جامعة الروح القدس – الكسليك احتفلت برتبة سجدة الصليب

7 أبريل 2023
جامعة الروح القدس – الكسليك احتفلت برتبة سجدة الصليب


احتفلت جامعة الروح القدس – الكسليك برتبة سجدة الصليب، ترأسها الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأب العام هادي محفوظ، بمشاركة السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، وعاونه فيها مجمع الرئاسة العامة في الرهبانية وأعضاء من السلك الديبلوماسي الفاتيكاني، رئيس جامعة الروح القدس الأب طلال هاشم ولفيف من آباء دير الجامعة، وفاعليات سياسية وأمنية وديبلوماسية وقضائية ودينية وإعلامية وتربوية واجتماعية، وأعضاء مجلس الجامعة وحشد من المؤمنين، في قاعة البابا يوحنا بولس الثاني في حرم الجامعة الرئيسي.

وبعد القراءات وتلاوة الأناجيل الأربعة، ألقى الأب العام محفوظ عظة قال فيها: “مشهد ليس كسائر المشاهد، فهو يسلك الدرب مباشرة الى القلب، وهناك، في القلب، تقف أمامه بانحناء. مشاعر التأثر والانذهال العميقين. إنه مشهد يسوع المعلق على الصليب الذي يطبعنا، بشكل مؤثر ومذهل جدا. إنه مشهد ليس كسائر المشاهد لأنه يخبر عن حدث جرى مرة واحدة في التاريخ، ولكن مفاعيله تتخطى كل زمان ومكان. هو مشهد ليس كسائر المشاهد لأن كلا منا يستطيع قراءة وجوده ووجود الآخرين، على ضوئه. كم توالت أجيال من المؤمنين تأملت فيه، خصوصا في يوم الجمعة العظيمة”.وأضاف: “اليوم نتأمل في هذا المشهد بشكل مميز، فيبدأ كل منا النظر والسماع، النظر إلى يسوع المصلوب، وسماع صوته في الكلمات التي لفظها على الصليب: “إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟”. هو مشهد ينبهنا ألا نبقى خارجه، متفرجين. فسرعة جري الحياة، أو الروتينية التي قد تضرب البعض منا عند الاشتراك في الاحتفالات الدينية والاجتماعية، أو مظهر عبثية أحداث الحياة في بعض الأوقات، قد تدفع البعض الى عدم التفاعل مع هذا المشهد الوجودي الذي باستطاعته تغيير حياتنا إن نحن نظرنا اليه جيدا وسمعنا جيدا الرسالة التي يوجهها الينا.إنه مشهد يعني الله ويعني كل إنسان، يعني كلا منا مباشرة. لذا، نريد أن نشترك فيه، أن ندخل في منطقه، فنفقه سر السماء، ومنطق السماء، يلاقي منطق الأرض، على الصليب بالذات. عندها نفهم أن أمور السماء هي هنا على الأرض، وأن ما نعيشه على الأرض مرتبط كل الارتباط بعلاقتنا بالسماء”.واعتبر أنه “إزاء المشهد القاتم الذي نتيقنه، نبقى عارفين حق المعرفة نهاية قصة الصليب والموت. إنها القيامة. الصليب ليس النهاية وفي طياته تنجلي القيامة. أول البارحة، في تعليم الأربعاء، قال قداسة البابا فرنسيس متكلما عن الرجاء بعد الصليب: “في ذهن التلاميذ بقيت صورة ثابتة، صورة الصليب. هناك كانت نهاية كل شيء. لكن هناك، سرعان ما اكتشفوا بداية جديدة في الصليب … هكذا يبرعِمُ الرجاءُ في الله، يولد، ويولد من جديد في الأنفاق السوداء لتوقعاتنا التي فشلت” (البابا فرنسيس، تعليم الأربعاء 5 نيسان 2023).هذه هي قصة الصليب: بؤس شديد وعنيف مع رجاء عميق لا يتزعزع ويولد السلام للذات، إذ إن الكلمة الأخيرة ليست للموت ولأشكاله ولا للظلم والعزلة والوحدة والقهر. إنما الكلمة الأخيرة هي لله، لانتصار محبته ومجده في القيامة. ولا ينتصر الله وتنتصر القيامة على الموت واشكاله فقط في المستقبل، في الحياة الأخرى، بل إن هذا الاختبار ممكن أيضا في كل لحظة من حياتنا على الأرض”.وخلص: “من كل ما سبق، نستطيع القول إن علينا قراءة واقعنا اللبناني على ضوء مشهد الصليب، حيث البؤس ممزوج بالرجاء، وحيث المصالحة الدائمة والمتجددة ضرورية من أجل عيش الرجاء والفرح والهناء. هذه المصالحة هي أولاً مصالحة مع الذات، ومصالحة مع الآخرين، ومصالحة مع مبدأ الخير العام ومع فكرة الدولة وبنية الدولة ومع المواطنية، ومصالحة مع فكرة المسؤولية في المجتمع. هي مصالحة مع الذات فيها يتيقن كلٌ منا، كلٌ منا بدون استثناء، أنه حري به، أو بها، أي بكل منا، تحملَ المسؤولية في ما آلت اليه حضارة مجتمعنا وثقافته. غالبًا ما نتقاذف الاتهامات ويكون حديثنا مطبوع بالسلبية فننعي وضعنا. وغالبًا ما نلقي اللوم على مجموعات، خصوصًا على الذين هم في سدة المسؤولية في المجتمع، وننسى أن هؤلاء هم منا، من طينتنا، من ثقافتنا، وأن مجتمعنا أنتج وصولهم الى المسؤولية. بدل ممارسات تسمرنا في جو حقد ولا تسير بنا الى الأمام، نستطيع أن نكون بنائين، شفافين، وفي الوقت عينه، شاجبين أعمال أشخاص يؤذون الخير العام، وذلك، بدون أن نستعمل لغة الأحقاد، بل نحن نشجب ونحاسب بمسؤولية من أجل انتظام المجتمع وازدياد الخير فيه، للجميع. لذا علينا التفكير، جميعِنا، جميعِنا، قبل أي أمر، علينا التفكير في كيفية تطعيم ثقافتنا، أي طريقة عيشنا وطريقة تفكيرنا التي أوصلتنا الى شبه موت، بحضارة القيامة وثقافة القيامة. لا شك في أن علينا تغليبَ فكرة الخير العام وانتظامِ العمل في الآليات في المجتمع، واحترام ِكل انسان، خصوصا الضعيف بيننا”.وختم محفوظ: “معكم، أريد أن أجدد التأمل في يسوع المصلوب، أن أنظر إليه وأسمع صرخته على الصليب، وأتيقن سر القيامة في خضم الموت. في كل ذلك خلاص لكل متأمل، لأن مشهد يسوع المصلوب هو فعلا مشهد ليس كسائر المشاهد”.وختاما حمل الآباء نعش المسيح وجالوا في أرجاء القاعة مقيمين الزياح.