يستمر الكباش السياسي في لبنان بشكل غير مسبوق، إذ إن القوى السياسية لا تبدو آبهة بكل ما يجري الحديث حوله من مفاوضات وتسويات وحلول في المنطقة بعد الاتفاق السعودي- الايراني والذي يبدو ان تبعاته الايجابية ستطال تفاصيل صراعات ساخنة في كل دول المنطقة.
لكن كل هذة التطورات الحاصلة في المشهد الاقليمي لم تبدّل شيئاً في مواقف القوى السياسية المحلية التي تبلغ ذروتها حدّة سواء على المستوى السياسي العام أو على المستوى الرئاسي بشكل أدق، إذ لم تخرج أي من القوى الاساسية بخطاب تمهيدي يوحي بنوع من أنواع التراجع الملحوظ أو التنازل الجدّي، بل لا تزال خطوط الاشتباك السياسي بين هذه القوى متجمدة عند المربع الاول الذي بدأ حتى قبل الفراغ الرئاسي، أي أن “القوات اللبنانية” وعلى سبيل المثال، لا تزال متمسكة بترشيح رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوض، في حين ان “حزب الله” وحلفاءه لا يزالون أيضاً قابضين على ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية .
من المعلوم أن أياً من الجبهتين لم يتمكنا من تأمين أكثرية واضحة ودستورية تمكّن أحداً من مرشحيهما من الوصول الى القصر الجمهوري، حتى أن “حزب الله”، وحتى اللحظة، قد فشل في التأثير على حليفه “التيار الوطني الحر” لا من بعيد ولا من قريب، بل لا يزال الاخير على موقفه أيضاً الراغب بالوصول الى شخصية ثالثة تكون مقرّبة من رئيس “التيار” النائب جبران باسيل وهذا ما لن ترضى به أي من القوى السياسية ما بين حليف أو خصم “لتكتّل لبنان القوي”.
من جهة اخرى، وعلى هامش الاشتباك المستعرّ بين مختلف القوى، بدأ الحديث عن إمكان قيام بعض القوى السياسية بخطوات تراجع تكتيكية في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن ثمة رغبة دولية عارمة لدى بعض الاطراف المعنية بالملف الرئاسي، وتحديداً فرنسا، بالوصول الى تسوية ملائمة وسريعة، لذلك فإن الضغوط قد تنتج تنازلات من هذه القوى او تلك بهدف إبرام تسوية رئاسية توصل شخصية جديدة الى قصر بعبدا.
وعلى الرغم من أن “القوات اللبنانية” لا تزال على موقفها الأساسي وهي الاكثر تمسكاً من بين قوى المعارضة باستمرار ترشيح معوّض، الا ان الاحاديث التي تدور في الكواليس السياسية ترجّح أن تكون “القوات” الطرف الذي سيتلقّف لحظة التسويات للقيام بخطوة ما الى الامام، إن كان عبر التقارب مع الفريق الاخر أو بتأمين النصاب الدستوري لجلسات الانتخاب وذلك من شأنه أن يؤمّن “للقوات” بدورها حصة ونفوذاً وحضوراً واسعاً في العهد المقبل.