وسط التسويات.. هل قرّرت إيران تحجيم دور حزب الله؟

1 مايو 2023
وسط التسويات.. هل قرّرت إيران تحجيم دور حزب الله؟


في أكثرَ من تصريحٍ له خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان الأسبوع الفائت، ثبّت وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان نقاطاً أساسيّة لا يُمكن التغاضي عنها، الأولى تتعلّق بـ”المقاومة” في لبنان، والثانية ترتبطُ بموقف إيران من الملف الرئاسي، فيما النقطة الثالثة تتعلّق بموقع لبنان من التسوية القائمة حالياً على صعيد الإقليم، وتحديداً بعد الإتفاق السعودي – الإيراني. أما النقطة الرابعة وهي الأهم فتتعلق بما يقوله عبد اللهيان بشأن “حزب الله” ودور الأخير، خصوصاً أن هناك تساؤلات طُرحت بشأن موقع الحزب مما يجري، وعمّا إذا كانت هناك من تعديلات قد تطرأ على ما يقدمه الحزب على صعيد المنطقة.

واقعياً، ما أفرزتهُ الزيارة الأخيرة لعبد اللهيان ارتبطَ بأمرٍ واحد لا لُبس فيه وهو أنَّه لا تسوية ستشملُ “حزب الله” بتاتاً، بمعنى أنَّ الأخير سيبقى بقوته وبالتالي لن يطاله أي تحجيم أو تبدلات تمت المراهنة عليها كثيراً. ما يُقال هنا يمكن التأكد منه بشكل حاسم حينما شدّد عبد اللهيان فور وصوله إلى بيروت، الأربعاء الماضي، على مُعادلة “الجيش والشعب والمقاومة” واعتبارها صمّام أمانٍ للبنان، ما يعني تأكيداً على دور الحزب الأساسي في تلك المعادلة التي انبثقت من خلاله قبل سنوات طويلة.إذاً، حينما يتحدّث عبد اللهيان عن هذا الأمر المُرتبط بالمعادلة المذكورة، فإن الإشارة الأكبر وضوحاً هنا تعني أن أيّ أمرٍ آخر في لبنان يجب أن يمرّ في كنفها. هنا، الملف الأول الأساس هو ملف الإستحقاق الرئاسي الذي أكد عبد اللهيان خلال مغادرته بيروت، الجمعة، أن إيران لا تتدخل به. إلا أن المفارقة الأكبر هنا تشيرُ إلى أن طهران أعطت زخماً جديداً لمعادلة لم تعد مقبولة من مختلف الأفرقاء، وبالتالي سيُشكل هذا الأمر ضغطاً على “حزب الله” في حال تمسّك بها أو قرّر ربط معركة الرئاسة بها بشكل حاسم وجازم.بشكلٍ أو بآخر، فإنَّ طرح تلك المعادلة مُجدداً وخلال زيارة حصلت في توقيتٍ لافت وسط تسويات، قد يؤدّي في لحظة من اللحظات إلى ضغطٍ على “حزب الله” وعلى مرشحه الرئاسي رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجية حينما يتعلّق الأمر بالإستراتيجية الدفاعية. حُكماً، هنا تكمن الجدلية، وما قاله عبد اللهيان عن “المعادلة الثلاثية” قد يمهد الطريق إلى إستبعادِ حصولِ أي تبدلات يمكن أن تُطيح بـ”حزب الله”.. ففي الأساس، تثبيت معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي تثبيت للحزب، في حين أن انتفاءها يعني كسراً لوجوده وبالتالي تقليصاً لما يعتبرهُ البعض “نفوذاً إيرانياً” في لبنان.مقابل كل ذلك، فإنَّ هناك رسائل عسكرية حملها عبد اللهيان ولا يمكن تجاهلها بتاتاً، وتتعلق حصراً بدور لبنان ومكانته في الحرب ضدّ العدو الإسرائيلي. وفعلياً، شاء الوزير الإيراني أن يوجه الرسالة في هذا الإطار عبر أمرين: التأكيد على أن لبنان هو جبهة أساسية، في حين أن زيارته إلى الحدود تُعدّ تأكيداً على أن إيران موجودة هناك عبر “حزب الله” وبالتالي أي حربٍ ستُشنّ ضد إيران تعني أن الحزب سيكون منخرطاً بها لا محال. كذلك، فإنّ التوجهات التي أرستها زيارة عبد اللهيان إلى بيروت والجنوب، تؤكدُ حتماً أنَّ هناك إصراراً إيرانياً على مواجهة “إسرائيل” بشكل مباشر، فوجود الوزير الإيراني قرب السياج الحدود يعدّ رسالة مدوية مضمونها التالي: “إيران موجودة على حدود فلسطين التي تحتلها إسرائيل، فيما الأخيرة لا تجرؤ على شنّ عدوان ضدّ طهران لأن التكلفة ستكون باهظة”.في خلاصة القول، يتضحُ تماماً أن إيران ومن خلال زيارة عبد اللهيان الأخيرة، كرّست 3 أمور أساسية وهي: تثبيت دور “حزب الله” أكثر فأكثر، تعزيز ارتباطها بلبنان والتأكيد أنه ضمن التسويات، وإيفاد رسالة إلى “إسرائيل” بأن التهديد الإيراني يتزايد أكثر فأكثر.. أما السؤال الذي ينتظر إجابة: هل ستنشطُ إيران على صعيد ملفات داخلية معقدة أخرى تهمّ لبنان كملف النازحين السوريين؟ هنا يكمنُ بيت القصيد في الوقت الراهن.