ما كان للفاسدين أن يستمروا لولا سكوت الساكتين

21 أبريل 2023
ما كان للفاسدين أن يستمروا لولا سكوت الساكتين


وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة عيد الفطر والجمعة وجاء فيها:”صلاح المجتمعات وولاتها من صلاح أفرادها وأبنائها كما أن فسادها كذلك، (ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس)، فصلاح الدول بصلاح ولاتها، وصلاح ولاتها بصلاح أبنائها، فإذا ما فسد الولاة وسكت الناس وغضوا عنهم انظارهم فضلاً عن رضاهم فهم أولى بالعتب والمؤاخذة، وما كان للفاسدين أن يستمروا لولا سكوت الساكتين ورضى الراضين ومساعدة الاعوان والازلام من المستفيدين فهم سواء في الفساد، بل هم أولى به لانه لولا أن وَجد الفاسدون من يسكت على فسادهم أو يعينهم عليه لما كان لهم أن يستمروا فيه. ومن العجب أن يتفق اللبنانيون على السواء على وجود الفساد، وأن يتجاهل البعض الحديث عن العلة، فيما هم يعلمون أسبابه الحقيقية، كمن يريد استمراره، وأن الهمّ لديه هو استبدال النتائج، فيما الأَوْلى هو حل المشكلة من أساسها، وهو العمل على الاصلاح الجذري، وهو إصلاح جرثومة الفساد الكامنة في طبيعة النظام اللبناني المبني على أساس فاسد وهو الطائفية السياسية بحجج واهية، منها المحافظة على التنوع الطائفي والمذهبي، فقد ثبت طيلة الفترة الماضية ومنذ تأسيس هذا النظام إلى الآن فشل هذه الصيغة في الحفاظ على الاستقرار وبناء دولة المؤسسات، كما هي وظيفة أيّ نظام كما فشل في الحفاظ على الطوائف والتنوع والتعدد الديني والثقافي وسيادة القانون وسلامة القضاء كما يزعمون وعلى العكس من ذلك تسبّب هذا السلوك في حروب أهلية متتالية وأزمات سياسية لا تنتهي والحؤول دون إيجاد بنية اقتصادية أو سياسة تنموية مستدامة وتعطيل المؤسسات الدستورية، مما حال دون إعطاء التعددية والتنوع الطائفي بعدها الحضاري والإنساني الحقيقي الذي يحبط محاولات إعطائها البعد العنصري المتخلّف، لإتاحة الفرصة للتفلّت الأخلاقي وتجارة الفساد والهروب من المحاسبة والمساءلة”.

 
أضاف: “إنّ الواقع الذي نعيشه اليوم من سقوط المؤسسات والفوضى على كل صعيد ليس إلا دليلاً واضحاً على ذلك، بحيث لم تستطع كل الترقيعات السابقة أن تجعله قابلاً للحياة. وإنّ تِرداد التمسك بالنظام الطائفي بالحجج الواهية السابقة ليس الا ذرائع لأهداف طائفية أخرى، لم تعد تنطلي على أحد، فضحتها الدعوات التي أطلقها بعضهم بأنه سيذهب إلى الكونفدرالية أو التقسيم اذا لم يحصل ما أراد، وهو خلاف ادّعاء العيش المشترك، ومن المهم جداً أن نسمع أخيراً رفضاً لهذه الدعوات وتجاوزها من بعض القيادات المؤثّرة في البيئة التي تصدر عن بعض من ينتسب اليها أصحاب هذه الدعوات، وهو ما يعطي املا في ان الأمور باتت تتجه في مسار إيجابي على الصعيد الداخلي، الذي يجب أن يبتدأ بعودة المؤسسات الدستورية إلى وضعها الطبيعي، بالاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية قادر على التواصل مع جميع القوى السياسية الداخلية، ومع الدول العربية وعلى رأسها سوريا والعربية السعودية، ليتمكن لبنان من حل مشاكله الاقتصادية، وإيجاد حل للاخوة السوريين النازحين وعودتهم الآمنة الى بلدهم، على أن يتبع ذلك العمل على رسم خارطة زمنية معينة لاصلاح النظام السياسي، يدوم معه الاستقرار والتنمية، ويحافظ فيه على أوراق القوة، ومنها المقاومة التي تحفظ أمنه واستقراره، ويتمكن معها من الحفاظ على سيادته والدفاع عن أرضه في وجه ارهاب العدو الصهوني، على ان يعمل على إيجاد استراتيجية دفاعية تتبناها الحكومة القادمة، ومن ثمَّ الانتقال إلى عملية الاصلاح السياسي للنظام، وتبني نظام سياسي جديد قائم على أساس المواطنة، يخرج لبنان نهائياً من النظام الطائفي ويحقّق الاستقرار السياسي والعدالة الاجتماعية، ويحفظ التنوع والتعدد”. 
 
أضاف: “أيها اللبنانيون، لا شكّ أن للمسار الذي سلكته العلاقات العربية وبالاخص السعودية الإيرانية، وتالياً العلاقات العربية السورية، والسعودية السورية، تأثيره المهم في ذلك، وعلى مجمل الوضع العربي والاسلامي، وهي أهم عيدية وهبت لبلداننا في هذه الظروف الحساسة، تستحق عليها الشكر بعد الله القيادات الرشيدة، التي نسأل الله لها التسديد لما فيه مصلحة بلدانها وشعوبها، ونسأل الله تعالى أن يتم ذلك لما فيه مصالح العرب والمسلمين، وبالأخص بالنسبة إلى لبنان وشعبه الطيب والمكافح، الذي كان له الفضل الكبير في مواجهة العدو الاسرائيلي وكسر شوكته وهيبته، الذي هو الشر المطلق والسرطان الذي يجب اجتثاثه، فهو أصل المشكلات التي تعاني منها بلداننا، وأن يتمكن معها الشعب الفلسطيني من استعادة أرضه ومقدساته الاسلامية والمسيحية، التي هي مقدسات الأمتين العربية والاسلامية، وقد أثبتت المواجهات الأخيرة لقوى المقاومة، ومنها المقاومة الفلسطينية عجز العدو الصهيوني عن المواجهة، وها هو يتخبّط في مشاكله الداخلية وانقساماته السياسية العميقة كنتيجة طبيعية لكيان قام على اساس الغصب والاحتلال والباطل (إن الباطل كان زهوقا)”.