يُبدي “الثنائيّ الشيعيّ” إرتياحه للتطوّرات الدبلوماسيّة والتقارب بين دول الجوار، ويأمل في أنّ تعود على فريقه السياسيّ بنتائج إيجابيّة، من حيث إنتخاب رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، منطلقاً من إستئناف التواصل بين المملكة العربيّة السعوديّة وإيران، إضافة إلى عودة سوريا للعب دورها عربيّاً، في جامعة الدول العربيّة. وأمام هذه المشهديّة، يُعوّل “حزب الله” على تعزيز دور قوى “الممانعة” في لبنان، كما في سوريا وفلسطين، مستفيداً من تقدّم العلاقات العربيّة مع دمشق، ورغبة الرياض في طيّ صفحة الخلاف مع طهران، وإنهاء الحرب في اليمن، ووضع حدٍّ للتوتّر الشيعيّ– السنّي في المنطقة.
Advertisement
وبينما “الحزب” و”حركة أمل” يُريدان البناء على هذه العوامل واستثمارها لبنانيّاً لانتخاب فرنجيّة، من منطق أنّ محوّر “الممانعة” هو الفائز مُجدّداً، أتى الموقف السعوديّ على لسان السفير وليد بخاري، ليُعزّز تمسّك “الثنائيّ الشيعيّ” برئيس “المردة”، إنطلاقاً من أنّ الرياض ليس لديها أيّ مرشّح مفضّل، وهي لم تُعلن عن رفضها إنتخاب أو تأييد أيّ أحد، تاركة للبنانيين حريّة إختيار رئيسهم.
وما أرسى على هذه القناعة لدى “حزب الله”، أوّلاً دعم فرنسا لفرنجيّة واعتباره المرشّح الأوفر حظاً، وعدم تأييدها لجهود “المعارضة” في انتخاب رئيسٍ “سياديّ”، وثانيّاً، التميّز السعوديّ من الإستحقاق الرئاسيّ، خلافاً لكلّ التوقّعات، وعدم رغبة المملكة في الدخول في أسماء، وخصوصاً مساندة تلك التي تُؤازرها “القوّات” أو “نواب التغيير”.
وأيضاً، لا تزال “المعارضة” غير قادرة على الإتّفاق في ما بينها لتسميّة مرشّح واحدٍ، وهي حتّى الآن، لا تزال منقسمة رغم الإتّصالات المكثّفة ، بين الإقتراع لرئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض، او التصويت لمرشّح نواب كتلة “التغيير”، في وقتٍ، يزيد الخلاف كلّ فترة بين كتلة “17 تشرين” ونواب “الجمهوريّة القويّة”، بسبب التباين حول الملف الرئاسيّ، ومواصفات المرشّح.
وفي السيّاق، يرى مراقبون أنّ الموقف السعوديّ الحياديّ تجاه الإنتخابات، لم يُعطِ جرعة دعم لـ”المعارضة”، وإنّما لـ”حزب الله” وسليمان فرنجيّة. ويُشير المراقبون إلى أنّ فرنسا المعروفة تاريخيّاً بأنّها مؤيّدة لموارنة لبنان، تعمل عكس ما يتمنّوه، من خلال تسويقها لرئيس “المردة”، بينما الأخير، لا يلقى التأييد من قبل أغلبيّة النواب المسيحيين، وفي مقدّمتهم “القوّات” و”الوطنيّ الحرّ” والكتائب.
ويعتبر المراقبون أنّ “المعارضة” لا تملك إلّا سلاح التعطيل كيّ تُبقي على آمالها في إيصال رئيسٍ وسطيّ، تُشارك في إنتخابه. ويوضح المراقبون أنّ هذا الخيّار هو الذي يُؤخّر رئيس مجلس النواب نبيه برّي في الدعوة لجلسة إنتخاب، إلى جانب عدم تأمين الأصوات الكافيّة لفرنجيّة.
وبالعودة إلى تأثير عودة سوريا إلى جامعة الدول العربيّة، والتنسيق بين الرياض وطهران، يصف المراقبون ما يجري في المنطقة بالذي حصل على صعيد وصول رئيسٍ مقرّبٍ من “حزب الله” عام 2016، عندما سبق هذا الإنتخاب، الإتّفاق الإيرانيّ عام 2015، والإرتياح لدى قوى “الممانعة” من جرائه، فاستطاعت بعد أشهرٍ من إنتخاب ميشال عون، ونجحت بفرض تسويّة على تيّار “المستقبل” و”القوّات” والحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” في وقتها.
وفي هذا الإطار، تُقلّل أوساط معارضة من أهميّة هذه الحركة الدبلوماسيّة، وتقول إنّها لم تفد “حزب الله” حتّى اللحظة، وأكبر دليلٍ هو رغبة السعوديّة بلبننة الإستحقاق الرئاسيّ، وأنّ يقوم اللبنانيون باختيار رئيسهم وعدم تدخّل الخارج. وتُشير إلى أنّ حظوظ فرنجيّة لم تتقدّم، والمبادرة التي تقوم فرنسا بتسويقها لم ولن تنجح، لأنّ “المعارضة” مستعدّة للتعطيل، وهي تُفضّل الفراغ الطويل على أنّ يُنتخب فرنجيّة أو أيّ حليفٍ لفريق الثامن من آذار، لعدم إدخال البلاد في دوامة سياسيّة وإقتصاديّة لستّ سنوات جديدة.
ويتوقّع مراقبون بأنّ يذهب “حزب الله” إلى النهاية في ترشّيح فرنجيّة، فالعوامل في المنطقة تصبّ لصالحه، علماً بأنّها لم تُؤثّر على توجّهات البعض في الداخل، كيّ يعدلوا عن موقفهم من إنتخاب رئيس “المردة”. ويُتابع المراقبون أنّ “الحزب” لطالما لعب على الوقت لإقناع خصومه السياسيين، وهو لن يتنازل عن مرشّحه، طالما أنّ السعوديّة غير رافضة له، وطالما أنّه مدعومٌ من فرنسا وسوريا وإيران.