً».أكدت مصادر سياسية بارزة أن «ما تأكد من الزيارة حتى الآن هو إبلاغ فرنجية بأن اسمه كمرشح لا يزال متصدراً في قائمة الفرنسيين، من دون إيهامه بأن التطورات الإقليمية قد تبدّلت لمصلحته». وهو سمِع من الفرنسيين أنهم لم يتمكنوا بعد من كسر الطوق السعودي حوله، وأن موقف الرياض منه لم يتبدل، لكنهم مستمرون في دعمه بالتزامن مع:أولاً، مبادرة مصرية تطرح تشكيل مجموعة 5+1، تهدف إلى ضمّ إيران إلى المجموعة الخماسية التي تتولى البحث في الملف اللبناني (أميركا، فرنسا، قطر، مصر، السعودية)، على أن تنتقِل الاجتماعات إلى الرياض، كخطوة إيجابية مُطمئِنة للمملكة.ثانياً، إبلاغ إيميه جنبلاط خلال وجوده في باريس الإصرار على التمسك بفرنجية، رغمَ محاولة الأخير إقناعه بصعوبة وصوله.ثالثاً، التنسيق الذي تقوم به باريس مع قوى لبنانية داخلية تدعم ترشيح فرنجية، والاتفاق على أن يعلن الأخير ترشيحه بشكل رسمي بعدَ تحضير برنامجه بشكل يجيب من خلاله الداخل والخارج على كل الأسئلة المتعلقة بعدد من الملفات ويكون مُطمئناً، بدءاً من التعامل مع رئيس الحكومة وملفات اللاجئين السوريين وضبط الحدود والأجندة الإصلاحية سياسياً واقتصادياً ومالياً. علماً أن فرنجية لا يزال يربط هذا الترشيح بالحصول على إشارة سعودية إيجابية.رابعاً، حراك قطري سيبدأه وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، الذي وصل إلى بيروت ليل امس، لإبقاء التواصل مع كل القوى السياسية واستكشاف آفاق تسوية محتملة حول اسم المرشح الرئاسي. علماً أن القطريين، بحسب ما تقول مصادر مطلعة، أكثر براغماتية وواقعية في تعاملهم مع الملف الرئاسي.وكتبت” نداء الوطن”: كشفت الجولة الاخيرة من المشاورات التي شهدتها باريس، ان مرشح “الثنائي الشيعي” سليمان فرنجية غير مطابق للمواصفات على اكثر من صعيد داخلي وعربي ودولي، فانبرى “حزب الله” الى شن حملة رفض لكل بديل، وصولاً الى المجاهرة برفض أي تفكير في وصول رئيس للجمهورية يتولى إبرام إتفاق مع صندوق النقد الدولي، كجزء من خطة النهوض لإخراج لبنان من قعر هاوية أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية قاطعاً الطريق على جهاد أزعور. وما يثير الغرابة، ان قصر الاليزيه، الذي يتمسك بواجب الوقوف على خاطر “الحزب” ولم يسقط خياره رئاسياً، أي فرنجية، لا يتوقف عن وعظ لبنان بوجوب الاتفاق مع الصندوق.ينتقل اليوم مشهد المشاورات من باريس الى بيروت، بوصول وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي. ووفق جدول اللقاءات الرسمية، سيلتقي الخليفي أيضاً قائد الجيش العماد جوزف عون. ومن المستبعد أن يكون الوزير القطري حاملاً “غصن زيتون” مبادرة جديدة لحلّ الأزمة اللّبنانية، علماً أن هذه الزيارة منسّقة مع الرياض. أما طهران التي زارها المسؤول القطري الذي كان ممثلاً لبلاده في اللقاء الخماسي في باريس في 6 آذار الماضي، فبدت مشغولة بملف اتفاق بكين، كما أعلن امس وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وقال إنه سيجري مشاورات مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال يومين.واكتفى مصدر مقرب من تيار المردة بالقول لـ»اللواء»: ان نتائج الزيارة كانت «تأكيد المؤكد»، ولم يُعطِ تفاصيل اضافية. لكن ثمة من فهم هذه العبارة على انه مستمر بترشيحه لرئاسة الجمهورية من دون الاعلان رسمياً عن ذلك لحين اتضاح نتائج المسعى الفرنسي مع السعودية، بناء للضمانات التي طلبتها المملكة. والتي اعطاها او سيعطيها فرنجية.