إستقالة جنبلاط.. تحاكي المشهد الاقليمي ومستقبل الاشتراكي

26 مايو 2023
إستقالة جنبلاط.. تحاكي المشهد الاقليمي ومستقبل الاشتراكي


طرح إعلان النائب السابق وليد جنبلاط استقالته من رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي، ودعوته إلى مؤتمر انتخابي في 25 حزيران المقبل، تساؤلات عن الاسباب التي تقف خلف قراره المفاجئ والرسائل التي يريد من خلالها تحقيق ما يرجوه من الحلفاء الاقليميين قبل الأبعدين بعد التحولات الكبرى في المنطقة.

هذه الخطوة، لم تفاجئ المقربين من زعيم المختارة، فهم كانوا على بينة من ذلك، لا سيما وأن الأخير كان يدرس طيلة الفترة الماضية ويخطط لتسليم النائب تيمور جنبلاط قيادة الحزب، بعدما سلمه في آذار العام 2017 زعامة العائلة السياسية، في احتفال أقيم في المختارة في الذكرى الأربعين لاغتيال والده كمال جنبلاط، واستتبع ذلك بدخول تيمور إلى المجلس النيابي منذ العام 2018 وترؤسه كتلة اللقاء الديمقراطي.لا يُحمل الاشتراكيون قرار البيك اكثر مما يحتمل، لأنه يأتي في سياق مرحلة انتقالية بدأت في العام 2017، لا سيما وان جنبلاط يجاهر منذ سنوات بأن المستقبل هو لتيمور ورؤيته وللجيل الجديد، وان الوقت حان للتجديد في الرئاسة والقيادة، بعدما تمرس نجله في السياسة وأصبح ملماً بالواقع السياسي وبالمسؤوليات الملقاة والتي ستلقى على عاتقه بفعل الارث العائلي وعلاقته مع شرائح المجتمع المؤيدة والمناصره لحزبه، حيث انصرف تيمور في الأشهر الماضية إلى محاكاة تطلعات الشباب الذين يتطلعون إلى مسار سياسي مختلف لا سيما وأن ثورة 17 تشريعا خلقت واقعاً جديداً طرق أبواب كل الأحزاب السياسية التي تلمست مقاربة شبابها للمرحلة المقبلة بطريقة مختلفة تماما عن عدة الشغل الراهنة القائمة على التسويات .وفق المعلومات، يطمح تيمور لتغيير على مستوى المسؤولين في التقدمي الاشتراكي يحاكي تطلعات القيادات الشابة في الحزب ووفق منطق الكفاءة والتمتع بالأهلية لتولي المناصب والمراكز. وعليه، فإن الترقب سيد الموقف لإتمام التحضيرات اللازمة المتصلة بالترشيحات وانعقاد الجمعية العمومية وانتخاب رئيس ونوابه وأعضاء مجلس القيادة، مع الإشارة إلى أن ولاية رئيس الحزب ومجلس القيادة انتهت منذ فترة والانتخابات الحزبية تحصل كل أربع سنوات، لكن الظروف الاقتصادية والصحية وانتخابات العام 2022 استدعت تأجيلاً لاستحقاق الاشتراكي كما تقول مصادره.لن يغيب جنبلاط عن المشهد السياسي، إلا أن مآل الامور على مستوى كيفية تعاطي تيمور مع الاستحقاقات الدستورية في البلد لا يزال غير واضح، لا سيما وأن مصادر عديدة تقاطعت في الآونة الأخيرة وجزمت أن رئيس اللقاء الديمقراطي لا يريد انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وهو الأمر الذي لم يعارضه زعيم كليمنصو اقتناعا منه “اننا لا نستطيع انتخاب رئيس للتحدي لا من هذا الفريق ولا من ذلك”، مع تشديده من عين التينة خلال زيارته الأخيرة على أنه “لا يستطيع اتخاذ موقف في الشأن الرئاسي من دون التشاور مع رئيس اللقاء الديمقراطي فالمستقبل له وليس لي”. وهذا كله يؤشر إلى أن الرهان على تغيير في الموقف الجنبلاطي في عير محله حتى الساعة. فكتلة اللقاء الديمقراطي لم تحسم قرارها بعد وإن كانت تميل إلى عدم التصويت لفرنجية لاعتبارات عديدة على رأسها معارضة تيمور لأي تسوية من شأنها أن تعيد إنتاج هذه المنظومة.ومع ذلك، فإن الكل يترقب الكلمة السعودية الفصل، والتي قد تحدث تبدلا في المواقف وفي المشاركة في جلسة انتخاب الرئيس وتأمين النصاب، خاصة وان مصادر سياسية ترى في المقابل أن كتلة اللقاء الديمقراطي التي لن تقاطع أي جلسة لانتخاب الرئيس قد تترك الخيار لنوابها التصويت لمن يريدون أو بورقة بيضاء إذا وجدت نفسها محرجة أمام السعودية التي أبلغت المعنيين أنها لا تضع فيتو على احد.ومن هنا تقرأ اوساط سياسية بارزة في الاستقالة الجنبلاطية، تسليما من البيك أن البلد سيدخل في مرحلة جديدة من الصعب التكيف معها بعد ترتيب العلاقات السعودية–السورية، والانعطافة العربية تجاه الرئيس بشار الاسد الذي شكلت مشاركته في القمة العربية الحدث الأبرز، خاصة وان اي عودة سورية سياسية إلى لبنان ستفرض عليه واقعا جديدا، ولذلك قرر الابتعاد عن قصد، بداعي أن الكلمة الفصل في المرتقب من الأيام تجاه الاستحقاقات وكيفية التعاطي مع المستجدات انتقلت إلى وريثه السياسي، ويأتي ذلك تسليما منه أن مواقفه الحادة تجاه النظام السوري من شأنها أن تنعكس سلبا على الحضور الاشتراكي في المعادلة السياسية اذا بقي في موقعه، ولذلك ارتأى الابتعاد عن الكرسي من دون الابتعاد عن السياسة لكي لا يكون حزبه الخاسر الأول من عودة السين–السين، فهو يتطلع إلى المستقبل ولا يحاكي اللحظة، خاصة وأن اتفاق بكين، ولقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس السوري بشار الاسد ليسا حدثين عابرين، وسوف يتظهر ذلك في مرحلة ليست بعيدة.