لا شك أن الحدث هذا العام في القمة العربية التي تستضيفها السعودية في جدة يتمثل في شغل سوريا مقعدها بشخص رئيسها بشار الأسد، وهذا يعني أن هذه القمة هي استثنائية من حيث التوقيت فهي تنعقد بعد الاتفاق الإيراني – السعودي والانفتاح العربي على الدولة السورية.
قمة التجديد والتغيير كما أطلق عليها، والتي يسعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من خلالها إلى تعزيز دوره بتزعم العالم العربي، على طاولتها مشاكل وأزمات عربية عديدة من القضية الفلسطينية، مرورا بسوريا ولبنان واليمن وليبيا وصولا إلى السودان، ناهيك عن مجموعة من الملفات الاقتصادية الشائكة. ولذلك تكمن أهمية القمة العربية لما سيصدر عنها من قرارات تهدف، بحسب رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية – الخليجية إيلي رزق، إلى لمّ شمل العالم العربي وتثبيت دور المملكة في قيادة العالم العربي. وطبعا ستتميز هذه القمة في عودة سوريا إلى حضنها العربي َمع ضمانات في تغيير أداء القيادة السورية تجاه القضايا العربية بعدما تعذر تغيير النظام فيها. وسيكون هناك توافق على بنود عريضة لإنشاء سوق عربية مشتركة تحقيقا لرؤية السعودية كما أعلن عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بان تصبح الدول العربية كاتحاد الدول الأوروبية.ورغم أن لبنان سيكون على جدول أعمال القمة التي يحضرها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي سوف يعطي ملف النازحين حيزا أساسيا في كلمته ربطا بالأوضاع المالية والاقتصادية التي يمر بها وأهمية انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة والاستمرار في العمل من أجل استعادة الثقة العربية عموماً والخليجية، إلا أن لبنان لن يكون في سلم أولويات جدول أعمال هذه القمة نظرا للتحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية في المنطقة هذا فضلا عن أن مصادر دبلوماسية عربية تشدد على أن حل أزمة النازحين في لبنان ليس عربيا فقط إنما يحتاج تعاونا دوليا.ويقول رزق لـ”لبنان 24″ هناك انقسام حول ملف النازحين، فلا السعودية او غيرها من الدول ستتمكن من تقديم أي حل جذري لهذا الموضوع باستثناء المساعدات المالية الحالية، مضيفا: دعم لبنان أمر غير مطروح في القمة لكنه سيحضر على هامش اللقاءات التي سيعقدها رئيس الحكومة وطبعا لن يخلو البيان الختامي للقمة من عناوين عريضة تتعلق بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.ورغم الاهتمام السعودي بانتخاب رئيس للبنان، لكن من المبكر الحديث عن عودة الاستثمارات الخليجية إلى لبنان ما لم يتم إنجاز كل الإصلاحات المطلوبة لاستعادة الثقة والتأكد بأن أية استثمارات لن تذهب إلى جيوب القوى السياسية والمنتفعين كما كان يحصل سابقا، يقول رزق، مع تشديده على أن لبنان لن يكون ممرا لإعادة إعمار سوريا، لأن الطريق إلى سوريا ستكون مفتوحة مباشرة والتعامل سيكون مع نظام متماسك وتمكن من الصمود رغم كل التحديات، على عكس لبنان حيث سقطت الدولة ولكن لم تسقط المنظومة التي تسببت بسقوطها.إذن دور لبنان الاقتصادي في المنطقة يحتاج إلى توافق كل القوى السياسية بأن لبنان لا يمكنه أن يكون قوة سياسية أو عسكرية في المنطقة بل بإمكانه وبكل سهولة أن يفرض نفسه كقوة اقتصادية نظرا لما يتمتع به القطاع الخاص من َمكونات علمية واقتصادية وخبرات متعددة في كافة القطاعات الانتاجية، بحسب رزق، الذي يشدد في الوقت نفسه على أن السعودية لا تريد شيئا من لبنان وما تدعو إليه، يريده اللبنانيون ويتمثل بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة إنقاذ اقتصادية وتوافق قوآه السياسية على عدم استعمال لبنان كممر أو معبر لتهريب المخدرات أو كمنصة للتهجم على الدول العربية الصديقة.من هنا المطلوب العمل على حل مختلف القضايا الخلافية لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان ليتمكن من العودة بقوة من باب الخدمات والسياحة والفن والصناعة والزراعة، فلبنان، كما يقول رزق، لم يعد حاجة للدول العربية والغربية بل تحول نتيجة خلافات القوى السياسية إلى عبء على المجتمع الدولي ككل خاصة على المملكة، علما أن السعودية منشغلة أسوة بالدول الخليجية الأخرى في مواجهة تحدياتها الداخلية تمهيدا لإحقاق النمو والرخاء والازدهار.