يبالغ بعض المتابعين للشأن السياسي اللبناني بقرب الوصول الى حل مقبول من مختلف الافرقاء يؤدي الى انهاء الازمة السياسية ووضع حد للفراغ الرئاسي عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، على اعتبار ان كل التحولات في المنطقة توحي بأن امواج التسوية ستطال الشواطئ اللبنانية في وقت قريب جدا، ولن يكون بمقدور احد عرقلة الامر.
عند الحديث عن التسوية يطرح اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بإعتباره المرشح الوحيد الذي يتم تداول اسمه في الجولات الديبلوماسية، ولأنه الشخصية التي يدعمها حزب الله، الرافعة السياسية الاكبر في الداخل اللبناني والمستعد لتقديم تنازلات في مقابل ايصاله الى القصر الجمهوري.لكن هذا السيناريو قد لا يكون محسوما او منطقياً، فبإستثناء فرنسا، لا يوجد دولة اخرى متحمسة للحل في لبنان، او مستعجلة لاتمام تسوية في هذه اللحظة المليئة بالتحولات والتطورات التي لن يكون معلوما كيفية تدحرجها سلبا ام ايجابا.الاكيد ان الولايات المتحدة الاميركية ليست مستعجلة للذهاب الى حل سياسي كامل في لبنان، بل على العكس، يكاد الجناح الذي يؤيد الوصول الى الانهيار الكامل والفوضى الشاملة يتقدم على اصحاب نظرية منع الانهيار، لذلك فإن واشنطن غير متحمسة للحل السريع، بل تفضل، في كل الاحوال، استمرار الضغوط الحالية لاطول فترة ممكنة.بدورها لا تزال المملكة العربية السعودية عند موقفها القديم من الحياة السياسية اللبنانية وهي غير مهتمة بشكل جدي بالتفاصيل الداخلية وعليه، وان كانت لا تضع فيتو بالمعنى الحرفي على هذا المثال او ذاك من التسويات، فهي لن تسهل الحلول المطروحة على الطريقة الفرنسية، وقد لمس المعنيون هذا التوجه السعودي بشكل واضح خلال الاسابيع القليلة الماضية.في المقابل لم تطرح ايران بعد مطالبها اللبنانية، او على الاقل لم يقل “حزب الله” ما يقبل به وما يرفضه في اي تسوية مقبلة. كل ما طرحه هو اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية كمقدمة للحل، لكن هناك وجهة نظر قريبة من فريق حزب الله السياسي ترى انه كلما ابتعدت التسوية كلما تحسنت ظروفها الاقليمية والدولية.لذلك فإن الحديث المتفائل عن اقتراب التسوية والحل في لبنان بسبب النشاط الديبلوماسي المتزايد ليس دقيقاً، اذ ان الفراغ الرئاسي مستمر ولن يكون انتخاب الرئيس الجديد خلال المدى القريب، بل قد يتجه البلد الى مزيد من الفراغات الادارية والدستورية في اطار الكباش الحاصل..