كتبت “الديار”: عشية عيد الفطر السعيد، ازدانت ساحة التل( وسط المدينة) بمظاهر العيد، وتحدى القيمون عليها كل الظروف المعيشية الخانقة بظاهرة لم تشهدها طرابلس منذ سنوات، كأنها رسالة شاء اهل عاصمة الشمال التأكيد انها صامدة وقادرة على مواجهة مختلف الصعوبات المعيشية والمالية والاقتصادية ..
ساحة التل منذ يومين، تحولت الى ساحة مكتظة بالعربات والبسطات، وتكدست عليها مختلف السلع الاساسية والبضائع التي تحتاجها العائلات في الاعياد من حلوى الشوكولا وحلويات، الى الالبسة والاحذية، والالعاب على انواعها، كل ذلك وسط الاهازيج والاناشيد الدينية المتخصصة بشهر رمضان والعيد، حيث تجوب الشوارع الفرق الكشفية، اضافة الى فتلات المولوية، وتكتظ بدورها بطوابير المواطنين الذين يقبضون تحويلات خارجية من اقاربهم الذين يشكلون العامل الاساس في نبض المدينة الحيوي الذي قلب المشهد الطرابلسي الكئيب الى مشهد تغمره افراح العيد، غير ان معظم العائلات التي استطاعت تأمين مستلزمات العيد نتيجة تدفق اموال المغتربين، او مساعدات من جمعيات ومؤسسات، فانها اتجهت الى الحد الادنى من شراء الحاجيات، وكانت ساحة التل الملجأ الاول لهؤلاء، الى جانب الاسواق الشعبية، بحيث سعرت السلع بما يتيح للمحتاجين الشراء.. ولكن هذه الاسعار كافية لأن تكون بمتناول الجميع؟؟حسب الملاحظات التي سجلت في جولتنا ان عائلة مؤلفة من اربعة اشخاص تحتاج الى ما يقارب العشرة ملايين ليرة بحد ادنى تتراوح بين ألبسة العيد للاولاد، والحلوى، والخبز، ومصروف العيد لثلاثة أيام، دون احتساب العاب للاطفال، او اجرة نقل ..واقع هذه العائلة، تشابهه وقائع عائلات أخرى، بحيث ان المئة دولار التي حصل عليها، سواء من تحويل خارجي او من هبة محلية، فانها تقتصر على أيام العيد، ومن ثم ستعود هذه العائلات الى الشكوى والانين في باقي ايام الشهر ..ويردد البعض في المدينة، ان من حسن حظ الكثير من العائلات، ان لديهم اقارب في دنيا الاغتراب، في استراليا، وفي الخليج، وافريقيا، الى جانب مبادرات قامت بها دار الفتوى، وجمعيات محلية، ومؤخرا بادرة بعض النواب، « بحصة تسند خابية» ..بين ساحة التل والاسواق الداخلية، ومحلات اخرى في الشوارع التجارية تختلف الاسعار، بفارق كبير، وهو متعارف عليه بين المحلات الشعبية، والمحلات المشهورة في المدينة، لكن في كل الاحوال فان الجميع متفق على أن الحد الادنى لمصاريف عائلة في الشهر لا يقل عن ٤٥ مليون ليرة، وان ازدحام الاسواق في العيد هو مجرد مناسبة، تنتهي الحركة بانتهاء العيد، وأن ما اقرته الحكومة من زيادات ليست الحل، وغير كاف لعائلات تعاني من فواتير الكهرباء والماء والدواء والاستشفاء، ومن تلاعب التجار وجشعهم، وان الصرخة ستكون عالية جدا بعد الاعياد نتيجة تفاقم انهيار القيمة الشرائية لليرة، وقد عانت معظم العائلات خلال شهر رمضان من غلاء الاسعار الذي طال كل السلع والمواد التي يستهلكها الصائمون دون أن تحرك الحكومة ساكنا لمواجهة طمع وجشع التجار.في كافة الاحوال، شكل مشهد ساحة التل والاسواق بارقة أمل في مدينة تحب الحياة …