المعارضة ترفع السقف.. ماذا لو رست التسوية على اسم فرنجية؟!

7 أبريل 2023
المعارضة ترفع السقف.. ماذا لو رست التسوية على اسم فرنجية؟!


توازيًا مع الحراك الإقليمي والدولي النشط هذه الأيام على خط الملف اللبناني، وخصوصًا استحقاق رئاسة الجمهورية، منذ تحريك الفرنسيّين لقنواتهم، وصولاً إلى زيارة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية إلى باريس، والتي أعقبتها زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية، محمد بن عبد العزيز الخليفي، إلى بيروت، والتي قيل إنّها “مجدولة مسبقًا”، يستمر “الجمود” طاغيًا على الحراك الداخلي، الذي يراوح مكانه بصورة أو بأخرى.
 
لكن، وبخلاف “المرونة” التي يعكسها “أصدقاء لبنان”، في ظلّ معطيات تتحدّث عن التحضير للقاء خماسي جديد في المقبل من الأيام، وهم الذين يبدون انفتاحًا على مختلف المرشحين الرئاسيين، من دون أحكام مبرمة أو مسبقة، ويرفضون الانجرار إلى “لعبة الأسماء”، يُلاحَظ “توجّس” لدى البعض في لبنان، عبّرت عنه المعارضة في الأيام الأخيرة، برفعها السقف لحدّ إشهارها “الفيتو” في وجه فرنجية، المرشح المصنَّف حتى الآن بين “الأوفر حظًا”.
 
وإذا كان موقف معارضي فرنجية واضحًا في هذا السياق، وإن “تناقضوا” في ما بينهم في الطروحات، ولم يتقاطعوا إلا على فكرة رفض الرجل، فإنّ علامات استفهام تُطرَح عن موقفهم في حال رست “التسوية” عليه، وهو احتمال قائم بالنظر إلى المتغيّرات الحاصلة في سماء الإقليم، فماذا لو لم تكن السعودية مثلاً رافضة له، كما يجزم هؤلاء المعارضون، خصوصًا بعدما قيل عن “ضمانات وتعهّدات” انتزعتها منه باريس لإيصالها للرياض؟!
 
موقف “نهائي”؟!
 يقول العارفون إنّ “التسوية” متى حان أوانها، فهي ستشمل الجميع، بمعزل عن المستوى الذي قد يبلغه “رفع الأسقف” في هذه المرحلة، وهو ما أثبتته التجارب السابقة، ومنها تجربة الاستحقاق الرئاسي السابق، حين كان اسم ميشال عون مرفوضًا بالمطلق في المرحلة الأولى، ليُنتخَب في نهاية المطاف بموجب تسوية انخرط بها خصومه قبل حلفائه، وهو سيناريو يمكن أن يتكرّر اليوم، سواء مع فرنجية، أو مع أيّ مرشح آخر.
 
لكنّ هذه الفرضية تبدو، حتى الآن، مرفوضة من قبل قسم واسع من المعارضة، خصوصًا المسيحية، وعلى رأسها حزبا “الكتائب” و”القوات”، إذ تقول أوساط الأول إنّه سيعارض أيّ “تسوية” من هذا النوع اليوم، تمامًا كما عارضها قبل ستّ سنوات، علمًا أنّه ذهب أبعد من غيره بالرفض من خلال قيادة مشروع “التمرد” عبر الدعوة إلى تعطيل نصاب أيّ جلسة ستفضي لانتخاب مرشح “حزب الله”، رغم وصفه هذا التكتيك سابقًا بـ”البدعة”.
 
أما أوساط “القوات” فتؤكد بدورها، أنّها لن تكرّر ما تعتبره “خطيئة” القبول بـ”تسوية” انتخاب مرشح “حزب الله” رئيسًا، نافية بذلك كل ما يتردّد عن أنّ “القوات” ستؤمّن نصاب أيّ جلسة إذا ما حصلت أيّ “تسوية”. وتشدّد على أنّ موقف “القوات” هذا “نهائي ولا رجعة فيه”، بمعزل عن مواقف الحلفاء والأصدقاء، علمًا أنّ “التمايز” بهذا المعنى حصل ويحصل على الكثير من الملفات، من دون أن يفسد ذلك في الودّ قضية، وفق تعبير الأوساط.
 
استحقاق “سيادي”
 ضمن القوى المعارضة لترشيح فرنجية، يبرز أيضًا “التيار الوطني الحر” الذي ذهب بعيدًا في المعارضة، لحدّ إعلان “شبه طلاق” مع “حزب الله” المتمسّك بدعم رئيس تيار “المردة”، والذي يصرّ على أنّ المقاربة كانت خاطئة من البداية، لأنّ أيّ “تسوية” على فرنجية أو غيرها، لا يمكنها أن تبصر النور، إذا ما تجاهلت موقف القوى المسيحية الأساسية، و”التيار” على رأسها، أو قفزت فوقها كما هو حاصل اليوم.
 
وتعتبر أوساط “الوطني الحر” أنّ “التيار” ليس من يُسأَل عن موقفه من أيّ “تسوية” إقليمية أو دولية يمكن أن ترسو على اسم فرنجية أو غيره، لأنه ليس ممّن يربط موقفه بمواقف الدول والقوى الأخرى، بل هو يصرّ على أنّ الاستحقاق يجب أن يكون سياديًا بامتياز، وأنّ جهود الدول الصديقة “المشكورة” لا يمكن أن تحلّ مكان القوى السياسية اللبنانية التي يبقى عليها لعب دورها في انتخاب رئيس إصلاحي، بمعزل عن موقف الخارج منه.
 
ورغم أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل سبق أن فتح قنوات مع الخارج، وتحديدًا مع قطر التي زارها أكثر من مرّة، إلا أنّ أوساطه تعتبر أنّ المفتاح الوحيد لحلّ الأزمة، يبقى في “التلاقي” بين “التيار” و”القوات اللبنانية”، وهو تلاقٍ يمكن أن يفضي إلى توافق على مرشح واحد يشكّل “نقطة وسطى”، طالما أنّهما يلتقيان ضمنًا على رفض ترشيح فرنجية، ولو اختلفا في مكان ما على الأسباب والتبعات.
 
حتى الآن، يصرّ المعارضون لترشيح فرنجية على أنّ موقفهم “نهائي”، وأنّ أيّ “تسوية” لا يمكن أن تدفعهم لتغيير رأيهم، علمًا أنّ “التسوية” في منظور هذه القوى يفترض أن تقوم على الذهاب إلى مرشح “وسطي” من خارج الاصطفافات، بعيدًا عن منطق “الغالب والمغلوب”. لكنّ التجارب أثبتت أن “لا مستحيل في السياسة”، فما حصل سابقًا قد يتكرّر اليوم، علمًا أنّ التسوية التي يُحكى عنها قد تأخذ شكل “السلة المتكاملة”، وهنا بيت القصيد!