هل سيبلغ الراعي فرنسا تبنّيه ترشيح ازعور؟

30 مايو 2023
هل سيبلغ الراعي فرنسا تبنّيه ترشيح ازعور؟


منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون بشهرين، وهو الموعد الدستوري لبدء الدورة الانتخابية لانتخاب خلف له لم يوفرّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أي مناسبة، وخاصة في عظات الأحد، إلاّ وكان له موقف داعٍ إلى انتخاب هذا الرئيس في أسرع وقت. وكان له أكثر من تحرك، وفي كل الاتجاهات، وبالأخص في الاتجاه المسيحي، وقام بأكثر من مبادرة، وآخرها تكليف مطران انطلياس أنطوان أبو نجم بالتجوال على القيادات المسيحية مرةّ واثنتين، وأحيانًا أكثر، في محاولة منه لجمع كلمة القيادات المسيحية حول مرشح تكون لديه المواصفات الرئاسية، التي حدّدتها بكركي في أكثر من بيان وموقف. لكن البطريرك الماروني المُعطى تفويضًا مطلق الصلاحية من مجلس البطاركة والأساقفة لم يوفّق في جمع ما لم يُجمع، وإن كان قد عبّر عن ارتياحه في عظة العنصرة عمّا “نسمع في شأن الوصول إلى بعض التوافق بين الكتل النيابية حول شخصية الرئيس المقبل، بحيث لا يشكل تحديا لأحد، ويكون في الوقت عينه متمتعا بشخصية تتجاوب وحاجات لبنان اليوم وتوحي بالثقة الداخلية والخارجية”.  

ولكن في كلام الراعي، الذي يصل اليوم إلى باريس من روما ما يوحي بشّكه في إمكانية التوافق الرئاسي، وذلك عندما استخدم كلمة “بعض التوافق”، إضافة إلى عدم تأكيده بحصول ما يتمناه الجميع، عندما قال “نسمع”. وفي هذين التعبيرين كما يُفهم منهما ما يدعو إلى عدم اليقين بما يمكن أن ينتج عن الاتصالات القائمة والبعيدة عن الأضواء من “بعض” التوافق على اسم الرئيس، إضافة إلى ما في كلامه من بعض العتب، لأن لا أحد ممن يجرون هذه الحوارات قد كّلف خاطره وأطلعه على فحوى هذه الاتصالات والمشاورات، ولذلك لجأ إلى فعل “نسمع”، وكأنه حاول أن يقول للمعنيين المباشرين بأنه “يسمع” كما “يسمع” سائر المواطنين عبر ما يتمّ تسريبه من بعض المعلومات في وسائل الاعلام، فيما تفيد معلومات انه تلقى اتصالا مطولا من النائب سامي الجميّل لوضعه في صورة ما يحصل من اتصالات.
الراعي ستكون له اليوم محطة رئاسية مفصلية في باريس، التي لا تزال تسعى إلى اقناع من يجب إقناعهم، ومن ضمنهم البطريرك الماروني، بالسير بخيار رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، وفق سلّة متكاملة تبدأ بالاتفاق على اسم رئيس الحكومة وشكل الحكومة وكيفية تكوينها وصولًا إلى البرنامج الإصلاحي، الذي على أساسه سيتمّ التواصل مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة لإطلاق مشروع إعادة العافية إلى الاقتصاد اللبناني. 
ولكن للبطريرك الراعي رأي آخر، وهو سيبلغه للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي سيلتقيه اليوم أو غدًا. وهذا الرأي البطريركي لم يعد سرًّا، وهو أن البطريركية المارونية تنظر إلى جميع المرشحين الرئاسيين بنظرة واحدة، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع، ولا تميّز بين مرشح وآخر، ولكنها لا تتنازل عن سيادة لبنان وعن كل ما يوطد العلاقة السوية بين اللبنانيين في إطار اتفاق الطائف، الذي يرعى هذه العلاقة بعدالة ومساواة بين المسيحيين والمسلمين. 
وإذا صحّت التوقعات بالنسبة إلى توافق أركان المعارضة مع “التيار الوطني الحر” على اسم الوزير السابق جهاد أزعور، وهذا ما تبلغه الراعي في طريقه إلى روما، فإن هذا التوافق سيكون “الطبق” الرئيسي في محادثات “الكي دورسيه”، باعتباره خيارًا “مسيحيًا” راجحًا في مقابل تمسّك “الثنائي الشيعي” بورقة فرنجية، الأمر الذي يفرض نفسه كخيار للقوى المعارضة، ومن ضمنها أكبر ثلاث قوى مسيحية، وهي “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” وحزب “الكتائب اللبنانية”، وقوى أخرى من بينها الكتلة التي ينتمي إليها النائب ميشال معوض، مع عدد من النواب المستقلين، مسيحيين ومسلمين. 
فيعد كل هذه التطورات ماذا سيكون الجواب الفرنسي، وماذا ستحمله الأيام الطالعة من مفاجآت، وهل سيدعو الرئيس بري إلى جلسة انتخابية تحمل الرقم 12؟