لقاء فرنجية – البخاري… تفسيرات متناقضة لم تقترب من الواقع

13 مايو 2023
لقاء فرنجية – البخاري… تفسيرات متناقضة لم تقترب من الواقع

كعادة “حليمة” القديمة، التي لا شيء يمكن أن يغيّرها، وهي قد أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الطبع السياسي لدى أصحاب ما بات يُعرف بـ “المنظومة”، حاول كل فريق من هذه “المنظومة” إعطاء تفسيرات مختلفة للقاء رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية مع السفير السعودي وليد البخاري في منزله. وهذه التفسيرات جاءت متطابقة مع رغبات هذا الفريق أو ذاك الطرف السياسي، وهي منقسمة بين محورين لا ثالث لهما. 

 
فالذين يؤيدون وصول فرنجية إلى بعبدا رأوا في لقاء اليرزة بداية جيدّة لتواصل سعودي مع محور “الممانعة”، الذي يرأسه “حزب الله” ويهندّس تفاصيله الرئيس نبيه بري.  
 
أمّا الذين يعارضون إمكانية هذا الوصول، مع ما يعنيه من تمديد لعمر الأزمة بمختلف أوجهها، فرأوا أنه بمجرد أن السفير البخاري لم يقم بزيارة فرنجية في مقرّ أقامته في “بنشعي”، كما فعل مع جميع القيادات المسيحية تقريبًا، فهذا يعني أن الرياض لا تزال عند موقفها من هذا الترشيح. ولم يكتفِ أقطابٌ في هذا المحور بهذا القدر من التحليل، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك عندما تحدّث البعض عن أن السفير السعودي قد أبلغ فرنجية بعدم سير المملكة بترشيحه. 
 
وعلى رغم “الأجواء الدافئة” التي سادت اللقاء بين فرنجية والبخاري، فإن هذا لا يعني في المشهد السياسي العام، وكما يراه بعضٌ من “المعارضة”، زيادة فرص اقتراب فرنجية من بعبدا، كما حاول الفريق الداعم لفرنجية تصويره. 
 
الذين تسّنى لهم الاطلاع على بعض ما دار في هذا اللقاء يوضحون أن ما سمعه فرنجية من السفير البخاري لم يكن فيه أي جديد عمّا يردّده السفير السعودي أمام جميع الذين يلتقيهم، حيث يحرص على ايصال موقف السعودية من الاستحقاق الرئاسي المرتبط أساسًا بخطة متكاملة لتعافي لبنان وبدء خروجه من أزماته المتشابكة والمتعدّدة. 
 
فالبخاري مكّلف بمهمة محدّدة غير قابلة للتأويل أو التحريف، خلاصتها أن الرياض ليس لديها أي مرشح محدّد، وأن ليس لديها أي مشكلة مع أحد. فهي لا تؤيد مرشحًا معينًا، وبالتالي لا تضع “فيتو” على أي اسم، ومن بينهم فرنجية. فالانتخابات الرئاسية استحقاق لبناني بامتياز، ولا أحد من الخارج يمكنه أن يحّل مكان اللبنانيين في هذه العملية، التي يجب أن تكون ديمقراطية مئة في المئة ولبنانية أولًا وأخيرًا، وعلى اللبنانيين ان يختاروا رئيسهم ويتحملوا مسؤولية قرارهم.  
 
وما لم يسمعه فرنجية مباشرة وبالعبارة الصريحة والواضحة من السفير البخاري شخصيًا، سارعت أطراف في محور “الممانعة” الى ترويج بعض الأجواء التي لا تعدو كونها سوى ترجمة لبعض الرغبات، ومفادها أن اللقاء الذي جمع فرنجية بالسفير البخاري يمكن اعتباره  “ليونة” سعودية في الاستحقاق الرئاسي، وعدم معارضة الرياض وصول فرنجية الى قصر بعبدا. وقد قوّل هذا البعض في تفسيراته “الرغباتية” ما لم يقله السفير السعودي لا في خلال اللقاء ولا بعده، وهو أن السعودية لا تعارض وصول فرنجية وتدعو إلى عدم إطالة أمد الفراغ في الرئاسة الاولى.  
 
في المقابل فإن بعضًا من محور المعارضة تحدّث عن أن الديبلوماسي السعودي قام بواجب الضيافة كما يفعل دوماً مع الجميع. وهذا الواجب يتخلله الكثير من المجاملة التي تنطوي على لطف في الكلام، وهذا جزء من أدبيات البخاري، لكن هذه اللياقات المتحدرة من عالم الضيافة العربية، لم تصل الى الواقع السياسي في لبنان إلا بقليل من الكلام الذي بقي في إطار الموقف المعلن للمملكة من الملف الرئاسي، وهو موقف ثابت ولا يتأثرّ بالمتغيرات الإقليمية، إذ أن السعودية، ووفق المعطيات المتوافرة، تحاول تحييد الاستحقاق الرئاسي اللبناني عن المؤثرات الخارجية.  
 
أما المبالغة في هجوم “المعارضة” على اللقاء فكان بتصوير حضور فرنجية إلى منزل السفير بأنه لا يليق بمرشح رئاسي، إذ كان عليه أن يرفض التعاطي معه بغير ما تعاطى السفير مع كل من رئيسي حزبي “القوات” و”الكتائب” الدكتور سمير جعجع والنائب سامي الجميل، اللذين زارهما البخاري في “معراب” و”الصيفي”.