كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:في مثل هذا الوقت من العام 2017، تمّت زيادة سلسلة الرتب والرواتب بكلفة بلغت نحو المليار دولار. وقتها كان احتياطي مصرف لبنان 41 مليار دولار بعد أن قام مصرف لبنان بهندسات مالية أمّن من خلالها عائدات. إلا أن تلك السلسلة ما لبثت أن أرهقت الخزينة خصوصاً مع توظيف نحو 5000 فرد إضافي في القطاع العام ما أرهق الخزينة وزاد قيمة العجز.
أما اليوم فلا مصرف لبنان يمتلك إحتياطياً يمكنه من خلاله تمويل الرواتب، ولا خزينة الدولة لديها المال لتوفير العائدات، لذلك من المتوقّع أن يتمّ الإعتماد بالدرجة الأولى على طباعة الليرة وزيادة الدولار الجمركي ما يعني مزيداً من التضخّم والضرائب المباشرة في الزيادات التي أقرّتها حكومة تصريف الأعمال أمس والتي حدّدت بـ4 رواتب لموظفي القطاع العام شرط الحضور 14 يوماً شهرياً. من هنا، يبدو أن المصدر الأبرز لزيادة الواردات هو الرسوم الجمركية إذ تم في نشرة المتوسطات الشهرية لأسعار العملات الأجنبية التي تعتمد بدءاً من أمس لغاية 30 الجاري، قيمة 60 ألف ليرة للدولار الواحد. ما يعني أن الدولار الجمركي الجديد هو الذي سيعتمد بعد أن ارتفع سابقاً من 1500 ليرة الى 15 ألف ليرة فإلى 45 ألف ليرة الشهر الماضي. وهذه الإرتفاعات المتسلسلة من شأنها أن تحقّق عائدات علماً أنه سيقابل ذلك تعزيز للتهريب الذي كان مستعراً وفق سعر صرف 1500 ليرة، فكيف بالحري وفق سعر 60 ألف ليرة للدولار الجمركي؟ ما سيجهز على مبلغ لا يستهان به من الإيرادات المتوقّع تحقيقها لصالح خزينة الدولة. والدليل على ذلك ما يُحكى عن إقدام عدد من المخلّصين على مساعدة المستوردين على إدخال بضائعهم من دون تسديد الرسوم مقابل مبلغ مالي.وحول عدم شمول مستوردي السيارات لسعر الدولار الجمركي بقيمة 60 ألف ليرة، فذلك يعود الى التوافق على رفع دولارهم الجمركي الى 15 ألف ليرة فقط، كون تغيير الرسم يحتاج الى تعديل الشطور الذي يتطلّب وجود رئيس جمهورية ومجلس وزراء.وبالنسبة الى الإرتفاعات التي سيلمسها المواطن جرّاء رفع الدولار الجمركي من 45 ألف ليرة الشهر الماضي الى 60 ألف ليرة، فهي تختلف حسب نسبة الرسوم المفروضة على السلع.وفي هذا السياق، قال رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي لـ”نداء الوطن” إن “السلع الغذائية سترتفع جرعات قليلة. وتزيد حسب نسبة الرسم. فعلى سلعة كمعلبات الخضار على سبيل المثال التي تبلغ حصّة الدولار الجمركي المحدّدة لها بنسبة 35%، وفق سعر صرف بقيمة 100 ألف ليرة فإن الزيادة ستكون بنسبة 5% وقد تصل الى 6% على سلع رسمها الجمركي مرتفع.فلكل 10 دولارات، على سبيل المثال تكون نسبة زيادة الـ5% وفق دولار جمركي بقيمة 60 ألف ليرة، نصف دولار أي بقيمة 52 ألف ليرة (وفق سعر السوق السوداء المحتسب حالياً على سعر 100 ألف ليرة).فزيادة رواتب القطاع العام التي ستعطى بيد وتؤخذ بيد أخرى لم تعد الغاية المنشودة من قبل رابطة موظفي القطاع العام. فالمسألة كما أوضحت رئيسة الرابطة نوال نصر لـ”نداء الوطن” هي ضرورة احتساب الراتب وفق سعر 15 ألف ليرة لـ”صيرفة” علماً أنه احتسب وفق سعر 28.5 ألف ليرة في البداية ثم 45 ألف ليرة ثمّ 60 ألف ليرة كما احتسب الشهر الماضي ما أدى الى تآكل قيمة الراتبين اللذين أضيفا سابقاً لموظفي القطاع العام بنسبة نحو 20% من أساس الراتب. واستناداً الى تلك المعطيات بتنا نستحصل شهرياً على أقلّ من راتب”.ثمّ، سألت نصر ما الذي يضمن عدم ارتفاع سعر صرف الدولار الى 150 و200 ألف ليرة، عندها كم ستساوي الرواتب الإضافية التي أضيفت على أساس الراتب؟.