“بيروت عاصمة الاعلام العربي 2023″… حدث أبيض وسط سيل طويل من الأخبار السلبية التي تدعو الى التشاؤم.
وبينما يشهد الاستحقاق الرئاسي خلط أوراق أعادت الأمور إلى المربع الأول، يبرز الملف القضائي بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والذي يشكل قلقاً لدى العقلاء الباقين في هذا البلد وعلى رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي يحاول أن يحل الأمر بطريقة تجنّب لبنان تداعيات اقتصادية ومالية، إلا أن يديه مقيدتان بفيتو مسيحي رافض لاقالة الحاكم، على الرغم من كل الضجيج على الاعلام، فيبدو أن “التيار الوطني الحر”، وضمناً “القوات اللبنانية”، يرفضان إقالة موقع مسيحي كبير، ويفضلان أن يستقيل هو بنفسه.
إلى ذلك تنتشر ترجيحات عن وضع لبنان على “القائمة الرمادية” للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وهذا إن حصل ضربة كبيرة أخرى للبلد الذي يعاني من تدهور مالي حاد، ويكافح للوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وبينما ينتظر سلامة الاجراءات القضائية بحقه، شرّعت له اللجان النيابية المشتركة، طبع ورقة نقدية جديدة أكبر من الفئة الموجودة، تاركة له الخيار باختيار قيمة الورقة، ورجحت مصادر مالية أن تكون ورقة الـ 500 ألف ليرة. وقد حضر ملف الملاحقات القضائية بحق سلامة في الجلسة التي رأسها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، وصرح بعدها قائلاً: “غالبية النواب أكدت أن على حاكم مصرف لبنان أن يتنحى”. وأشار إلى موضوع الاتاحة لمصرف لبنان طباعة فئة ورقية أكبر من الفئة الموجودة، موضحاً أنه “في حال هناك حاجة الى التعديل فسيتم في الهيئة العامة”.
وفي سياق المذكرة بحق الحاكم، يستمع المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان اليوم إلى سلامة في ضوء تسلّم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحقه عن قاضية التحقيق الفرنسية أود بوروزي، على أن يتخذ القاضي عويدات قراره بعد الجلسة.
في المقابل، نفت مصادر قضائية أن يكون القضاء اللبناني قد تسلم مذكرة توقيف من القضاء الألماني بحق سلامة، لكنها لم تنفِ إمكان أن تصل خلال أيام، تحديداً أن ملف الحاكم مفتوح في 5 دول أوروبية.
إلى ذلك، تنقضي بعد 21 يوماً المهلة التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري لانتخاب رئيس للجمهورية، ولكن يبدو أن طابة لاعب البيلياردو الماهر ستصيب “البوند”، ولن تدخل، فقوى المعارضة لا تزال تفشل في الاتحاد حول اسم ترشحه لمنافسة مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية. وفي ظل هذا الواقع، لا يبدو أنها في صدد تأمين النصاب لفرنجية إذا كان يمتلك الـ65 صوتاً، وبالتالي لا يبدو أن الأمر سيترك للعملية الديموقراطية، كما أوصت المملكة العربية السعودية، عبر الجولات الأخيرة لسفيرها وليد بخاري. أما من جهة “التيار الوطني الحر”، فيبدو أن رئيسه جبران باسيل لا يريد الخروج من عباءة “حزب الله”، اذ تبين بعد حسابات الربح والخسارة أن الخسارة الكبرى هي خسارة دعم الحزب له، ولذلك يحاول عضو تكتله النائب آلان عون ومعه بعض النواب البرتقاليين، إقناع باسيل بطرح اسم من التيار للترشيح، وبهذا لا يستفز “حزب الله”، وتتردد معلومات أن أسهم النائب ابراهيم كنعان هي الأعلى في هذا الصدد.
ورأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أن “بعد كلّ ما جرى في لبنان، ولا سيما جهنّم الذي أوصلونا إليه، لا يزال تحالف أحزاب الممانعة والتيار الوطني الحر يدور في النقطة نفسها ويستند الى الذهنية ذاتها، ويستخدم المقاربة عينها للأمور”، معتبراً أن “طريقة تعاطي هذا التحالف في الحكومة مع موضوع مصرف لبنان على أثر المذكرة الحمراء التي صدرت بحق حاكم المصرف المركزي، تؤكّد أنّه لا يزال يتعاطى الشأن العام بالوسيلة والذهنية نفسها”. وأكد أنّ “أحزاب محور الممانعة والتيار الوطني الحر، إضافة إلى كونها تتحمّل المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأوضاع حتى الآن، تقع عليها أيضاً مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع المصرفية والنقدية، واستطراداً المعيشية في لبنان جراء تعاطيها غير المسؤول مع قضية مصرف لبنان”.
ودعا رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد “الآخرين إلى تسمية مرشحهم إذا لم يعجبهم اسم سليمان فرنجية”، مستدركاً بالقول: “لكن لا يوجد لديهم إسم، فهم باتوا يفتشون عن الاسم الذي يمكنهم الاتفاق عليه، فقط من أجل ألا يسموا سليمان فرنجية، وليس لأنهم يريدون ذاك المرشح، بل يطرحونه من أجل عدم تسمية فرنجية، وهم حتى الآن لم يتفقوا على الأقل على إسمه”.
وأشار رئيس حزب “الوطنيين الاحرار” النائب كميل شمعون في حديث إذاعي الى أن “النائب جبران باسيل طرح إسم الوزير السابق جهاد أزعور ونحن كتكتل وافقنا عليه، الا أن التيار وبعد أسبوع غيّر رأيه ولم يعد يريده ما أوصلنا الآن للعودة إلى طرح إسم فرنجية”، معتبراً أن “هذه المنظومة هي من خربت البلد ومنذ زمن ونحن لن نسمح لها بأن تعود وتحكم البلد لست سنوات مقبلة”.
وقال: “اذا أرادوا أن يكملوا بهذه الطريقة فلن نرى رئيساً للجمهورية، فالانهيار سيستمر ومساعدات الخارج لن تأتي الى لبنان، لأننا لم ننجز الاصلاحات”. وأكد أن “الأمور اذا استمرت بهذه الطريقة فسنصل الى الإنقسام، وهذا ما لا نريده، ولكن فريق الممانعة يستمر في أخطائه وللأسف سنصل إلى هذه الكارثة الوطنية”.
وشهد لبنان خبراً إيجابياً تمثل أمس بانطلاق فعاليات “بيروت عاصمة الإعلام العربي 2023″، في احتفال برعاية وزير الاعلام زياد مكاري الذي أكّد “أننا نريد للاحتفال أن يكون طاقة فرج وأمل وباباً لعودة المياه اللبنانية العربية إلى مجاريها الطبيعية”، لافتاً إلى أنّ “بيروت عاصمة الإعلام العربي مناسبة لتظهير عروبتنا وتطهيرها من شوائبها، ولذلك أُطلِق نداء الى كل أشقائنا العرب لتكون هذه السنة سنة الانفتاح العربي بين عواصمنا العربية ولنجعل شعارها ثقافة تجمعنا لا جهلاً يفرقنا”.
أضاف: “نريد إعلاماً هادفاً يُناصر القضايا العربية وينتصر لها، إعلاماً يسلّط الضوء على السلام لا على الحروب، إعلاماً ينتصر للانسان وللنساء وللأطفال والشباب، ونريد إعلاماً ينشد ثقافة الانفتاح ويغلق الباب على الانعزال”.
وتهدف “وثيقة بيروت” إلى تحديد الرؤية اللبنانية لوظيفة الاعلام ودوره وأغراضه، والتذكير بمسلّمات مهنية انطلاقاً من فعالية “بيروت عاصمة للاعلام العربي 2023″، وتأسيساً على مبدأ الايمان بالحريات العامة.