انحسرت عاصفة التصعيد على الحدود الجنوبية اللبنانية لكن الحذر بقي سيد الموقف خوفا من عمليات جديدة.
وسادت حال من الترقب والحذر الشديدين في القطاعين الاوسط والشرقي في اعقاب القصف الصاروخي والمدفعي الذي حصل مساء اول من امس واستهدف مستعمرة المطلة في الجانب الاسرائيلي وسهل الخيام في الجانب اللبناني، وتزامن ذلك مع استنفار إسرائيلي في المواقع الحدودية الامامية تخللته احيانا طلعات استكشافية للطيران الاسرائيلي في سماء القطاعين قابله في الجانب اللبناني دوريات مكثفة للجيش اللبناني بالتنسيق مع قوات اليونيفيل على طول الحدود وفي القرى والبلدات الواقعة ضمن عمل اليونيفيل بهدف ضبط الوضع والحفاظ على الامن والاستقرار في المنطقة.
اما على الخط الرسمي فقد أعلن انه بعد التشاور مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أوعز وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب الى بعثة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة في نيويورك تقديم شكوى رسمية الى مجلس الامن الدولي على أثر القصف والإعتداء الاسرائيلي المتعمد فجر امس لمناطق في جنوب لبنان، مما يشكل إنتهاكا صارخا لسيادة لبنان وخرقا فاضحا لقرار مجلس الامن الدولي ١٧٠١، ويهدد الاستقرار الذي كان ينعم به الجنوب اللبناني.
وكتبت” النهار”: ان مشهد التفلت والتسيب والاستباحة الذي طبع الوضع منذ لحظة تفلت الصواريخ من حقل القليلة وحتى الرد الإسرائيلي المحدود فجرا قرب مخيم الرشيدية قد أعاد لبنان الى الوراء اكثر فاكثر ورسخ أسوأ الوقائع التي ارتفعت مع سحب الصواريخ المتفلتة . في منطقة القرار 1701 والانتشار العسكري اللبناني – الاممي بدا لبنان واليونيفيل كأنهما سيان لا يملكان أي قدرة على الضبط والردع ومنع عودة استخدام الجنوب ارض استباحة لاي فصيل فلسطيني او سواه ولا أيضا، وهنا الأهم والأخطر، للحسابات الإقليمية والداخلية التي تدفع بـ”حزب الله” الى التمتع بمرجعيته الميدانية المتفوقة التي تركته “يرعى” اطلاق حليفته “حماس” صواريخها من الجنوب متسببة بوضع لبنان امام خطر حرب جديدة مع إسرائيل.
لم يكن غريبا ان يثير الاهتزاز الأخطر للوضع عند الحدود منذ حرب 2006 الشكوك العميقة الإضافية في ما سمي أخيرا ملف الضمانات التي قدمها مرشح الثنائي الشيعي رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الى فرنسا . واثيرت هذه الناحية الجوهرية من زاوية عقم الكلام عن أي قدرة لفرنجية او حتى أي مرشح سواه على لجم هذه المغامرات في حين ان حليفه وداعمه ومرشحه الأساسي أي “حزب الله” لا يتوانى عن رعاية او تغطية او القيام باي عمل يلبي ارتباطاته وحساباته دون اخذ المصالح السيادية والأمنية والاقتصادية اللبنانية في حساباته الا في الدرجات الخلفية . وهو امر سيترك الأثر الثقيل بقوة على مطالع المرحلة السياسية الاتية في ظل تداعيات هذه الجولة.
وكتبت”الشرق الاوسط”:أثارت عملية إطلاق القذائف الصاروخية من جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل المخاوف على الوضع الأمني في الجنوب، وطرحت علامات استفهام حول تظهير دور حركة «حماس»، وفرضها لاعباً أساسياً في الأمن اللبناني، وهو ما أحيا في ذاكرة اللبنانيين مرحلة «فتح لاند» في سبعينات القرن الماضي، التي مكنت رئيس السلطة التنفيذية ياسر عرفات (أبو عمّار) من تحويل لبنان إلى منصّة للعمل العسكري ضدّ إسرائيل مستفيداً من «اتفاق القاهرة».
وقرأ مراقبون في العملية التي يعتقد أن جهات فلسطينية قامت بها بمباركة «حزب الله»، تأسيساً لمرحلة جديدة من المواجهة، قد تطيح بقرار مجلس الأمن الدولي 1701.
المعطيات السياسية تفيد بأن عملية إطلاق الصواريخ لم تأت كردّ فعل على اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين، وليست رداً على الغارات الإسرائيلية على مواقع لإيران و«حزب الله» في العمق السوري، بل أتت بعد ساعات من لقاء جمع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية بأمين عام «حزب الله» حسن نصرالله، والحديث عن غرفة عمليات مشتركة لقوى المقاومة.
اما في الأصداء الدولية حيال هذه التطورات فأكدت فرنسا أمس “تمسكها الراسخ بأمن إسرائيل وباستقرار لبنان وسيادته”. وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرنسوا ديلما: “نحض جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد”، مؤكدا أن فرنسا “تدين بشدة الهجمات الصاروخية العشوائية التي استهدفت الأراضي الإسرائيلية انطلاقا من غزة وجنوب لبنان.”