صدر في الجريدة الرسمية المرسوم القاضي بتحديد الضريبة على القيمة المضافة وفق سعر صيرفة، إذا كانت الفواتير محددة بعملة اجنبية. ويأتي ذلك بعدما اقر مجلس الوزراء دفع 4 رواتب إضافية لموظفي القطاع العام تضاف الى الرواتب الثلاثة التي كانت تدفع سابقاً أي بمعنى أن موظف القطاع العام سيتقاضى سبعة رواتب شهرياً إضافة إلى بدل نقل، عن 14 يوم عمل كحد أدنى شهرياً، عدّل ليصبح 450000 الف ليرة عن كل يوم حضور الى العمل.
هذه الزيادات سترتب على الخزينة إنفاقاً إضافياً سيصل الى 11 الف مليار ليرة شهرياً علماً بأن إيرادات الخزينة كاملة بعد زيادة رسم الدولار الجمركي ستصل الى 7 آلاف مليار، بحسب تصريح أحد وزراء حكومة تصريف الأعمال الذي شارك في نقاشات الأرقام وكيفية إحتسابها، علما أن بداية زيادة الرسوم حصلت عندما عدّل الرسم الجمركي إلى 15000 ليرة ثم إلى 45000 ليرة وصولاً إلى القرار الذي اتخد مطلع نيسان بتحديده بـ 60 ألف ليرة وصولاً إلى تحديده وفق سعر دولار صيرفة .ويرى الخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور محمود جباعي لـ “لبنان24″ أنه مع أي قرار مالي أو نقدي يساهم في توحيد سعر صرف الدولار لاسيما وأننا اليوم أمام أسعار مختلفة سواء في ما يتصل بدولار السوق الموازية أو صيرفة أو دولار ال 15000 أو الدولار المصرفي، وكذلك الأمر بالنسبة الى الدولار الجمركي، وهذه الاسعار لا تخدم النفع الاقتصادي والمالي والنقدي للدولة اللبنانية من جهة ولا الصالح العام، لانها تخلق نوعا من البلبلة الاقتصادية والمالية والنقدية، خاصة وأن سعر الدولار الجمركي ارتفع من 45000 إلى 60000 في حين أن الضريبة على القيمة المضافة كانت وفق سعر 15000. من هنا فإن توحيد سعر الصرف يحد من المزيد من الخسائر التي يتعرض لها التجار من جهة لأنهم يدفعون الدولار الجمركي على سعر أعلى وtva وفق سعر منخفض، والدولة اللبنانية من جهة أخرى عاجزة عن تحصيل الإيرادات، وكل ذلك يتطلب سعرا موحدا لكل الضرائب والرسوم من أجل العودة رويدا رويدا إلى الانتظام المالي والنقدي، ومن أجل أن تتمكن المؤسسات الرسمية من تحسين ايراداتها. ولذلك من المهم أن تتماهى السياسة المالية مع السياسة النقدية من أجل تحقيق الاستقرار في سعر الصرف.أمام ذلك، فإن التبادل التجاري لن يتأثر، باعتقاد جباعي، لأن الشركات تستورد وفق الدولار الفعلي، وعندما يصبح الدولار الجمركي والضريبة على القيمة المضافة وفق سعر الدولار الفعلي، فإن ذلك سيساهم في الحلحلة الاقتصادية والمالية ويسمح للدولة بأن تؤمن ايرادات حقيقية من أجل نمط مالي ونقدي جديد في البلد.ويقول الخبير المالي والاقتصادي بلال علامة لـ”لبنان24” من جهته إن الشركات وكارتيلات الإحتكار والتجار، كانوا ولا يزالون يسارعون مع أي ارتفاع في الرسوم، إلى رفع الأسعار بما يضمن لهم المحافظة على الأرباح ذاتها التي كانوا يحققونها سابقاً، اي عندما كانوا يدفعون الرسوم والضرائب على سعر 1500 ليرة. وفي ظل عدم قدرة الأجهزة الرسمية على ممارسة الرقابة والضبط ومنع التهريب المشرّع بطريقة شبه رسمية، بقيت الخزينة تنزف والكارتيلات تجني الأرباح بشكل غير قانوني، حتى أن أرقام الإستيراد عام 2022 بلغت في ذروة الأزمة مبالغ خيالية وصلت إلى عشرين مليار دولار في وقت لم تصل إلى هذه الأرقام في سنوات سابقة وقبل حصول الأزمة المالية والانهيار . ومقابل الإستيراد المتزايد قبل رفع الرسوم، بقيت خزينة الدولة تنزف والكارتيلات تحقق الأرباح غير الشرعية وخفت ايرادات الخزينة وتراجعت بشكل مخيف وكان المواطن هو من يدفع الثمن باستمرار .وبناء على ذلك، يعتبر جباعي أن هناك فئة معينة من الشعب اللبناني (لا تتجاوز 20% وتمثل الموظفين في القطاع العام وبعض موظفي القطاع الخاص) تدفع ثمنا باهظا جراء ما يحصل، الأمر الذي يستوجب معالجة أوضاعها وتوفير الخدمات الاجتماعية لها، لأنها لا تملك أي تحويلات خارجية أو مصالح حرة تسعّر من خلالها بالدولار ولا يمكنها تحصيل رواتب بالدولار، لكن ما تبقى من الشعب اللبناني لا يعاني… فهناك نسبة استهلاك مرتفعة في الاسواق ربطا بانخفاض الادخار، مع الإشارة إلى أن الأموال التي تحصل ترتبط بالتحويلات عبر المصارف والشركات المالية، وما يدخله الموسم السياحي فضلا عن أموال المغتربين وأموال التهريب.ويعتبر جباعي، انه كان من الافضل لو تم تثبيت صيرفة للقطاع العام وفق سعر صرف يتراوح بين 40000 و45000،من دون الزيادة بالليرة اللبنانية، لأن حجم الزيادة سوف يبلغ حوالي4000 تريليون ليرة كرقم أولى في الشهر يتجاوز الكتلة النقدية بالليرة التي هي 80 تريليون ليرة ككل، وهذا سيؤدي إلى مزيد من طباعة الأوراق النقدية، لأن المصرف المركزي يحتاج إلى ليرات لتأمين هذه المبالغ، الأمر الذي سينعكس على سعر الصرف في مرحلة مقبلة. لذلك كان من الأفضل عدم الزيادة بالليرة، لأن ذلك سوف يخلق تضخما، فانهيارا في العملة وصولا إلى ارتفاع في سعر صيرفة، فتآكل للزيادة.إذن الرسم الجمركي سيصبح 86500 ألف ليرة وسيتسبب هذا الأمر، بحسب علامة، بارتفاع للاسعار بمعدل 30 % تقريباً ولن ينفع الكلام بأن هناك سلعا معفاة من الرسوم الجمركية، لأن الزيادة قد حصلت فعلياً.وبحسب التقرير الصادر عن دائرة الإحصاء المركزي،فإن الأسعار إرتفعت ما بين شهري شباط وآذار 2023 بنسبة 35 % في وقت لم يصدر أي تقرير عن زيادة إيرادات الخزينة ولو بمعدل 5%.وبناء على ذلك، يعتبر علامة أن إيرادات الخزينة لن ترتفع ولا الإستيراد سيرتفع، فقط الأسعار ستزيد بوتيرة كبيرة ، مع اقتناعه أن التهريب سيزداد وربما سيصبح مشرعاً عبر مرافئ الدولة البرية والبحرية والجوية في وقت ستصبح مؤسسات الدولة عاجزة أكثر عن ممارسة أي ضبط أو رقابة أو محاسبة إتجاه التهريب وتفلت الأسعار والإستيراد وتحصيل الإيرادات.وبينما يشير علامة إلى أن خطوة رفع الدولار الجمركي إلى مستوى سعر منصة صيرفة قد تكون مقدمة لتوحيد سعر الصرف عند إعداد موازنة العام 2023، يرى جباعي أن لبنان يحتاج إلى تقنيات ضريبة خاصة. فغياب هذه التقنيات، يستدعي من الدولة اللبنانية الاستعانة في المرحلة الأولى بشركات دولية لتحصيل ايرادات الضرائب، لأن هذا الأمر مهم جداً انطلاقا من أن نسبة التحصيل سوف تزيد عن 60 في المئة، ربطا بالرقابة على الوزارات من خلال شبكها بانترنت داخلي بين وزارة المالية ومراكز البيع والشركات الكبرى، وبهذه الطريقة يمكن التخفيف من التهرب الضريبي، لأن لبنان اليوم مشرّع على كل انواع التهرب الضريبي والتهريب عبر الحدود ايضا.