كتب وليد شقير في” نداء الوطن”: اليوم ينعقد في العاصمة الأردنية عمّان اجتماع خماسي يضمّ وزراء خارجية الأردن، السعودية، العراق، مصر وسوريا، من أجل استكمال التشاور الخليجي العربي الذي حصل في اجتماع جدة في 14 نيسان الماضي، حول العلاقة مع سوريا، والذي شمل المبادرة الأردنية للتوصّل لحل سياسي للأزمة السورية، وفق منهجية الخطوة مقابل الخطوة، التي تتوخّى استجابة الرئيس السوري بشار الأسد للمطالب العربية بالتدرج، بحيث يحصل التطبيع معه بالتدرج. في اجتماعات كهذه يفترض أن يتحدّد مسار العودة، وليس في تكرار البُكائيات التي تتراوح بين التقاذف اللبناني للمسؤولية عن استمرار العبء الذي أخطأ لبنان في التعاطي معه وبين النظرة العنصرية التي قادت إلى التخبّط حيال الكارثة الإنسانية.
وفق معلومات مصدر دبلوماسي عربي رفيع، يُفترض باجتماع عمّان اليوم أن يحصل من وزير الخارجية السوري فيصل المقداد على أجوبة طُرحت على الجانب السوري قبل اجتماع جدة، حين سبقت زيارته لها ذلك الاجتماع، ثم في خلال زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في 18 نيسان. مع شحّ التسريبات حول طبيعة هذه الأسئلة، فإنّ الأوساط المتابعة للجهد العربي من أجل التطبيع مع نظام بشار الأسد، تشير إلى ثلاث مسائل:
1- وقف تهريب الكبتاغون إلى الدول العربية ولا سيما الخليجية، من لبنان والأردن، والذي يتّهم النظام به. جواب دمشق على هذه التهمة كان في تعاون أجهزتها مع أجهزة الدول التي تشكو من هذه الآفة، بكشفها عدداً من الشحنات التي أحبطت دول الخليج دخولها إليها خلال الشهرين الماضيين. إلا أن دمشق تتطلع إلى أن تبذل دول الخليج جهوداً لدى واشنطن والغرب بتأخير صدور «استراتيجية» تنفيذ قانون العقوبات الذي صدر عن الكونغرس الأميركي والذي يعتبر النظام السوري مسؤولاً عن شبكة الكبتاغون في المنطقة. وهذه الاستراتيجية يفترض أن تصدر في حزيران المقبل.
2- البدء في إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم وفق خطة متدرجة، كان الوزير بن فرحان تحدث عنها للتخفيف من عبئهم على الاقتصادين الأردني واللبناني. وهي مسألة أثيرت وستتواصل إثارتها في إطار الجهود الروسية لإنجاح التطبيع بين تركيا رجب طيب أردوغان وبين نظام بشار الأسد، في إطار الاجتماعات الرباعية الروسية التركية الإيرانية السورية، التي استضافتها موسكو وآخرها مطلع الأسبوع الفائت على مستوى وزراء الدفاع. وهي تتناول إعادة جزء من النازحين إلى تركيا. ومطلب النظام كان في هذا الصدد أن تتولّى دول الخليج تمويل إعادة الإعمار لإتاحة العودة لاعتبارها أن تمويل هذه الدول المعارضة في السابق أدّى إلى هذا الدمار. لكن لهذا التمويل مسالكه وشروطه، فضلاً عن عقباته منها العقوبات المفروضة على التعامل مع النظام وفق قانون «قيصر»، والعقوبات الأوروبية، التي تحظّر تمويل الإعمار في مناطق سيطرته.
3- استعدادات النظام السوري لولوج الحل السياسي استناداً إلى القرار الدولي الرقم 2254 الذي ينصح بقيام حكم انتقالي تشترك فيه المعارضة، والذي تضعه واشنطن والاتحاد الأوروبي شرطاً لأي تطبيع مع حكم بشار الأسد. وهو أمر يرفض الفريق الحاكم السماح به معتبراً القرار الدولي كأنه لم يكن.في انتظار الأجوبة السورية تكمن أهمية الاجتماع الخماسي في أنه يسبق القمة العربية في المملكة العربية السعودية في 19 أيار، وينعقد قبل شهر ونصف الشهر من اجتماع بروكسيل الدوري حول «مستقبل سوريا» الذي يبحث في تمويل النازحين… وقبل يومين من زيارة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي إلى دمشق.