ورقة كنسية سياسية أبعد من الرئاسيات

10 مايو 2023
ورقة كنسية سياسية أبعد من الرئاسيات

كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: مع بروز اسم راعي أبرشية انطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم في ملف الرئاسيات، محاولاً التمثل بما فعله سلفاه المطرانان بشارة وكميل زيدان بمستويات مختلفة، بدا لبعض الراغبين في دور متعدد الاتجاهات للصرح، أن ثمة حراكاً يمكن التعويل عليه، في توسيع حلقة النقاش من بكركي إلى مطارنة يسعون إلى لعب دور سياسي تحت عباءتها ومن ضمن خطها. اصطدمت حركة بو نجم بتعثر سياسي من القوى السياسية التي قيّدت حركته بمعايير أنهت المبادرة الرئاسية في مهدها.

 
لكن حركة بو نجم أعطته، مع تشكيله فريقاً متابعاً، بعض الحيثية إزاء مطارنة آخرين يسعون مع الفاتيكان، ومع بعض العلاقات المحلية، إلى تعزيز مواقعهم تمهيداً لمراحل مستقبلية، من دون الانغماس في ملفات داخلية يعرفون تماماً أن تأثير الداخل اللبناني قليل فيها.أصل هذه الحوارات ينطلق من فكرة أن الأزمة الحالية تتعدى موضوع انتخاب رئيس للجمهورية، وأن دور بكركي يجب أن يكون أبعد من رئاسة الجمهورية، لأن الأزمة الحالية شاملة وكبيرة، وتتفاقم رغم انتخاب رئيسين للجمهورية منذ 2005. فالانتخابات لم تحل الإشكاليات الواقعة في إدارة الدولة ولا في الثغر التي نتجت من سوء تطبيق اتفاق الطائف، وما لم يطبق فيه كاللامركزية بأشكالها. كذلك فإن الصراع لا يزال هو نفسه بالنسبة إلى ملفات شائكة ومنها سلاح حزب الله، إضافة إلى التمسك بنهائية الكيان وتطبيق القرارات الدولية وإعادة التمسك بالأسس التي أرساها الدستور واتفاق الطائف.
 
تحفل الطروحات بأفكار متنوعة بحسب مقدميها، سواء كانوا حزبيين مقربين من الأحزاب المسيحية الكبرى، أو مجموعات تطرح أفكاراً فيدرالية أو نقاشات معمقة حول الطائف وتعديلاته. لكن الفكرة الأساس أن المتحركين يستظلون حركة بو نجم وتقدّمه على المشهد السياسي والإعلامي لوضع ورقة سياسية تطرح لدى جاهزيتها على قيادات الصف الأول وعلى بكركي في صورة رسمية، لأن أي حل للأزمة الكبرى لن يكون مرتبطاً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذا يعني النظرة في صورة مكبرة على النظام اللبناني.حتى تنضج أكثر ظروف الحوارات وعناوينها، يمكن النظر إلى موقف بكركي ومجلس المطارنة والقوى السياسية المسيحية التي ستكون أمام استحقاق مقاربة الورقة التي قد تخلص إليها النقاشات. فلكل من هذه القوى أجندتها السياسية ورؤيتها للنظام اللبناني وللطائف والعلاقات بين المكونات الأخرى، وحتى بالنسبة إلى سلاح حزب الله، ومن الذي يقدر أن ينقل الخلاف الداخلي بين هذه الأحزاب وأكاديميين وشخصيات تقدم نفسها على أنها تملك أطراً للحل الدائم، إلى مستوى نقاش سياسي موسع، والخروج منه بخلاصة موحدة. أما بكركي فبقدر ما تعطي هامشاً للنقاشات وتباركها مباركة أولى، تسعى إلى أن تكون لها الكلمة الأخيرة في ما يتعلق بإدارة الإكليروس أي حوار سياسي، فكيف إذا كان الأمر يتخطى الزواريب المحلية والعلاقات الحزبية ليكون على مستوى تقديم ورقة سياسية شاملة، تفترض آلية متابعة وعلاقات مع المكونات الأخرى. وهذه حتى الآن كانت ولا تزال ملكاً لبكركي وحدها.