تتسارع التطورات على خط اعادة ترتيب وضع المنطقة منذ اتفاق بكين بين السعودية وايران وصولا الى تسارع وتيرة التقارب العربي مع سوريا لا سيما مع انتهاء القطيعة بين المملكة وسوريا وسط تأكيد مصادر دبلوماسية عربية بضرورة حسم ملف عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية قبيل القمة العربية، فيما تواصل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، الأربعاء،مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وتم التأكيد على أهمية المسار العربي للعمل على حل الأزمة السورية ومعالجة تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية، وفق المبادرة الأردنية والمبادرة السعودية والجهود العربية الأخرى، وفق منهجية خطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254″. علما ان اجتماع عمان اتى استكمالا لاجتماع جدة وللبناء على الاتصالات التي قامت بها هذه الدول مع الحكومة السورية وفي سياق طروحاتها، والمبادرة الأردنية للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية. وشكل ملف النازحين احد ابرز بنوده علما ان لبنان لم يكن حاضرا اجتماع عمان الذي اقتصر على وزراء خارجية سوريا السعودية مصر العراق والاردن.
وترى مصادر اردنية مطلعة ان سوريا تقترب من العودة للبيت العربي بجهود اردنية مصرية سعودية، وهذه الدول تبحث عن عودة الاستقرار للمنطقة العربية لحاجتها للمشاريع الاقتصادية العابرة للدول، خصوصا في مجالات الطاقة والتجارة الحرة وانشاء المشاريع العملاقة، وهذه المشاريع تتطلب استقرارا لابعاد الخطر عنها، مع اعتبارها ان عودة استقرار سوريا يحد من تهريب المخدرات الى الاردن والسعودية.يعتمد الجميع على المبادرة الاردنية ويدركون بأنها بحاجة للوقت كونها تقوم على نظرية خطوة خطوة، فالمجتمع الدولي يفترض ان يقدم لسوريا المساعدات الاقتصادية ويعمل على تخفيف العقوبات رويدا رويدا وتمويل اعادة الاعمار في المقابل سيقوم النظام السوري باطلاق سراح المعتقلين وتحديث العملية السياسية وصياغة دستور جديد واجراء انتخابات، بحسب المصادر الاردنية نفسها، مع تأكيدها أن هذه الامور قابلة للتطبيق شرط موافقة واشنطن على التراجع عن “قانون قيصر”، وهنا قد تكون المشكلة كون الولايات المتحدة لا تقدم تنازل إلا اذا حققت ما تهدف اليه، لجهة التطبيع السوري مع الكيان الصهيوني وابرام اتفاقات لترسيم الحدود والاعتراف بصهيونية الجولان. بيد ان هذا الامر ليس واردا عند الرئيس بشار الاسد وليس قابلا للنقاش او البحث تقول مصادر سياسية سورية.نجح الأردن خلال الاجتماع الخماسي في عمان في وضع خطة للعمل على بدء إعادة اللاجئين، و أكد البيان أن “العودة الطوعية والآمنة” للاجئين السوريين إلى مدنهم وقراهم “أولوية قصوى” و”يجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً”، وكذلك تعزيز التعاون بين النظام والدول المضيفة لهم، والتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة لتنظيم عملية العودة، وفق “إجراءات محددة وإطار زمني واضح”.وبينما كثرت التساؤلات حول غياب لبنان في هذه المرحلة عن اجتماع عمان رغم انه يستضيف اعداد اكبيرة من اللاجئين السوريين، ردت المصادر الاردنية السبب الى ان عودة اللاجئين جزء من شمولية الحل وليست الحل الوحيد. واثبتت التجارب من اجتماعات كهذه انه كلما كان عدد الدول المشاركة محدودا كلما تم التوصل الى نتائج افضل، خاصة وان كل دولة تحمل رأي مجموعة من دول الجوار الخاصة بها، فالسعودية تمثل الخليج، ومصرتمثل شمال افريقيا، والاردن يمثل بلاد الشام وتمتد الحدود بينهما مسافة 375 كيلومترًا،، وبالتالي كلما قل المتحدثون زاد التقارب والوصول لحلول.في المقابل ترى اوساط دبلوماسية، ان الاوضاع في لبنان المتصلة بالفراغ الرئاسي قد تكون سببا وراء عدم دعوة لبنان، مع اعتبار المصادر ان اي تطور في الوضع السوري سوف ينعكس ايجابا على لبنان، لا سيما وان اي عودة للاجئين السوريين من الدول المضيفة لن يكون لبنان بمنأى عنها ولو تأخرت عودة هؤلاء من لبنان، مع تشديد المصادر على ان ما تقوم به الحكومة اليوم ايجابي لا سيما وانها حكومة تصريف اعمال، لكن المعالجة الجذرية تتطلب انتخاب رئيس وتشكيل حكومة كاملة المواصفات تضع هذا الملف في سلم اولوياتها اسوة بالملفات الاقتصادية والمالية.ومع ذلك، فإن الشكوك سيدة الموقف حيال دور مفوضية اللاجئين والمنظمات الدولية من ملف النازحين في لبنان، بعدما تردد ان مفوضية الأمم المتحدة لشؤون الللاجئين UNHCR تقدمت بورقة خطية إلى الأمن العام، تطالب بإعطاء مليون و600 ألف نازح حق الإقامة والعمل والتعليم وتثبيتهم في لبنان كلاجئين. الا ان المفوضية التي رفضت ما اتهمت به اكدت انها تواصل دعوتها لاستئناف تسجيل اللاجئين السوريين في لبنان، وانها لا تعيق عودتهم إلى سوريا، انما تدعم عودتهم الطوعية والآمنة والكريمة ، كما وأنها لا تدعو إلى تجنيس اللاجئين السوريين في لبنان. ما تدافع عنه هو التعايش السلمي واحترام حقوق الجميع حتى تصبح العودة ممكنة. وما تدعو إليه أيضًا هو تسجيل حديثي الولادة السوريين المولودين في لبنان حتى يتمكنوا من الحصول على الجنسية السورية. وفي هذه المسألة بالذات، نحن نواصل عملنا مع الحكومة من خلال مشروع محدد، كما يقول مسؤولو المفوضية.وفي ما خص الداتا فإن المفوضية اجتمعت والأمن العام اللبناني حيث اتُفق على تشكيل لجنة تقنيّة للمضي قدماً ضمن المعايير الدولية لمشاركة الداتا وحمايتها.الاكيد ان لبنان لن يوافق على تشريع عودة النازحين السوريين، بحسب ما اكد وزير الداخلية بسام المولوي لأنه ليس بلد لجوء ولم يوقع على اتفاقية اللاجئين في العام 1951. مع الاشارة في هذا السياق الى أن اتفاقية العام 1951 تشمل حقوق اللاجئ، بما فى ذلك حقوقه من قبيل حرية العقيدة والتنقل من مكان إلى آخر، والحق فى الحصول على التعليم، ووثائق السفر، وإتاحة الفرصة للعمل، كما أنها تشدد على أهمية التزاماته / التزاماتها تجاه الحكومة المضيفة. وينص أحد الأحكام الرئيسية فى هذه الاتفاقية على عدم جواز إعادة اللاجئين ـ والمصطلح القانونى هو حظر الطرد أو الرد ـ إلى بلد يخشى / أو تخشى فيه من التعرض للاضطهاد. كما أنها تحدد الأشخاص أو مجموعات الأشخاص الذين لا تشملهم هذه الاتفاقية.المهم من كل ذلك، ان تحقيق بعض التقدم في عودة النازحين سواء عبر الاجراءات التي تتخدها مديرية المخابرات في الجيش او عبر الامن العام، لا يعني مطلقا ان تحقيق العودة الكاملة اصبح قاب قوسين، فالعودة المرجوة تنتظر اعادة اعمار سوريا والتوصل الى حل سياسي لا يعارضه الغرب وتوقف تدفق المساعدات والاموال من المنظمات الدولية الى النازحين الذين يرفضون العودة لعدم خسارة ما يحصلون عليه علما ان معظمهم يمضون اوقاتهم ذهابا وايابا باتجاه سوريا.