تعدد الحسابات بين فرنسا والسعودية

22 أبريل 2023
تعدد الحسابات بين فرنسا والسعودية


كتب طوني عيسى في” الديار”: في رأي ديبلوماسي واسع الاطلاع، أن إيران مرتاحة في مجال نفوذها الشرق أوسطي، لا بسبب امتلاكها القوة فحسب، بل أيضاً بسبب تضعضع المعسكر المضاد لها، وانصراف كل قوة داخل هذا المعسكر إلى البحث عن مصلحتها الخاصة مع إيران.

والتباين الحاصل بين فرنسا والسعودية حول التسوية في لبنان لا يتعلق بالهدف، أي إبعاد النفوذ الإيراني وتحقيق التوازن داخل دائرة القرار اللبناني، بل هو يترجم اختلالاً في النظرة إلى الأسلوب الواجب اعتماده لتحقيق هذا الهدف والخلل في الحسابات بين الطرفين:
فالسعوديون يرون أنّ التوازن داخل ثلاثي السلطة يقوم على الآتي: رئيس لمجلس النواب حليف لـ«حزب الله»، يوازيه رئيس للحكومة أقرب إلى المملكة، ويأتي رئيس الجمهورية متموضعاً في منطقة محايدة بشكل واضح ومضمون.
 
وهذه المعادلة يرتاح إليها الأميركيون أيضاً. ويعتبرها الفرنسيون مثالية، ويذكرون بأنّهم كانوا أساساً من الدعاة إليها، ولكنها لم تحقق الهدف. ولذلك، من الممكن الاكتفاء بضمانات معينة يقدّمها رئيس الجمهورية، ولو كان محسوباً على الخط الحليف لـ«الحزب»، كرئيس «المردة» سليمان فرنجية، ما دام هذا الأمر يتكفل بإنجاح التسوية. إنّه أفضل الممكن «الواقعي» لا «الافتراضي»، وفق النظرة الفرنسية.
 
يردّ السعوديون على باريس بالقول: نعم. في هذه الحال ستنجح التسوية. لكنها ستكرّس «الستاتيكو» القائم حالياً في لبنان، والذي يسلّم القرار إلى «حزب الله» وإيران لست سنوات أخرى. وحتى رئيس الحكومة الذي يُراد منه أن يكون من خارج خط «الحزب» سيكون ضعيفاً داخل تركيبة حكومته ومنظومة النفوذ المسيطرة، وقد لا يستمر في موقعه طويلاً. وسريعاً، ستخلو الساحة لمحور واحد. لذلك، إنّ الضمانة الحقيقية تكون بالرئيس المعروف بأنّه توافقي فعلاً.
وسط هذه التعقيدات، تبدو التسوية اللبنانية غير ناضجة حتى الآن… إلّا إذا دخل عنصر جديد على اللعبة: استكمال مسار الانفتاح السعودي والعربي على الرئيس بشار الأسد، الحليف الإقليمي الأول لفرنجية. ففي هذه الحال، قد يستفيد الفرنسيون من هذا التقارب لإقناع الرياض بحساباتهم الخاصة للتسوية.
 
هل هذا الاحتمال وارد؟ من المبكر الحسم في هذه المسألة، خصوصاً أنّ هناك الكثير من التشابكات ما زال يكتنف اللعبة إقليمياً ومحلياً. وسيكون على لبنان أن يجلس على قارعة الانتظار مترقباً ما سيقرّره له اللاعبون.