الجمود الرئاسي مستمر وتمايز أميركي عن باريس.. بري: جعجع متوتر

3 مايو 2023
الجمود الرئاسي مستمر وتمايز أميركي عن باريس.. بري: جعجع متوتر


لم تظهر بعد معالم أي اختراق وشيك في الانسداد العام من شأنه ان ينهي الشغور الرئاسي الذي بدأ شهره السابع في بداية أيار ولا افق ملموسا بعد لانتخاب من يملأه.وكتبت” النهار”: لذا لم يكن غريبا ان يثير احدث المواقف الأميركية من الازمة الرئاسية اللبنانية الكثير من الاهتمام والتركيز على قراءة دلالاته، اذ بدا موقفا مدروسا بعناية استثنائية وليس مجرد ترداد لادبيات ومبادئ عامة. ذلك ان الخارجية الأميركية اختارت على نحو لافت مناسبة مرور ستة اشهر على بدء الشغور الرئاسي في لبنان، وأصدرت بيانا يمكن القول ان ابرز ما تضمنه لا يتلاقى والكثير من توجهات “المبادرة الفرنسية” بل لعله يبدو اقرب الى ما ينسب الى موقف المملكة العربية السعودية. كما ان الميزة اللافتة للغاية التي تستقطب الاهتمام في البيان الأميركي الجديد تتمثل في الحض بقوة على حل “من داخل لبنان وليس من المجتمع الدولي” لانتخاب رئيس “متحرر من الفساد وقادر على توحيد البلاد”.

اكتسب البيان أهميته اذن من حض الولايات المتحدة البرلمان اللبناني على انتخاب رئيس للجمهورية بعد مرور ستة أشهر على شغور المنصب الأول في هذا البلد الغارق في جمود سياسي وأزمة اقتصادية طاحنة. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في البيان ان “الولايات المتحدة تدعو القيادات السياسية في لبنان الى التحرك بشكل عاجل لانتخاب رئيس لتوحيد البلاد وإقرار الإصلاحات المطلوبة على وجه السرعة لإنقاذ الاقتصاد من أزمته”. وأضاف “على قادة لبنان عدم وضع مصالحهم وطموحاتهم الشخصية فوق مصالح بلدهم وشعبهم”. وأعرب ميلر عن “اعتقاد الولايات المتحدة بأن لبنان يحتاج إلى رئيس متحرر من الفساد وقادر على توحيد البلاد (…) وتنفيذ إصلاحات اقتصادية أساسية على رأسها تلك المطلوبة لتأمين اتفاق على برنامج مع صندوق النقد الدولي”. وأكد ميلر أن “الحلول لأزمات لبنان السياسية والاقتصادية يمكن أن تأتي فقط من داخل لبنان وليس من المجتمع الدولي”.وكتبت” الاخبار”: الصمت السعودي المتواصل بشأن الملف الرئاسي، بات ينطبق أيضاً على الأميركيين. فيما فرنسا تصر على مبادرتها القائمة على تسوية تأتي بسليمان فرنجية رئيساً للجمهورية ونواف سلام رئيساً للحكومة. وقد جدد المستشار الأول في قصر الإليزية باتريك دوريل هذا الموقف أمام عدد من الشخصيات اللبنانية وجهات معنية بالملف، فيما كان لافتاً إلغاء الاجتماع الذي كان متوقعاً للجنة الخماسية الخاصة بلبنان، وسط تقديرات تتراوح بين وقوف السعودية وراء ذلك لرفضها إعطاء القطريين والمصريين دوراً في الملف، وبين رفض باريس عقد اجتماع تعرف مسبقاً أنه سيصار خلاله إلى التشويش على مبادرتها، مفضّلة حصر البحث مع الجانب السعودي، بعلم الأميركيين.وفيما كان كثيرون في لبنان ينتظرون عودة السفير السعودي وليد البخاري إلى بيروت للاستماع إلى جديد السعودية، لم يُسجّل أي لقاء خاص للسفير البخاري ولم يصدر عنه أي موقف، وقال بعض النواب الذين تربطهم علاقات جيدة مع السفارة السعودية في بيروت إنهم لم يتلقوا أي إشارة إلى موقف الرياض في ضوء الحراك الفرنسي الأخير.وبحسب مصادر معنية بالمفاوضات، فإن السعودية أبلغت الجانب الفرنسي أنها لا تضع فيتو على فرنجية، لكنها لن تخوض معركة إيصاله إلى القصر الجمهوري، وبالتالي لا ينبغي توقّع أن تبادر الرياض إلى الضغط على حلفائها في لبنان للسير في التسوية. وأضافت المصادر نفسها أن الموقفين السعودي والأميركي متطابقان لجهة عدم الدخول في لعبة الأسماء ولا حتى لعبة المواقف النهائية. وفسر متابعون هذه السياسة بأنها إشارة إلى عدم اكتمال عناصر التسوية. وأن ردود الفعل العنيفة من حلفاء الرياض ضد التسوية تشير إلى رغبتهم في أن تستخدم السعودية لإبلاغ فرنسا استحالة التسوية.وتؤكد المصادر أن النقاش بين الفرنسي – السعودي – الأميركي حول التسوية لم يتوقف، وأن هناك الكثير من البنود التي يطرحها الطرفان الأميركي والسعودي تتعلق بمستقبل الحكم في لبنان، خصوصاً لجهة البرامج والسياسات المفترض اعتمادها من قبل الحكومة، وبما خص منح الحكومة وضعية تمنع تعطيلها من أي فريق غير راغب بالإصلاحات. وأشارت إلى أن كلام فرنجية الأخير عن أن الثلث الضامن سيظل موجوداً في الحكومة، وأن ملفات أمنية وعسكرية ومالية ونقدية لا يمكن البت بها إلا بعد تشكيل حكومة جديدة، يحمل في طياته نوعاً من الرد على المطالبات الغربية له بإعطاء ضمانات بما خص هذه الملفات منذ الآن.وكتبت”نداء الوطن” أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أقرّ بإستحالة تسويق رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية بعد إنسداد إمكانية إحداث اختراق في الموقف السعودي، على الرغم من محاولات قام بها السفير الفرنسي السابق في لبنان إيمانويل بون، وبعد سقوط المحاولات السابقة التي قام بها مستشاره باتريك دوريل، ولذلك بدأ مع فريق عمله إجراء مراجعة للدور الفرنسي حول موضوع الرئاسة اللبنانية.ونقلت مصادر في العاصمة الفرنسية عن مسؤولين في الإليزيه أن المقال الذي نشر امس في صحيفة “لو فيغارو” بقلم الكاتب والجيوسياسي الفرنسي رينو جيرار، إستفز ماكرون شخصياً، بحيث سارع الى إبلاغ مساعديه بضرورة البحث سريعاً عن البديل عن فرنجية، خوفاً من إنضاج تفاهم دولي إقليمي حول الرئيس العتيد، دون الأخذ بالإعتبار أي مشاركة فرنسية في هذا التفاهم.وجاء في المقال أنه “ممّا أثار دهشة الإصلاحيين اللبنانيين، أنّهم علموا أن فرنسا كانت تشجّع سرّاً ترشّح سليمان فرنجية (إقطاعي تقليدي، متحالف تماماً مع محور دمشق – طهران) لمنصب رئيس الجمهورية، وتطلب من السعوديين إقناع النواب اللبنانيين السنّة بذلك”. وتساءل الكاتب: “أليس من السذاجة أن تصدّق فرنسا أنّ فرنجية سيحافظ على وعده بتشجيع الإصلاح، بذريعة أنه صريح؟”.وتلبعت” نداء الوطن”: في المعلومات حول تحرّك السفيرة الاميركية ان الديبلوماسية الاميركية خلال إجتماعها امس بالرئيس بري حثت على إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية حزيران المقبل حيث يصادف إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وكان موقف الرئيس بري الذي سمعته شيا، انه (أي بري) يرفض حصول فراغ حاكمية المركزي بما يؤدي الى قيام النائب الاول الشيعي وسيم منصوري بتصريف الاعمال، ما يعني ان هناك تزكية من رئيس البرلمان للجهود بالتعجيل في ملء الشغور في منصب الرئاسة الاولى.وتأتي هذه “الهبّة” الرئاسية الاميركية الجديدة بعد أسبوع على الرسالة الخاصة التي بعث بها اخيراً رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت مانديز، والعضو البارز في اللجنة جايمس ريتش إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، وتضمنت للمرة الاولى إنتقاداً لدور الرئيس بري في إنجاز الاستحقاق الرئاسي. وكتبت” الديار”:سُجلّت يوم امس استفاقة اميركية، بعد توكيل فرنسا لأشهر بالملف الرئاسي، بحيث دعا المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، مجلس النواب اللبناني الى انتخاب رئيس للجمهورية، بعد مرور ستة أشهر على شغور المنصب الأول، في البلد الغارق في جمود سياسي.بريوفي حديث الى ” الجمهورية” سئل رئيس مجلس النواب نبيه  بري عن تعليقه على نفي “القوات” لصحة معلوماته حول ما يجري على الخط الفرنسي – السعودي – الأميركي، فاجاب: هذا الإنكار لن يغيّر شيئاً في الوقائع. الأمر الأكيد هو انني صادق في كل ما أقوله عن المسار الاقليمي والدولي المواكِب للملف الرئاسي، ثم لا الفرنسيين ولا السعوديين نَفوا ما صدر عني في شأن موقف الرياض حيال ترشيح فرنجية، ولذا فإنّ نفي القوات اللبنانية لا يؤخّر.ويلاحظ بري انّ جعجع يبدو متوتراً هذه الأيام، “وهو يرفض الحوار ويرفض التشريع في مجلس النواب ويرفض اجتماع الحكومة ويرفض التجاوب مع مساعي التسوية الرئاسية، في حين انّ الوضع الصعب الذي يمرّ فيه البلد يتطلّب التحلي بأعلى درجات المسؤولية، والتفتيش عن حلول وليس إقفال الباب تلو الآخر أمامها”.ولدى سؤاله: هل صحيح انك تحاول أن تُحيي الموتى كما ورد في بيان معراب؟ يضحك بري ثم يجيب: أنا أحيي الحقائق التي يحاول البعض أن يطمسها. ويؤكد بري انه ثابت على دعم ترشيح فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وليست لديّ خطة “ب” أو “ج” أو “ت” او غيرها. ويتابع بنبرة حاسمة: باختصار بالنسبة الى ما خَص مسألة تأييدي لانتخاب فرنجية لا أعترف سوى بالخطة “أ”، أمّا باقي حروف الأبجدية فليست موجودة في قاموسي السياسي، مع احترامي الكامل لحق الآخرين في أن يكون لهم أيضاً مرشحهم الآخر وأن يَسعوا الى إيصاله.ويلفت بري الى انّ الجلسات الـ 11 لانتخاب رئيس الجمهورية تحوّلت أضحوكة وألعوبة، “ولن أقبل بأن يستمر التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي بهذه الخِفة، ولذلك انتظر حتى يكون هناك مرشح جدي او مرشحين جَديين لدى مكونات الطرف الآخر لكي أدعو الى جلسة انتخابية”.ويوضح انّ نائب رئيس المجلس الياس بو صعب أبلغَ إليه انه سيتحرك بحثاً عن قواسم مشتركة بين الكتل، “فلم أمانع، وتمنيتُ له التوفيق، مع انّ مهمته ليست سهلة”.وينفي بري ان يكون وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قد تدخل في الشأن الرئاسي خلال زيارته لبيروت، مشيراً الى أنّ عبد اللهيان لم يطلب من حركة أمل و”حزب الله” أي أمر على هذا الصعيد، “وعندما اجتمعتُ به كنتُ أنا مَن بادَر الى مقاربة الملف الرئاسي وليس هو”. ويؤكد انّ معالجة قضية النازحين السوريين جدياً تتطلّب تطوير التواصل مع سوريا، حتى لا يظل الجانب الأمني طاغياً عليه، داعياً الى تعزيز التنسيق على المستوى السياسي بين الحكومتين. ويلفت الى انّ المطلوب اتخاذ إجراءات عملانية ومنسّقة تسمح بتحقيق العودة الواسعة، وبمواجهة اي محاولات لعرقلتها من قبل الجهات الدولية. ويعتبر بري انه من الضروري ان يتواجد في رئاسة الجمهورية شخص يكون، من ضمن مواصفاته الضرورية، أهلاً لمعالجة قضية النزوح التي باتت تشكل تهديداً كبيراً للبنان، “وسليمان فرنجية هو أكثر من يملك المؤهلات السياسية للتعامل مع هذا التحدي وكسبه، انطلاقاً من الثقة المتبادلة بينه بين القيادة السورية”. امّا بالنسبة إلى استحقاق اقتراب نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فإنّ بري يشدد على أن الاولوية المُلحّة هي لتعيين حاكم جديد، مشيراً الى انّ ذلك يجب أن يشكل حافزاً لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية سلامة.من هنا، يرفض بري بشدّة التسليم بمبدأ حلول النائب الأول للحاكم وسيم منصوري مكان سلامة في حال تعذّر تعيين خلف له. ويلفت الى انّ موقع حاكمية مصرف لبنان شديد الأهمية والحساسية ضمن التوازنات اللبنانية والتركيبة الداخلية، “وينبغي ان تكون لرئيس الجمهورية كلمة فيه كما في اسم قائد الجيش، وبالتالي لا أقبل ان يحلّ شيعي في مركز حاكم البنك المركزي ولو بالإنابة ولفترة قصيرة، مع تأكيدي بأنّ وسيم منصوري يملك القدرات المطلوبة، ولكن الأمر أبعد من هذه الحدود”.