رأى وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى ان “ليس في الثقافة الروسية ما يوحي بدبلوماسية الفرض ولا بفرض الأنا ولا بالدوران حول الذات القومية ولا بالتدجين الثقافي وهي عبارات تخفي آفة استعمال الثقافة اداة حرب أشبه بسلاح يقتل النفس ويبقي الجسد.
وأضاف: “ما نفع الجسد ايها الإخوة اذا ما اغتيلت النفس وماذا يبقى من الشعوب المدجنة إذا ما سلبها الاستعمار حريتها وسيادتها على نفسها؟”، مشيرا الى انه “ومن هذا المنطلق؛ لا بد من الاعتراف ان التلاقح الثقافي الذي نمى بين لبنان وروسيا منذ حوالي تسعين سنة لم يهدف يوما الى تسويق نظام سياسي او عقيدة دينية او فرض نظام حكم بل تجاوز في كل الحقبات الظروف التاريخية الموضوعية التي كانت تفرضها السياسة ولم يعبر سوى عن الأبقى والارقى بين البلدين وهو الغنى المتبادل من التجربة الإبداعية”.
كلام الوزير المرتضى جاء خلال كلمة له في مقر السفارة الروسية خلال تكريم نقيب الفنانين التشكيليين نزار ضاهر ومنحه وسام الصداقة من الرئيس الروسي تقديرا لجهوده في توطيد اواصر التعاون بين شعبي البلدين بحضور السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف، نائب رئيس مجلس النواب الياس ابي صعب، وزير الاعلام المهندس فريد مكاري وعدد من الوزراء والنواب السابقين ولفيف من الشخصيات والهيئات الثقافية.
وقال المرتضى في كلمته: “لا يستقيم التاريخ اللبناني دون الدور الروسي في تنمية الثقافة وتمتين اواصر العلاقات بين الشعبين اللبناني والروسي وقد استطاع التاريخ ان ينسج عروة وثقى بين البلدين في تعاون شمل عشرات القطاعات العلمية والفنية والثقافية ولذلك ايها الإخوة طبعت بيروت على مدى نصف قرن بالمركز الثقافي الروسي الذي شكل نورا مستقطبا حول المركز الى ما يشبه ورشة مفتوحة للفنون على أشكالها”.
وأردف:”من هذا المركز كما من أخواته أيضا في بعلبك وبعقلين وطرابلس والنبطية وبيت مري عرضت اللوحات التشكيلية والرسومات والمنحوتات وعبرت عن المكنونات والمدارس الفنية المختلفة فاستوحى منها مبدعو الشرق وفنانو لبنان الوانهم وأشكال مراياهم. ومن هذه الجدران تعلم جيل بكامله تقنيات برمجيات الكومبيوتر وأتقن الروسية لغة الأدب والفن والفلسفة فيما كان آلاف اللبنانيين يتخصصون في علوم الطب والهندسة وفي الآداب والفلسفة في موسكو وغيرها من المدن والحواضر الروسية”.
واعتبر ان “ليس في الثقافة الروسية ما يوحي بدبلوماسية الفرض ولا بفرض الأنا ولا بالدوران حول الذات القومية ولا بالتدجين الثقافي وهي عبارات تخفي آفة استعمال الثقافة اداة حرب أشبه بسلاح يقتل النفس ويبقي الجسد. وما نفع الجسد ايها الإخوة اذا ما اغتيلت النفس وماذا يبقى من الشعوب المدجنة إذا ما سلبها الاستعمار حريتها وسيادتها على نفسها؟”.
وقال: “من هذا المنطلق لا بد من الاعتراف ان التلاقح الثقافي الذي نمى بين لبنان وروسيا منذ حوالي تسعين سنة لم يهدف يوما الى تسويق نظام سياسي او عقيدة دينية او فرض نظام حكم بل تجاوز في كل الحقبات الظروف التاريخية الموضوعية التي كانت تفرضها السياسة ولم يعبر سوى عن الأبقى والارقى بين البلدين وهو الغنى المتبادل من التجربة الإبداعية وهذا بالتحديد ما يؤنسن الثقافة ويخرجها من متاهة الاستقطاب والدمج والابتلاع والتنميط والتبعية”.
وبالعودة إلى تكريم ضاهر، اشار الى أنه “من هذه الخلفية خرج المبدع الدكتور نزار ضاهر. من هذه الحرية غط ريشته ولون سهل البقاع بثمار أشهى ما فيها انك تتذوقها بالعين وخلجات النفس وشطحات الخيال. النقيب العزيز ثورة هادئة في تضاريس لوحاته وأعماق بعيدة الغور في ألوانه وهو نهل من الحضارة الروسية وسكبها في أعماله”.
ونوّه المرتضى في سياق كلمته باعمال المكرم “في كل مشاويره المزدهية بالسطوع بإمكانك أن ترى رصانة الكرملين وقبب كنائسها وأن تفتن بالإرميتاج حيث استقبل فن الدكتور نزار استقبال ملوك الفن فعرض إبداعه هناك وهو شرف لا يحظى به سوى الكبار الكبار. وكيف لا يكبر الإرميتاج بالفنان الكبير نزار ضاهر وهو الذي كلل لوحاته بوقار بطرس وبولس في كاتدرائية بيترسبيرغ ؟ لقد دبج نزار ضاهر حياته بالأوسمة والحقيقة أن الأوسمة دبجت ذهبها بذهبه وهو أسوة بغيره من المبدعين تكبر به مكتبة الكرملين ومتحف اكاديمية الفنون وهو الطفل الذي رأى النور في كفردان، المفتون بالمدى الارحب.. هذا المبدع الذي رسم وجه عبد الناصر في طفولته في اول تعبيراته فرسمه العالم في أرقى أمكنة الإبداع”.
وختم: “ستبقى صديقي الدكتور نزار صديق الأخضر والأزرق والأحمر. عشبا وسماء وتراب. ثلاثيتك جمعت سنديانات باسقات ونجوم متلألئات ورائحة الأرض الخصبة. هي خصوبة الخيال الارحب الذي يستوطن لوحاتك البكر وكل ما استولدته لاحقا قريحتك الملونة. نحن دائما في حالة دهشة متأملة ومسترسلة في اعماق مشهدية تفرشها لنا لتستلقي عليها احلامنا المجهضة فابق على بهائك ولا تترجل عن غيمتك. كلما ارتقيت عزيزي نزار كلما رفعتنا معك واليك وكلما ارتقينا سويا نحو ما يسنبلنا قمحا ويبرعمنا زهرة مانيوليا على أطراف حديقتك الرائعة”.