فيما لم تستطع قيادتا “حزب الله” و”التيّار الوطنيّ الحرّ” معالجة الأسباب التي أوصلت علاقتهما إلى التوتّر الذي هو عليه حاليّاً، نتيجة ترشّيح “الثنائيّ الشيعيّ” لرئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة لرئاسة الجمهوريّة، إضافة إلى مشاركة وزراء “الحزب” و”حركة أمل” في جلسات مجلس الوزراء، لا يزال النائب جبران باسيل من دون مرشّح رئاسيّ، وهو يدعو للحوار المسيحيّ تحت رعاية بكركي ليتّفق مع الأفرقاء المسيحيين على إسم لانتخابه.
فحتّى اللحظة يُنقل عن العديد من الأوساط السياسيّة أنّ باسيل لا يزال يرفض إيصال رئيسٍ لا يحظى بموافقة “حزب الله”، ما يدلّ على أنّ الخلاف بينهما لم يصل إلى حدّ يقوم فيه “الوطنيّ الحرّ” بانتخاب مرشّحٍ “سياديّ” أو وسطيّ يُشكّل تحدّياً للضاحية الجنوبيّة، أو يكون مشكلة لموضوع سلاح “المقاومة”.
ولعلّ بحسب مراقبين، فإنّ أبرز سبب يحول دون تقارب “القوّات” من “التيّار” مُجدّداً، صفات الرئيس، فمعراب على استعداد لملاقاة باسيل إنّ ابتعد عن “حزب الله”، وتوجّه إلى دعم مرشّح “المعارضة” الإنقاذيّ والسياديّ، لكنّه يحتسب خطّ الرجعة لحليفه الشيعيّ، إنّ كانت الظروف في المرّة المقبلة مهيّأة لترشّحه لرئاسة الجمهوريّة.
ويعتبر المراقبون أنّ باسيل لم يبتعد عن “حزب الله” كثيراً، ولا يزال يعمل لصالحه من خلال عدم تسميّة أيّ شخصيّة من داخل تيّاره أو خارجه، أيّ أنّه لو دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي لجلسة إنتخاب، فإنّ أصوات تكتّل “لبنان القويّ” ستتوزّع بين الأوراق البيضاء، وتلك التي تحمل الشعارات والملغاة.
وصحيحٌ أنّ باسيل يُعارض إنتخاب سليمان فرنجيّة، مرشّح “الثنائيّ الشيعيّ”، وهو من يقف عائقاً أمام تأمين الأصوات الكافيّة لوصوله إلى بعبدا، إذ يقول المراقبون إنّ رئيس “الوطنيّ الحرّ” هدفه دفع “حزب الله” إلى سحب ترشّيح رئيس “المردة”، كيّ يتواصل ويُنسّق مع حارة حريك، كما في السابق. ويبدو من خلال إمتناع باسيل القبول بأيّ شخصيّة “معارضة”، البقاء على مسافة قريبة من “الحزب”، خلافاً لكلّ التحليلات التي تقول إنّ الهوّة بينهما أصبحت كبيرة ويصعب إصلاحها، إذ أنّ ميرنا الشالوحي لن تُؤيّد أيّ إسمٍ، إذا لم توافق عليه أوّلاً كتلة “الوفاء للمقاومة”، وهذا الأمر يدلّ على أنّ قرار الطلاق بينهما لم ولن يُؤخذ، لأنّ كلّ فريقٍ منهما لديه مصالح بعلاقته مع الآخر، وخصوصاً في الإنتخابات النيابيّة.
ويُشير المراقبون إلى عدم نضوج تسويّة خارجيّة لانتخاب فرنجيّة، وقد أتى الموقف الفرنسيّ الجديد ليزيد من الضغوطات على “حزب الله”، الذي كان يُعوّل على باريس لإقناع المملكة العربيّة السعوديّة بمرشّحه. ويُضيف المراقبون أنّ حظوظ رئيس “المردة” ستتراجع كثيراً إنّ ترجمت إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون بالقول ما صرّحت به المتحدثة باسم وزارة الخارجيّة الفرنسيّة، من أنّ لا مرشّح فعليّاً لها.
كذلك، فإنّ التصلّب في الموقف السعوديّ الداعي إلى انتخاب رئيس وسطيّ، يجمع اللبنانيين ولا يُفرّقهم، يصبّ أيضاً في مصلحة باسيل الرافض لفرنجيّة، ويدعم حظوظه نحو الدفع لحوار صريحٍ مع “حزب الله” لإيجاد شخصيّة أخرى، تنال تأييد كافة الأفرقاء في 8 آذار، هكذا يكون قد ضمن موقع تيّاره في السنوات الستّ المقبلة، إنّ سحب فرنجيّة ترشّيحه، واستطاع تحسين شروطه الرئاسيّة، وأوصل رئيساً مقرّباً منه أو صديقاً له.
وتلفت أوساط سياسيّة إلى أنّ باسيل لن يقترع لأيّ شخصيّة تدعمها معراب أو “المعارضة”، ومحاولاته التقارب من “القوّات” ليس هدفها إنتخاب المرشّح التي تنوي كتلة “الجمهوريّة القويّة” إيصاله، لأنّ هذا الأمر يتعارض مع رغبة “حزب الله”. وتُتابع الأوساط أنّ باسيل لا يزال يعمل على طيّ صفحة ترشّيح فرنجيّة من قبل “الثنائيّ الشيعيّ”، عندها ستتبلور الحلول من خلال جوجلة أسماء وسطيّة، وفي الوقت عينه لا تطعن “الحزب” في ظهره، وتُحافظ على موقع وإستمراريّة “التيّار” السياسيّة في “العهد” المقبل.