قبل بدء المعركة الرئاسية في لبنان حافظ “نواب التغيير”على ثبات نسبي داخل المجلس النيابي وتمكنوا من العمل وفق الحد الادنى المقبول من الوحدة واخفوا الكثير من التناقضات والقصور في فهم طبيعة النظام اللبناني والتوازنات السياسية والطائفية داخله، لكن الاستحقاق الرئاسي ساهم في تشتيت شمل التكتل الحديث الولادة.
لم يستطع نواب التغيير الحفاظ على شكل موحّد من التعاطي مع الملف الرئاسي، اذ انهم لم يلتزموا بتسمية مرشح واحد في جلسات الانتخاب سوى مرات قليلة، وكانت هذه التسمية محاولة اثبات وجود اكثر من كونها مشاركة فعلية في الانتخابات.منذ اللحظة الاولى، كان بعض نواب التغيير يعتبرون ان الانتصار على حزب الله وحلفائه يستوجب التوحد مع قوى المعارضة واحزابها والالتزام بمرشحها للرئاسة، اي رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض، في حين ان قسما اخر من النواب رفض، حتى التنسيق مع القوات اللبنانية والكتائب وفضل الاستمرار بالخطوات الرمزية.وبحسب مصادر مطلعة فإن المحاولات الاخيرة التي حصلت في الاسابيع الماضية من اجل الوصول الى توافق بين نواب التغيير وكتل المعارضة على اسم شخصية يتم ترشيحها بالاجماع للرئاسة، فشلت بسبب الخلافات بين نواب التغيير ورفض بعض هؤلاء النواب اي اسم من بين الاسماء المطروحة.لا يكمن فشل التغييريين في عدم التوحّد على الموقف فقط، بل في عدم قدرتهم على القيام بأي عملية ضغط حقيقية على القوى السياسية التي استطاعت احتواء وجودهم في المجلس النيابي، وباتت تتعامل معهم بإعتبارهم جزءا من الاصطفاف التقليدي، وهذا بحد ذاته انتكاسة كبرى لكل مسار التغيير.لكن الاخطر بالنسبة لهؤلاء هو حصول التسوية الرئاسية بالشكل المعتاد والتقليدي، الامر الذي سيعني تفريغا كاملا لكل حضور النواب التغيريين في المجلس النيابي، خصوصا وأن بعض هؤلاء النواب سيكون جزءا من التسوية من خلال التصويت وتأمين النصاب الدستوري وغيرها من الخطوات.هكذا قد تطوى صفحة التغييريين في المجلس النيابي بشكلها الحالي، لتبدأ مرحلة جديدة يحاول فيها كل نائب من هؤلاء النواب اثبات نفسه بمعزل عن زملائه ليتمكن، في الانتخابات المقبلة، من الحفاظ على مقعده النيابي والعودة الى البرلمان بوصفه شخصية مستقلة لا تغييرية هذه المرة.