ذاكرة الحرب في زمن السلم: لا شيء تغير!

12 أبريل 2023
ذاكرة الحرب في زمن السلم: لا شيء تغير!


كتبت سابين عويس في” النهار”: في عشية مثل هذا اليوم من العام ١٩٧٥، اندلعت شرارة حرب اهلية دامت لعقد ونصف من الزمن، ليستعيد لبنان بعدها استقراره السياسي والامني، من دون ان يسترجع شعبه سلامه الحقيقي. فالبلد المنقسم طائفياً وحزبياً ابان الحرب لا يزال على حاله بعد ٤٨ عاماًعلى بدئها، و٣٣ عاماً على انتهائها. واذا كانت تلك الحرب اعتمدت المدافع والرصاص وسيلة تخاطب بين ابطالها، فإن لبنان يعيشها اليوم بلغة مختلفة، انما بالادوات ذاتهاوالابطال انفسهم.

قد يكون صوت المدافع قد صُم مع انتهاء الحرب وسلوك لبنان طريق اعادة الاعمار والتعافي،لكن لغة الشحن الطائفي والمذهبي لم تخفت ابداً، معيدة على الدوام الى الذاكرة مشاهدبشعة من حقبات الـ٧٥. واقع رافق اللبنانيين في يومياتهم بحيث لم تخجل القوى السياسية من نبش احقاد الماضي ومجازره عند كل منعطف او لدى كل محطة تحتاج الى تجييش شعبي، وهي لا تزال حتى الساعة تستغل المشاعر الطائفية لاثارة النعرات من دون الاخذ في الاعتبار التداعيات الخطيرة لهذا الامر في ظل وضع اقتصادي واجتماعي ومالي متهالك، يقف امامه اللبنانيون على حافة الهاوية.لا يشي المشهد العام في البلاد على مختلف المستويات، معطوفاً على الاداء السياسي لاصحاب القوة والنفوذ بالطمأنينة أو ان اللبنانيين قادرون على السيطرة والامساك بزمام الأمور . لكن رغم هذه المشهدية وآخر تجلياتها استعمال الجنوب منصة لاطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل، فهي لا ولن تؤدي الى اندلاع الحرب. والسبب ان البلاد اساساً في حرب وانما من نوع آخر. فالحرب الاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية لا تقل خطراً عن الحرب العسكرية، مع فارق ان الاخيرة تحتاج الى تمويل كبير غير متوافر، في حين ان الحرب الاقتصادية تقوم على الضغط والافقار والعزل.لدى سؤاله عن مدى استعداد امراء الحرب العودة اليها، يذهب مراقب سياسي الى القول بان لبنان لم يخرج اساساً من منطق او نهج الحرب، بل هو في اطول وقف لاطلاق النار. فأمراء الحرب لم يحسنوا استغلال السلم الذي قُدم لهم في وثيقة الطائف، ولم يبنوا بلداً،ولم يقيموا نظاماً ولم يطبقوا دستورًا كما انهم لم يذهبوا الى مصالحة حقيقية في مابينهم. ويمكن تبين ذلك اليوم في اي شارع كان مسيحياً او مسلماً. نشهد على ذلك بين”القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، كما لدى “حزب الله”-“أمل”، كما الأحزاب الاخرى.واكثر ما يقلق في هذه المشهدية عودة الحديث عن لبنانين، ما يدلل الى استمرار مؤشرات الانقسام والاصطفاف السياسي والطائفي على امتداد البلد.