بالسياسة ما في شي ببلاش… هذا ما يقوله سياسيو الفرص الضائعة

18 أبريل 2023
بالسياسة ما في شي ببلاش… هذا ما يقوله سياسيو الفرص الضائعة

إذا كان القول بأن السياسة في شكل عام هي فنّ الممكن، فإن “الشطارة” هي بعض من فنون بعض الذين يشتغلون بالسياسة في لبنان، وهم كثر. فيما الذين هم من أهل السياسة قليلون. وعندما يُشار إلى أهل السياسة يُقصد بذلك الذين هم من طراز رجال الدولة. وهؤلاء بالتحديد آخذون في الانقراض، لأن موازين المعايير العالمية قد تغيّرت بالنسبة إلى بعض الذين يحاولون، عبثًا، أن يجيّروا المعطيات المتوافرة لمصلحتهم الشخصية، فتكون مواقفهم أو قراراتهم مبنية على النسبة المئوية لعمليات الربح والخسارة. وهذه العمليات تخضع بالنسبة إلى هؤلاء لموازين المبادئ العامة، التي يُفترض أن تُستوحى منها المواقف والإجراءات التنفيذية الناتجة عن الحصيلة النهائية لمجمل الخطوات، التي تنسجم مع المعطى العام، وليس وفق حسابات “الدكنجيي”. 

 
 
 فسياسة الربح والخسارة قد تجوز إذا كانت العملية التجييرية تصبّ في خانة المصلحة العامة، وإذا كان المقصود بها التخفيف عن الناس القليل من أوجاعهم ومآسيهم. أمّا أن تكون انطلاقتها أسباب شخصية محضة فهذا ما يُدرج في خانة “الحرتقات” السياسية، التي لم تكن مألوفة من قبل، وبالتحديد قبل أن “يعربش” بعض الأشخاص على أكتاف غيرهم ليصلوا إلى حيث هم، حتى ولو داسوا في كثير من الأحيان على أرجل الآخرين. 
 
ففي السياسة بالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص “ما في شي ببلاش”. فلكل موقف “سعر”. وهذا “السعر” قد يكون “سلفة” من حساب جارٍ. وهذا الحساب قد يُستعمل في هذا الظرف أو في نقيضه، من دون أن يرّف لمن يستعمله أي جفن. المهمّ بالنسبة إلى هذه النوعية من الذين يشتغلون في السياسة مدى تطابق حسابات حقلهم على حسابات بيدر المصالح الشخصية. هذا ما يقوله وما يسعى إليه سياسيو “الفرص الضائعة”. 
 
وحتى لا تبقى الأمور المطروحة محصورة في العموميات، وهذا ما ينصحنا به الذين يتعاطون بالأمور السياسية بمنظار جدي. فالتعميم بالنسبة إليهم هو تمامًا كمن يهرب من مواجهة الحقائق الملموسة، ويحاول بالتالي الاستدارة حول الموضوع بهدف تمييعه أو طمس الحقيقة.  
 
ولأن الهدف الأساسي من كل كلمة تُكتب هنا قول الأمور كما هي ومن دون لفّ ودوران، نقول أن نزول نواب تكتل “لبنان القوي”، بإشارة من رئيسه النائب جبران باسيل، إلى “ساحة النجمة” لتأمين النصاب والميثاقية لجلسة تشريع التمديد للمجالس البلدية والاختيارية القائمة، هو مقدمة لتسويات أخرى، أو بالأحرى لصفقات أخرى، وذلك من أجل استعادة ما فقده باسيل من وهج علاقته بـ “حزب الله”، وبالتالي محاولة الاستفادة من التباعد الحاصل بين حركة “أمل” و”القوات اللبنانية”، بما يؤّمن له مكانًا متقدّمًا في التسوية الإقليمية القائمة على أساس التقارب السعودي – الإيراني، حتى ولو أتت النتائج مغايرة لمواقفه السابقة، وبالأخصّ لناحية تأييد ترشيح من لم يكن مقبولًا به قبل فترة. 
 
فالغاية تبرّر الوسيلة. وإذا كانت غاية باسيل مؤمّنة بهذه الوسيلة المشار إليها كون “النزلة” إلى “ساحة النجمة” اليوم “حرزانة” ومزدوجة الأهداف، وأولها “تطيير” الانتخابات البلدية، وإبعاد كأسها المرّة إلى حين استعادة النفس بعد سلسلة خيبات الأمل، وثانيها إعادة الحرارة إلى خطوط “ميرنا الشالوحي”- “حارة حريك”، وإن كان مرورها بـ “عين التينة” هو من ضرورات “الحواضر” المتممة. ولا يُستبعد الدخول في “بارزارت” سياسية قد تكون شبيهة من حيث المبدأ مع صفقات لم يُكتب لها النجاح، لأنها كانت قائمة على فرضية المحاصصة وتقاسم مغانم السلطة. وهذا ما قد يحصل مستقبلًا.