مما لا شك فيه أن ترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه سجل تقدما في الأسابيع الماضية وارتفعت حظوظه الرئاسية بفعل التبني الفرنسي لترشيح،. وما ينقل عن استعداد سعودي لمناقشة هذا الموضوع مع الفرنسيين.
يسجل البعض على فرنسا أن اهتمامها بترشيح فرنجية جاء على موجة منخفضة ، بحيث اقتصر اللقاء معه على اجتماع عقده باتريك دوريل مستشار الرئيس الفرنسي معه في مقر اقامته في الفندق لمدة لم تتجاوز النصف ساعة، وهذا يعكس اهتماما فرنسيا عاديا وليس استثنائيا، كما ان الموقف الفرنسي من ناحية فعلية لم يشهد تغيرا ذا مغزى.
من يسجل هذه الملاحظات يضيف إليها الموقف الأميركي الرافض لترشيح فرنجية، ويتوقّع أن الموقف الأميركي سوف يتجه إلى المزيد من الوضوح في مواجهة الموقف الفرنسي.على الرغم من هذه الاعتبارات والملاحظات، لا يمكن نكران التحسن في وضعية فرنجية إزاء الاستحقاق الرئاسي ، وما يبدو واضحا أن المبادرة الفرنسية، بحسب مصدر سياسي بارز، لا تحتمل الإطالة ولا بد لنتائجها أن تظهر سريعا، إما سلبا وإما ايجابا، وهذا لا يلغي تعقيدات منتظرة غير معروف لهذه اللحظة كيفية تذليلها، وتحديدا ما يتصل بمواقف الكتل المسيحية الأساسية إذ أن التصعيد الذي يمارسه رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل يظهر إصرارا على رفض فرنجبة حتى في حالة التحول في الموقف السعودي. وكلا الطرفين( الكتائب والقوات) يصران على عدم استعدادهما لتأمين النصاب لجلسة انتخاب الرئيس، فيما لو اتجهت الأمور لانتخاب فرنجية.وعلى ضوء ذلك يصبح دور “التيار الوطني الحر”حاسما تبعا لطبيعة الموقف الذي سيتخذه، إذ أنه لا يزال عند رفضه لفرنجية، لكن هل يعني ذلك أن “التيار الوطني الحر”لن يشارك بدوره في جلسة انتخاب فرنجية،الأمر الذي يؤدي عندها إلى تعطيل نصاب الثلثين هذا فضلا عن الإشكالية المسيحية من ناحية إظهار فرنجية وكأنه مرشح الكتل النيابية التي تمثل الطوائف الإسلامية دون المسيحية الوازنة؟ومع ذلك من المتوقع، في حال وافقت السعودية على انتخاب فرنجية، أن يشهد لبنان تحولا في موقف كتلة اللقاء الديمقراطي بالإضافة إلى أغلبية النواب السنة، لكن ذلك لا يبدو كافيا لتذليل عقدة نصاب الثلثين.ما تقدم يعني أن التحسن الذي يجري الحديث عنه في ظروف فرنجية الرئاسية لا يزال يواجه، بحسب المصدر السياسي نفسه، تلاث عقد كبيرة : العقدة الأولى تتصل بالموقف السعودي، والعقدة الثانية تتعلق بموقف الدول الأخرى الممثلة باللجنة الخماسية وعلى الأخص ما يتصل بموقف الولايات المتحدة، أما العقدة الثالثة فهي ما يتعلق بمواقف القوى المسيحية الأساسية التي تمتلك القدرة على الحؤول دون تأمين نصاب الثلثين. وهذا يعني أيضا أن الأمور لم تنضج على النحو الكافي بعد وأنها تحتاج الى مزيد من الوقت لكن من المرجح ان المدى الزمني الذي تتحرك فيه المبادرة الفرنسية لا يتجاوز شهري ايار وحزيران.أمام كل ذلك، تتجه الانظار مجددا إلى رئيس “التيار الوطني الحر”جبران باسيل، حيث رصدت أوساط سياسية في 8 اذار مرونة وانخفاضا في مواقفه التصعيدية، إذ أن اقفال الأفق أمامه لنسج تفاهمات رئاسية مع الكتائب والقوات وأمام اندفاعة المبادرة الفرنسية التي أصابته بهلع من احتمال أن تصل الى نتائج سيكون هو من أول الخاسرين من جرائها ، كلها عوامل ربما فرضت عليه التفكير مجددا في إعادة ترميم جسور العلاقة مع حزب الله، فضلا عن أن التفاهم الإيراني السعودي ونتائجه الإقليمية والمحلية ستضع التيار الوطني في موقع لا يحسد عليه، حيث سيجد نفسه خارج العوائد والمترتبات على هذا التفاهم كما تقول الأوساط نفسها.قبل ايام، أطلق فرنجية رسائل شديدة الوضوح في كل الاتجاهات من أبرزها أنه فتح الباب أمام باسيل مجددا، فهل نشهد مفاجآت من هذا النوع؟