أبعد من إعلان ترشيح.. هل باتت طريق الرئاسية معبدة؟

21 أبريل 2023
أبعد من إعلان ترشيح.. هل باتت طريق الرئاسية معبدة؟


 
بزخمٍ لافت، وربما معبّر، عاد رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية إلى صدارة المشهد بعد الزيارة التي قام بها إلى بكركي، حيث التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي، وأطلق بعدها كلامًا “رئاسيًا” واضحًا وحازمًا، بدا معه “مطمئنًا” إلى مسار الأمور الموازية لترشيحه “غير المُعلَن” إلى رئاسة الجمهورية.

 
صحيح أنّ كلام فرنجية بعد زيارته بكركي لم يكن “إعلان ترشيح” بالمعنى الحرفيّ للكلمة، إلا أنّه بدا برأي البعض “أبعد” من ذلك، فالرجل الذي يستغرب البعض عدم إقدامه على هذه الخطوة، رغم مرور أسابيع طويلة على إعلان “الثنائي الشيعي” دعمه وخوض “معركته”، يفضّل عدم “القفز” على مراحل الترشيح، الذي يتعامل معه ربما بوصفه “تحصيلاً حاصلاً”، علمًا أنّ لا شيء في الدستور يلزمه بأيّ إعلان من هذا النوع.
 
إلا أنّ ما قاله فرنجية من بكركي حمل الكثير من المعاني والدلالات، فهو حدّد موقفه بوضوح من مختلف النقاط “الإشكاليّة”، من صلاحيات الرئيس إلى الاستراتيجية الدفاعية والإصلاحات الاقتصادية، مرورًا بالعلاقة مع السعودية، حيث حرص على نفي ما يروّج له بعض الإعلام حول وجود “فيتو” على اسمه، ما طرح السؤال: ما الذي يجعل فرنجية يتحدّث بهذه الراحة في هذا التوقيت؟ وهل باتت طريقه نحو بعبدا “معبّدة” عمليًا؟!
 
“رسائل” فرنجية 
رغم أنّ البعض ذهب لحدّ قراءة إطلالة فرنجية من بكركي على أنّها “إعلان ترشيحه” الذي طال انتظاره، والذي دفع مؤيّديه إلى استغراب التأخير على خطّه قبل خصومه، إلا أنّ الوصف قد لا ينطبق رسميًا على شكل ومضمون الخطاب، الذي يُقال إنّ “البيك” حرص على أن يعرض من خلاله رؤيته “المتوازنة”، ويؤكد “الثوابت والمبادئ” التي ينطلق منها، من دون أن يلزم نفسه بأيّ موقف، قد يؤخذ عليه في وقت لاحق.
 
ولعلّ أهمّ ما في كلام فرنجية “الرئاسي”، إن جاز التعبير، مرتبط بحديثه عن العلاقة مع السعودية، ولا سيما تأكيده أنّه لم يكن له في أيّ يوم “نظرة عدائية تجاه أي دولة عربية، ولا سيما السعودية”، وقوله إنه خُلِق في بيت عروبي، ولا يتمنى إلا الخير للمملكة، معطوفًا على رفضه أن يتعرّض أحد للدول العربية، علمًا أنّه كان واضحًا أيضًا بتأكيده أنّ الفرنسيّين الذين زارهم في باريس، على تواصل مباشر مع السعودييّن.
 
وفي حين ذهب البعض من خصوم فرنجية لوضع الخطاب في خانة تقديم “أوراق الاعتماد”، من خلال “التودّد” إلى المملكة العربية السعودية، في محاولة للحصول على دعمها لترشّحه، يقول المحسوبون عليه إنّ مثل هذه القراءة “غير دقيقة”، علمًا أنّ فرنجية يقول منذ اليوم الأول إنه يريد أن يكون “مدعومًا” من الجميع، لأنّه لا يسعى إلى السلطة، بل يريد إحداث “خرق”، وهذا “الخرق” لن يكون مُتاحًا إذا كان “مغضوبًا عليه”.
 
الظروف لصالح فرنجية؟! 
باختصار، يقول المقرّبون من فرنجية إنّ ما قاله في بكركي يتناغم مع ما يقوله منذ اليوم الأول لفتح “البازار الرئاسي”، حول رغبته بأن يكون مرشحًا توافقيًا وتوفيقيًا، لا مرشح فريق ضدّ آخر، وهو يعتبر الدعم العربي له “شرطًا اساسيًا” لاستكمال المعركة، حتى لا يكون عهده “نسخة غير منقّحة” عن عهد الرئيس السابق ميشال عون، خصوصًا أنّ ذلك سيدخل لبنان بشكل عملي ونهائي في متاهات “الانهيار الكبير” الذي يخشاه الجميع.
 
لكنّ وجهة النظر هذه تصطدم بما يقوله خصوم الرجل الذين يعتبرون أنّ حظوظه تكاد تكون “معدومة”، برأيهم، ويستندون في ذلك إلى أنّه “مرشح حزب الله”، وأنّه مرفوض من شريحة واسعة من القوى السياسية في الداخل، ولا سيما المسيحية منها، ولو أنّ هذا الرأي يصطدم بواقع لمسه بعض أصحابه عن قرب، لجهة أنّ فرنجية يكاد يكون “الخيار الأول” للفرنسيين، علمًا أنّ هناك من يؤكد أنّه ما كان ليطلق مواقفه الأخير لو لم يحصل على “الضوء الأخضر”.
 
في المقابل، يجزم المتحمّسون لفرنجية أنّ العكس هو الصحيح، وأنّ ظروف المنطقة تميل لصالح فرنجية، وأنّ “الخرق” في الداخل أكثر من وارد في أيّ لحظة، علمًا أنّ ما يستغربه هؤلاء هو تغاضي البعض عن كلّ المتغيّرات الحاصلة في المنطقة، من الاتفاق السعودي الإيراني، إلى الانفتاح السعودي على سوريا، ولا سيما بعد زيارة وزير الخارجية السعودي إلى دمشق، والتي يُقال إن ما بعدها لن يكون كما قبلها، على أكثر من مستوى.
 يقرّ المتحمّسون لفرنجية بأنّ الظروف لم تنضج بشكل كامل بعد، فتمامًا كما أنّ عودة سوريا إلى الجامعة العربية مثلاً، لا تزال تصطدم بـ”فيتو” هذه الدولة العربية أو تلك، فإنّ “التسوية” التي ستوصله إلى بعبدا لم تكتمل ملامحها بعد. لكن، تمامًا كما يقتنع الكثيرون بأنّ مسار عودة سوريا إلى الجامعة قد بدأ، يبدو أنّ “التسوية” في لبنان سلكت طريقها أيضًا، وفق “سلّة متكاملة” يقال إنّ بعض بنودها أنجِزت، وقد اقترب موعدها!ويبقى رهان البعض على اشارات دولبة ابرزها موقف فرنسا “المستجد” بأن “ليس لديها أيّ مرشّح في لبنان”.