حملة على حزب الله.. هل يخيّر اللبنانيين بين فرنجية والفراغ؟!

29 أبريل 2023
حملة على حزب الله.. هل يخيّر اللبنانيين بين فرنجية والفراغ؟!


 
تمامًا كما “تتقاطع” المعارضة، بمختلف مكوّناتها، على رفض انتخاب رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية، من دون أن “تتفاهم” حتى الآن على “بديل” جدّي، يبدو أنّها “تجتمع” أيضًا على رفض ما يوصف بـ”المنطق” الذي ينتهجه “حزب الله” في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وهو ما يفسّر ما يمكن اعتبارها “حملة” يقودها خصوم الحزب ضدّه، رفضًا لمبدأ “مرشحي أو الفراغ” الذي يعتمده الأخير، مرّة أخرى.

Advertisement

 
لا يبدو أنّ هذه “الحملة” تنطلق من فراغ، فهي تستند إلى تصريحات صدرت عن قياديّين أساسيّين في الحزب في الآونة الأخيرة، بينهم نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، الذي قال صراحةً إنّ “البلد أمام مرشحين: أحدهما جِدِّي والآخر هو الفراغ”، ورئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، الذي ذهب أبعد من قاسم، بدعوته اللبنانيين إلى “اغتنام الفرصة”، باعتبار أنّهم قد لا يستطيعون لاحقًا الحصول على “ما يُعرَض عليهم الآن”.
 
وانطلاقًا من هذين التصريحين تحديدًا، وجد خصوم “حزب الله” أنه “يخيّر” اللبنانيين بين مرشحه المُعلَن، سليمان فرنجية، والفراغ، تمامًا كما فعل حين خيّرهم بين الرئيس السابق ميشال عون والفراغ، وعطّل البلاد لأكثر من سنتين حتى اقتنعت الغالبية بالسير به، معتبرين أنّه بذلك “يضرّ” بفرنجية ولا يخدمه، لكن هل هذا هو موقف “حزب الله” فعلاً؟ وهل يمكن اعتبار ممارساته بمثابة “ابتزاز” للبنانيين، بمعنى أنّه يخيّرهم بين القبول بفرنجية اليوم، أو الندم غدًا؟!
 
العنوان “خاطئ”؟!
 
 
يرفض العارفون بأدبيّات “حزب الله” والمطّلعون على أجوائه، الاستنتاجات والتأويلات التي خرج بها المعارضون، والتي انطوت برأيهم على “تحريف مقصود” لمضمون كلام الشيخ نعيم قاسم والسيد هاشم صفي الدين، وقبلهما الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله نفسه، ويعتبرون أنّ العنوان الذي يستند إليه من يشنّون الحملة ضدّ الحزب اليوم خاطئ من الأصل، ولا أساس له، بل يهدف إلى “التشويش” على فرنجية، بوصفه الأوفر حظًا، ليس إلا.
 
يوضح هؤلاء أنّ كلام الشيخ نعيم قاسم مثلاً، الذي فسّره البعض على أنّه “استقواء”، واعتبروا أنّه ينطوي على “تخيير” للبنانيين بين فرنجية والفراغ، لم يكن أكثر من قراءة “واقعية” للمعطيات، فهو لم يقل “إما أن تنتخبوا فرنجية أو تحمّلوا الفراغ”، ولكنّه قال إنّ المرشحين “الجديين” المطروحين الآن هما فرنجية والفراغ، باعتبار أنّه لا يوجد مرشح “جدّي” ينافسه حتى الآن، ولا سيما بعدما “احترقت” ورقة النائب ميشال معوض.
 
وفي حين يعتبر هؤلاء أنّه كان الأوْلى بالمعارضة أن “تكذّب” الشيخ قاسم عبر طرح مرشح تتوافق على المعارضة، لكنّها فضّلت الهجوم لافتقادها لحجج الدفاع، يشيرون إلى أنّ كلام السيد صفي الدين تعرّض للتحريف نفسه، إذ إنّ الرجل لم يكن “يبتزّ” أحدًا، إنما كان أيضًا يحلّل المعطيات الإقليمية والدولية، وهو ما كان واضحًا في سياق كلامه، حين تحدّث عن المتغيّرات الحاصلة في الإقليم، والتي ستنعكس على الاستحقاق الرئاسي.
 
“سيناريو مكرّر”
 
بالنسبة إلى مؤيدي “حزب الله”، فإنّ الموقف واضح، ولا يحتمل اللبس، فالحزب متمسّك بترشيح فرنجية، وهذا حقّه المشروع، لكنّه يرفض أيّ حديث عن “فرضه” على أحد، وهم يذكّرون بما قاله السيد حسن نصر الله يوم أعلن تبنّي الترشيح، حين أقرّ للمعارضة بحقّها في تعطيل النصاب، إن ارادت ذلك، ودعا للجلوس على طاولة الحوار، من أجل التفاهم، إلا أنّ المعارضين هم من عطّلوا ولا يزالون يعطّلون كلّ المبادرات الحوارية بحجج غير مقنعة.
 
لكنّ كل هذه “التفسيرات” لا يبدو أنّها “تقنع” خصوم الحزب، الذين يعتبرون أنّ خطاب “حزب الله” لا يحمل بين طيّاته سوى “استقواء” في غير محلّه، فهو تارة يتحدّث بمنطق “إما فرنجية أو الفراغ”، وتارة أخرى يؤكد تمسّكه بفرنجية حتى الرمق الأخير، نافيًا وجود “خطة باء” لديه، ما يفرغ أيّ حوار يقول إنّه جاهز له من مضمونه، علمًا أنّ “إجماع” القوى المسيحية على رفض ترشيح فرنجية، كان يفترض من الحزب موقفًا مغايرًا، لو كان مرنًا فعلاً.
 
ولعلّ ما يستند إليه خصوم الحزب في موقفهم يتمثل في “التجارب السابقة”، والتي يستند إليها مؤيدو الحزب أصلاً الذين لا يتردّدون في القول جهارًا إنّ ما يقوله الحزب يحصل، وبالتالي أنّ فرنجية سيكون رئيسًا عاجلاً أم آجلاً، تمامًا كما حصل مع الرئيس السابق ميشال عون، الذي لم يكن يؤيده سوى “حزب الله” في البداية، لترسو التسوية عليه بعد سنتين من الفراغ، في “سيناريو” قد يكون لافتًا أنّ “التيار الوطني الحر” يتصدّر رافضيه اليوم، بعكس الأمس.
 
قد يكون من حقّ المعارضة أن “تتوجّس” من خطاب يقوم على قاعدة “مرشحي أو الفراغ”، سواء كان يعبّر فعلاً عن موقف “حزب الله”، أم فُسّرت تصريحات قياديّيه على غير محملها الحقيقيّ. لكن ثمّة من يعتبر أنّ المعارضة أخطأت مرّة أخرى في “التكتيك”، مكرّسة ربما “ضعفًا” يجب أن تعالجه قبل فوات الأوان، علمًا أنّ الردّ “الجدّي” يجب أن ينطلق من تسمية مرشح “جدّي” قادر على منافسة ومواجهة فرنجية، وهنا بيت القصيد!