صراع جديد… ماذا تُريد أميركا والسعوديّة وإيران من لبنان؟

14 أبريل 2023
صراع جديد… ماذا تُريد أميركا والسعوديّة وإيران من لبنان؟


 
لا يُمكن فصل لبنان عما يجري في محيطه من تقارب دبلوماسيّ لافتٍ بين السعوديّة وسوريا من جهّة، والرياض وطهران من جهّة ثانيّة، بعد قطيعة دامت لسنوات، وأثّرت على الوضع الداخليّ اللبنانيّ سياسيّاً وإقتصاديّاً. وأمام مشهد إعادة فتح القنصليّات والسفارات بين المملكة وطهران ودمشق، لا تزال البلاد تترنّح بين خيارين، إمّا التوجّه أكثر نحو الدول “الممانعة” التي تنتمي إلى محور “المقاومة”، وإمّا المحافظة على الحياد وتشييد أفضل العلاقات مع الجوار.

 
وتبقى المعركة الرئاسيّة من أبرز العوامل التي ستُحدّد هويّة لبنان في السنوات الستّ المقبلة، وقد ترافق هذا الأمر مع إطلاق صواريخ من الجنوب باتّجاه الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، وزيارة قام بها رئيس المكتب السياسيّ لحركة “حماس” اسماعيل هنية للأمين العامّ لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله، في إشارة إلى أنّ هناك مشروعاً لتوحيد الساحات ضدّ العدوّ الإسرائيليّ، من إيران وصولاً إلى سوريا وبيروت وغزة، بحسب ما يرى مراقبون، لاستغلال الضعف السياسيّ والإحتجاجات في تل أبيب، والمعارضة القويّة بوجه بنيامين نتنياهو، وانضمام عسكريين إسرائيليين إلى هذه التظاهرات.
 
من هنا، فإنّ “حزب الله” سيتشدّد أكثر بوصول رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، فالأخير لم يُعلّق على أحداث الجنوب التي جرّت قبل أسبوعٍ، فيما على سبيل المثال رفض رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ” النائب جبران باسيل إستعمال الأراضي اللبنانيّة لأعمال عسكريّة تقوم بها جهّات خارجيّة. ويقول مراقبون إنّ تمسّك “الحزب” بخياره الرئاسيّ سيُؤزّم التسويّة التي تقوم بها السعوديّة وفرنسا وقطر ومصر والولايات المتّحدة الأميركيّة، فهو لن يرضخ لأيّ إسمٍ آخر، وخصوصاً بعد تداول معلومات غربيّة عن قيامه بتسليح “حماس” بالصواريخ، إضافة إلى البدء بمشروع تطويق إسرائيل عبر الحركات المقاومة من ثلاث جهّات، من الجنوب وفلسطين وأيضاً من سوريا.
 
ويعتبر المراقبون أنّ “حزب الله” بدأ بأخذ وتثبيت لبنان فعليّاً في محور الممانعة، وأيّ رئيس وسطيّ أو “سياديّ” سيكون خطراً على مشروعه في المنطقة. ورغم أنّ العلاقات الثنائيّة تعود شيئاً فشيئاً إلى طبيعتها بين طهران والرياض ودمشق، سيبقى لبنان ساحة للتجاذب بينها، وخصوصاً وأنّه من المستبعد أنّ يتأثر إيجابيّاً بالتقارب السعوديّ – الإيرانيّ، ولا مؤشرات توحي بأنّ هناك حلحلة في الموضوع الرئاسيّ.
 
ويرى المراقبون أنّ الصراع بين هذه الدول على لبنان أصبح رئاسيّاً، فإيران تعمل على إقامة دول ممانعة تُحاصر إسرائيل وتخنقها عسكريّاً، وهذا لا يتحقّق من دون فرنجيّة. في المقابل، تدعو المملكة إلى انتخاب رئيسٍ جامعٍ، ينال دعم كافة الأفرقاء اللبنانيين، بهدف تحييد البلاد عن الصراعات الداخليّة والخارجيّة، ولا يضعها عرضة للحروب التي لا شأن لها فيها، لمعالجة المشاكل الإقتصاديّة، ووضعها على سكّة التعافيّ الماليّ.
 
ويلفت المراقبون إلى أنّ فرنجيّة عبّر في مناسبات عدّة عن رغبته بإقامة علاقات جيّدة مع محطيه العربيّ، بدءاً من إعادة إحياء التنسيق والتواصل بين لبنان وسوريا، كذلك، مع الدول الخليجيّة وإيران، وتطبيق إتّفاق الطائف الذي تُنادي السعوديّة بالعودة إليه عند كلّ أزمة سياسيّة تعصف بالبلاد. ولكن، يوضح المراقبون أنّ رئيس “المردة” سيتعاطى لو انتُخب مع الدول العربيّة من منطق الإحترام والصداقة، ولن يتدخّل في أعمال “حزب الله” وإيران وحركة “حماس” إنّ استُعملت مرّة جديدة أراضي الجنوب، لإطلاق الصواريخ باتّجاه المستوطنات الإسرائيليّة.
 
ويعتبر المراقبون أنّ أقسى ما قد يُقدم عليه فرنجيّة، هو استنكار ردّة الفعل الإسرائيليّة، من قصف بعض المناطق اللبنانيّة التي انطلقت منها القذائف، ورفع شكوى مع فريق حكومته عليها أمام الأمم المتّحدة، إذ أنّ هذه السياسة التي يتّبعها لبنان في الآونة الأخيرة، عندما يحصل أيّ عمل عسكريّ من أراضيه ضدّ إسرائيل، لتجنّب الدخول في سجال مع “حزب الله”، علماً أنّ الأخير يتحكّم بقرار الحرب والسلم، ويُوجّه الرسائل إلى العدوّ عندما يُريد، ويردّ عسكريّاً من دون الرجوع إلى الدولة.
 
ويقول المراقبون إنّ لبنان لطالما كان صندوق بريد لتوجيه الضربات لإسرائيل، والولايات المتّحدة الأميركيّة لن تقبل بأنّ يستمرّ الحال على ما هو عليه، من هنا، لا يزال الخلاف كبيراً بين الدول الخمس التي تُعنى بالشأن الرئاسيّ اللبنانيّ على المرشّح، فواشنطن ليس من مصلحتها بقاء لبنان في محوّر يُعاديها ويُعرّض حليفتها في الشرق الأوسط إسرائيل لخطر الحروب والأعمال العسكريّة، لذا وضعت “فيتو” على فرنجيّة وعلى أيّ شخصيّة أخرى من 8 آذار، وهي تطمح لوصول رئيسٍ إمّا “سياديّ”، وإمّا “وسطيّ”ككقائد الجيش الذي يعلم أهميّة سيادة البلاد، ولديه علاقات ممتازة مع الإدارة الأميركيّة والدول العربيّة، ولن يسمح بجرّ لبنان إلى صراعات جديدة، مع تأزّم الأوضاع المعيشيّة والإقتصاديّة.