نشر موقع “أتلانتك كاونسل” مقالاً قال فيه إن الهدوء المشحون عاد إلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية بعد أيام من إطلاق مجموعة مجهولة وابلاً من الصواريخ على إسرائيل من لبنان، معتبراً أن ما حصل يمثل أخطر موجة عنف تشهدها المنطقة منذ أكثر من 16 عاماً.
واعتُبر هجوم 6 نيسان الذي تم خلاله إطلاق 34 صاروخاً من نوع غراد عيار 122 ملم من قطاع ساحلي جنوبي صور في جنوب لبنان باتجاه المستعمرات الإسرائيلية، بمثابة رد على اعتداء قوات الأمن الإسرائيلية على المصلين في المسجد الأقصى. ومن بين 34 صاروخا، تم اعتراض 25 صاروخاً بواسطة نظام القبة الحديدية المضادة للصواريخ، وقد أصيب مدني إسرائيلي واحد على الأقل، وألحقت أضرار بمركبات ومنازل.ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن القصف الصاروخي الذي أعقبه مساء يوم 6 نيسان إطلاق مجموعة من قذائف الهاون أو الصواريخ قصيرة المدى من منطقة مرجعيون باتجاه منطقة المطلة شمال الجليل. وحينها، نقلت قناة “العربية” عن مصادر قالت إنه ينتمي إلى “حزب الله” إن الأخير ليس مسؤولاً عما حصل، رغم عدم وجود تعليق رسمي من الحزب. وبعد بعض المداولات، ألقت إسرائيل باللوم علناً على الجماعات الفلسطينية.
وقال اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، “إن ما جرى يمثل حدثاً فلسطيني التوجه”، مشيراً إلى أن مسؤوليته قد تكون عند حركة “حماس” أو حركة “الجهاد الإسلامي في لبنان”.ورداً على ذلك، قصفت إسرائيل أهدافاً في غزة بـ50 طناً من القنابل، كما شنت غارات جوية على 3 أهداف جنوب صور، أحدها قريب من مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين.وبحسب التقرير الذي نشره موقع “أتلانتك كاونسل”، فإن هناك العديد من النقاط المستفادة من هذا الانفجار الأخير على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية:”أولا، من المرجح أن منفذي إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على غرب وشمال الجليل كانوا من عناصر حزب الله، وليسوا أعضاء في حماس أو أي فصيل فلسطيني آخر.وبحسب مصادر اليونيفيل، فإن هناك 6 مواقع نصبت فيها قاذفات صواريخ، لكن 3 منها فقط استخدمت، واكتشف الجيش اللبناني قاذفات مزودة بصواريخ غير مطلقة في المواقع الثلاثة الأخرى، في حين أن 4 مواقع كانت في بساتين البرتقال شمال قرية القليلة في الشريط الساحلي جنوب صور. كذلك، كان الموقعان الآخران في أرض مفتوحة في منتصف الطريق بين قريتي زبقين وجبال بوتوم.
حتى في التسعينيات، أثناء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، فقد عُرفت بساتين البرتقال حول القليلة كمصدر منتظم لإطلاق الصواريخ على إسرائيل. وعندما توجهت دورية من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، المعروفة باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، للتحقيق في إطلاق صاروخ من منطقة القليلة في أيار 2021، فإنها صادفت شاحنة بيك أب مليئة برجال مسلحين قالوا لقوات حفظ السلام إن عليها المغادرة على الفور. ويعتقد جنود اليونيفيل أنهم ليسوا فلسطينيين بل هم لبنانيون محليون”.وتابع: “بشكل روتيني، يتم إلقاء اللوم على الفصائل الفلسطينية من قبل مسؤولي الأمن الإسرائيليين واللبنانيين في المرات المتلاحقة لإطلاق الصواريخ بعد عام 2006 من جنوب لبنان على إسرائيل. والسبب في ذلك هو أنها تتزامن عادة مع الحملات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس في قطاع غزة، وبالتالي توفر الدافع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الهجمات دائما ما تكون عمل هواة، وتتألف من صواريخ سهل الحصول عليها يتم إطلاقها من قاذفات أحادية بدائية، بدلا من الراجمات متعددة الفوهات التي صُممت من أجلها، وغالبا ما تكون المقذوفات بعيدة عن الحدود أو تصطدم بالبحر. ومع ذلك، فإنه طيلة السنوات الماضية ووسط حوادث إطلاق الصواريخ، لم يتم القبض على أي فلسطيني من قبل حزب الله أو الجيش اللبناني”.وأردف التقرير: “لنأخذ آخر وابل من الصواريخ في 6 نيسان. إذا كان الافتراض الإسرائيلي أن حماس مسؤولة عن الهجوم بحق، فإن العملية كانت ستشمل ما لا يقل عن 6 فرق تحمل أكثر من 34 صاروخاً (تم العثور على بعضها بدون إطلاق). كذلك، فقد جرى نصب منصات إطلاق الصواريخ في وضح النهار وإطلاقها، كما حصل تسلل بطريقة ما إلى المنطقة من دون أن ينتبه أحد لذلك، بما في ذلك حزب الله الذي يراقب التحركات في مناطقه. علاوة على ذلك، فإنه كان يتعين على فريق آخر من حماس التسلل إلى منطقة مرجعيون في وقت لاحق من اليوم لإطلاق بضع قذائف هاون أو صواريخ كاتيوشا عيار 107 ملم باتجاه المطلة، والنجاة مرة أخرى من القبض عليهم. وفعلياً، فقد اكتشف الجيش اللبناني بعد ذلك قاذفة كاتيوشا مزودة بصواريخ بالقرب من مرجعيون. الاستنتاج الواضح إذن هو أنه إذا كانت حماس مسؤولة – أو فصائل فلسطينية أخرى في الهجمات السابقة – فقد تم تنفيذها جميعا بالتواطؤ مع حزب الله. وبالنظر إلى حجم الهجوم الصاروخي في 6 نيسان، فإنه لا يمكن تصوّر أن تقوم حماس من جانب واحد بمثل هذا القصف الثقيل دون التنسيق مع حليفها اللبناني”.
تشير تعليقات المسؤولين الإسرائيليين إلى أن القصف الصاروخي هو عملية منسقة بشكل مشترك بين حزب الله وحماس، وهو أمر شبه مؤكد. ومع ذلك، فإنه إذا كان كل من حزب الله وحماس مسؤولين، فإن هوية منفذي إطلاق الصواريخ تصبح غير مهمة. في الواقع، فإنه من الناحية اللوجستية، كان من الأسهل بكثير على رجال حزب الله المحليين الخروج من قراهم، وإقامة منصات الإطلاق، وإطلاق الصواريخ، والعودة إلى منازلهم المجاورة، بدلا من تحمل عبء نقل فرق متعددة من الفلسطينيين – الذين لا يألفون التضاريس المحلية – من أقصى الشمال، ثم إعادتهم مرة أخرى بعد ذلك.وتابع التقرير: “الخلاصة الثانية هي الرد الإسرائيلي على وابل الصواريخ. وكان إلقاء اللوم على حماس بمثابة إشارة مهمة لخفض التصعيد. فلو كانت إسرائيل قد اتهمت حزب الله مباشرة بالهجوم الصاروخي، فسيضطر الجيش الإسرائيلي للرد على أهداف حزب الله، ما يخاطر بالتصعيد الذي كان يمكن أن يؤدي إلى حرب شاملة. بدلا من ذلك، كان إلقاء اللوم على حماس، مع التلميح إلى مشاركة حزب الله المحتملة، هو الخيار الأسهل والأكثر أمانا، لا سيما بالنظر إلى الحد الأدنى من الإصابات والأضرار داخل إسرائيل من الضربة الصاروخية.وأردف: “في الواقع، فقد تحملت غزة وطأة الانتقام الإسرائيلي، وشنت إسرائيل 3غارات جوية جنوب صور على ما وصفه الجيش الإسرائيلي بـ”أهداف البنية التحتية” لحركة حماس. إلا أن الأهداف كانت ثلاثة بساتين برتقال على بعد 500 ياردة شرقي مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين. وعملياً، لقد خلفت الضربات الجوية حفراً عميقة في البساتين، وقتلت حفنة من الماعز وألحقت أضرارا ببعض الحظائر الزراعية”.
وختم: “إزاء كل ذلك، ومع حوادث أخرى حصلت مثل عملية مجدو، فإن ما يمكن اكتشافه هو أن حزب الله قد ازداد جرأة بسبب الاضطرابات في إسرائيل وأنه يتبنى موقفا أكثر تصادمية ضد إسرائيل مقارنة بموقف الحزب الحذر السابق منذ عام 2006”.
(عربي21)