يُحكى في الكواليس السياسيّة أنّ “المعارضة” تقترب من حسم هويّة المرشّح الذي ستقوم بالتصويت له في جلسة الإنتخاب المنتظر الدعوة إليها، مع الحديث عن أنّ النائب جبران باسيل سيُعلن تأييده لاسم وسطيّ من اللائحة التي يتمّ مناقشتها بين معراب والصيفي و”تجدّد” ونواب “التغيير”، ما يضع “حزب الله” والوزير السابق سليمان فرنجيّة في مأزق حقيقيّ، وخصوصاً وأنّه سبق وأنّ أعلن النائب سجيع عطيّة، أنّ كتلة “الإعتدال الوطنيّ” تقوم بدراسة خياراتها للإقتراع للشخصيّة التي ستُسمّيها “المعارضة” أيضاً، ما يقضي على حظوظ رئيس تيّار “المردة”.
ولا تزال معراب تطمح بأنّ يترك باسيل “حزب الله”، ويقوم ونوابه بالتصويت لمرشّح “المعارضة”، والشرط الأوّل أساسيّ كيّ يعود التنسيق بين “القوّات” و”التيّار” إلى ما كان عليه قبل التسويّة الرئاسيّة عام 2016. فسمير جعجع لن يلتقي باسيل إنّ لم يعد إلى الثوابت التي جمعتهما في 14 آذار من العام 2005. وإذا كان الرئيس المتّفق عليه وسطيّاً وغير مستفزّ للضاحيّة الجنوبيّة، فإنّ المعركة السياديّة، بحسب مراقبين، لم تنتهِ بالنسبة لـ”القوّات” و”الكتائب”، وهي ستستمر بالعمل النيابيّ والحكوميّ.
ويقول مراقبون إنّ مرشّح “المعارضة” لو حاز على أصوات نواب تكتّل “لبنان القويّ”، فسيتخطّى الـ70 صوتاً حكماً. وفي حين ابتعد “التيّار” عن “حزب الله” بسبب الإنتخابات الرئاسيّة، من المتوقّع بحسب المراقبين أنّ تتواصل حارة حريك مع باسيل أكثر، لأنّها أصبحت تُدرك الخطر الذي يُهدّد مرشّحها، وهي لن تتساهل مع إنتخاب رئيسٍ من خارج فريق “الممانعة”، لذا، فإنّ الدعوة لجلسة الإنتخاب وتأمين النصاب بيد “الثنائيّ الشيعيّ”، أمّا انتخاب فرنجيّة، فلا يتمّ من دون باسيل.
وفي هذا السيّاق، تخشى أوساط معارضة قيام رئيس “الوطنيّ الحرّ” بمناورة سياسيّة، لتحسين شروطه مع حليفه الشيعيّ “حزب الله”، لأنّه يعلم جيّداً أنّه من دون الأخير لا يستطيع الترشّح، ولا الوصول لبعبدا في المرّة المقبلة. وتُضيف الأوساط أنّ التوافق بينه وبين “المعارضة” على شخصيّة رئاسيّة لا يعني بتاتاً أنّ هناك حلفاً بينهما، وإنّما رؤية مشتركة حول المرشّح وصفاته.
ويستبعدّ المراقبون بأنّ ينال باسيل في المستقبل عوناً من “القوّات” أو نواب المعارضة، وحتّى لو اتّفقوا في ما بينهم رئاسيّاً حاليّاً، لأنّ فريق “العهد” السابق يُحمّل مسؤوليّة كبيرة عما آلت إليه الأوضاع المعيشيّة والإقتصاديّة والسياسيّة والدبلوماسيّة في البلاد، وليس هناك من حماسة لإعادة عقارب الساعة الى الوراء من قبل معراب والصيفي، وهذا ما يُشدّدان عليه أصلاً من خلال إيصال رئيسٍ غير طرفٍ.
إلى ذلك، شكّل تلويح نواب “التيّار” بالتصويت لمرشّح “المعارضة” إنتكاسة لـ”الثنائيّ الشيعيّ” الذي لم يستفدّ من الموقف الفرنسيّ الداعم لفرنجيّة، ولا من التقارب السعوديّ – الإيرانيّ والعربيّ – السوريّ، فرئيس الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” وليد جنبلاط ليس في وارد التخلّي عن شروطه تجاه فرنجيّة إلّا إنّ حصل الأخير على مؤازرة مسيحيّة أقلّه من كتلة نيابيّة وازنة، علماً أنّ التوافق عليه لا يزال صعباً، وجنبلاط لا يُحبّذ إنتخاب أيّ رئيس مسيّسٍ، وخصوصاً إنّ كان يُشكّل تحدّياً للبعض.
ويلفت المراقبون إلى أنّه لم يتبقَ لـ”حزب الله” سوى ترميم علاقته بميرنا الشالوحي، لأنّ باسيل وحده قادر على تحسين موقع فريق الثامن من آذار رئاسيّاً. ويُتابع المراقبون أنّ خيار “التيّار” في هذه الإنتخابات حاسم، إنّ لجهّة دعم مرشّح “المعارضة”، وإنّ لجهّة تأييد مرشّح “الممانعة”. ويرون أنّه في الحالتين، يعمل باسيل على تحسين شروطه بعد فشل مسعاه بعقد طاولة حوار مسيحيّة، فهو لن يُقدم على انتخاب رئيسٍ وسطيّ إذا لم تكن مصالح فريقه مؤمّنة خلال السنوات الستّ المقبلة.
ويبقى السيناريو الأكثر ترجيحاً وفق المراقبين، أنّ يكون باسيل يُناور مع “المعارضة” كيّ يقوم “حزب الله” بالرضوخ لشروطه الرئاسيّة، ويقبل أيضاً فرنجيّة المعنيّ الأوّل بالإستحقاق الرئاسيّ بالإلتزام معه في طريقة إدارة البلاد. ويوضح المراقبون أنّ باسيل نجح بالفعل في حشر “الثنائيّ الشيعيّ” مُعوّلاً على تمسّك جنبلاط برأيه، وعودة النواب السنّة إلى التغريد في صفّ “المعارضة”، فأصبح “الحزب” مجبراً على التوافق معه، وقد أثبت تكتّل “لبنان القويّ” أنّه “بيضة قبان” بارزة لا يُمكن لـ”الحزب” أنّ يُقصيه، ومن دونه لا يُمكن إنتخاب أيّ رئيسٍ.
ولعلّ الأيّام المقبلة ستكون حاسمة لناحيّة القرار الذي سيتّخذه نواب “التيّار”، فنجاح فرنجيّة محصورٌ بمدى تنازله و”حزب الله” لباسيل، فيما “المعارضة” ماضيّة لتوحيد جهودها واختيار مرشّحها الذي من المتوقّع أنّ تكون حظوظه عاليّة، وحتّى إنّ لم تكن ميرنا الشالوحي داعمة له.