هل بوافق السعوديون على تسوية مؤلمة للحلفاء؟

14 مايو 2023
هل بوافق السعوديون على تسوية مؤلمة للحلفاء؟


كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: يقترب السعوديون من إبرام تسويات للأزمات الإقليمية التي تعنيهم، فيها تميل الدفة إلى طهران. وما يريدونه في الدرجة الأولى هو حماية بيتهم الخليجي، أي الداخل السعودي واليمن، والعراق إلى حد بعيد. وبعد ذلك، سيبذلون ما في وسعهم لتحقيق أفضل الشروط في التسويات الأخرى، في سوريا ولبنان.

وتفسير المشهد، في رأي القريبين من «الحزب»، هو أنّ السعوديين سيعقدون صفقة مقايضة: إيران تعطي في الداخل السعودي واليمن، وتأخذ في سوريا ولبنان.
يقول البعض: أن تموضع الرئيس السورذ بشار الأسد في الحضن العربي، في ظل التوافق السعودي – الإيراني، سيسمح له بالتأثير في الملف اللبناني، في ظل إيران المباشر والقوي.
 
فلقد اعتاد العرب في لبنان، في مراحل كثيرة، أن يَتعاطوا مع سوريا، ومن خلالها يتم الاحتكاك بإيران. لقد كان يريحهم أن يتفاهموا مع طرف عضو في الجامعة العربية. وأما اليوم، فسيتعاطى السعوديون في لبنان مع إيران مباشرة، ومن خلالها مع سوريا. وفي أي حال، استنتج الجميع أنّ إيران والأسد يشكلان جبهة واحدة، وأنّ تحالفهما العميق هو مسألة حيوية للطرفين.
لذلك، التسوية المنتظرة في لبنان ستراعي إيران والأسد في آن معاً، وسيكون «حزب الله» شريكاً اساسياً فيها. وهو ما يدفع حلفاءه إلى التفاؤل بأنّ السعودية ستوافق في النهاية على طروحاته، خصوصاً في ملف الرئاسة.
 ولكن، هل المملكة مستعدة فعلاً لإبرام تسوية تتجاوز حلفاءها وتشكل هزيمة مؤلمة لهم؟
بعض المتابعين يعتقد أنّ الرياض ستقاتل لتحسين ظروف التسوية في لبنان وتحافظ على مواقع حلفائها، لكنها لن تفرّط بمسار استراتيجي تسلكه، هو مسار التوافق الإقليمي مع طهران، من أجل الحصول على أفضل الشروط في لبنان وسوريا. ففي التسويات كلها تكون هناك خسائر في مقابل الأرباح.
 
ولكن، في رأي آخرين أنّ المملكة تتبع تكتيكاً ذكياً. فهي إذ ضمنت الأرباح في الخليج واليمن، ستترك للآخرين أن يخوضوا المواجهة، بدلاً منها، في لبنان وسوريا.
فإذا كانت الولايات المتحدة تعترض على تكريس نفوذ طهران في لبنان وسوريا، فلتأخذ أمر المواجهة على عاتقها. ويأخذ الخليجيون على واشنطن أنها تتعاطى بمقدار عالٍ من الغموض مع الملفين السوري واللبناني، منذ 12 عاماً، وتتصرف بشكل مُرتبك مع الأسد و»حزب الله».
 
ولهذا السبب أعلنت المملكة أخيراً مواقف أكثر تحفظاً في ملف الرئاسة في لبنان، وبَدت أكثر انفتاحاً على خيارات جديدة. لكنها تركت للبنانيين أنفسهم وللقوى الدولية المعنية أن يأخذوا على عاتقهم حسم الاتجاه.
 
والمملكة التي وجهت انتقادات شديدة، طوال سنوات، إلى بعض حلفائها الذين تَمادوا في مسايرة «حزب الله» والتنازل له، لن تعاكس توجهاتها السابقة، ولن تقوم هي نفسها بالطلب من حلفائها أن يتنازلوا هذه المرة.
على الأرجح، هي ستفاوض لتحسين الشروط في لبنان. لكنها لن تذهب بعيداً في المواجهة. وفي النهاية، هذه ليست مسؤوليتها وحدها. وستراهن على أن تأخذ الأمور مداها، وتفرض الخيارات نفسها بنفسها، وفق ما يقتضي ميزان القوى في الداخل والخارج. ويكون ما كتب قد كتب.