كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
أظهرت التطورات أنّ الحسابات التي ركن إليها الثنائي الشيعي ليفوز بترئيس سليمان فرنجية، باتت موضع مراجعة شاملة، اذ أنّ الإدارة الفرنسية اضطرت مرغمة لا بطلة لفرملة اندفاعتها خصوصاً وأنّ الانخراط السعودي في الملف الرئاسي اللبناني لم يكن على مستوى طموحات باريس ورغبتها فجاءت التقديمات التي وضعتها الرياض أمام ترشيح رئيس “تيار المردة”، دون القدرة على تحقيق خرق نوعي في جدار المعترضين.
كذلك فإنّ “الغلّة” التي عاد بها البطريرك الماروني بشارة الراعي من باريس والفاتيكان كانت غير توقعات الثنائي الذي كان يعتقد أنّ الإدارة الفرنسية ستستميل رأس الكنيسة إلى جانبها، فيساعدها في تفكيك ألغام ممانعة القوى المسيحية. حتى أنّ الرهان على عودة باسيل إلى تفاهم مار مخايل، لم يكن في مطرحه، بعدما قرر الأخير أن يلعبها صولد خصوصاً وأنّ حساباته كانت تنتهي دوماً بخسارة حتمية حين كان يزينها بميزان تأييده لسليمان فرنجية.
ولهذا يرجّح أن يعيد الثنائي حساباته بعدما سيّجت القوى المسيحية ترشيح أزعور لترفعه إلى مستوى ترشيح فرنجية في حسبة الأصوات. ولكن ترشيح وزير المالية الأسبق لن يمرّ مرور الكرام، هو سيوقع سلسلة ضحايا، أهمهم:- الأرجح أنّها نهاية تحالف “مار مخايل” مع العلم أنّ باسيل لا يزال يعتقد أنّ شطبه ترشيح فرنجية سيحمل “حزب الله” على إعادة تفعيل قنوات الحوار الثنائي بحثاً عن مرشح ثالث يناسب أجندته السياسية.- والأرجح أيضاً سيضع الترشيح نهاية لثورة 17 تشرين وشعاراتها التغييرية، وهذا الاعتبار بالذات هو الذي يجعل عدداً من نواب هذا الفريق يحاذرون ضمّ أصواتهم إلى الأصوات المؤيدة لأزعور.- سيطيح الترشيح بكلّ الشعارات والشعارات المضادة التي استخدمها “التيار الوطني الحر” و”القوات” في معاركهما الانتخابية.- مرة جديدة سيُذبح “الإبراء المستحيل” على مائدة خيارات باسيل، بعدما ذبحه في المرة الأولى حين تحالف مع “تيار المستقبل” وها هو يصفّيه مع تزكيته خيار أزعور لكونه كان وزيراً للمالية في حقبة مشوبة بالفساد وفق توصيف “الكتاب البرتقالي”.
لكن الأهم من ذلك هو ضرب صدقية شعارات “التيار الوطني الحر” الإصلاحية.يوم الاثنين، يفترض أن يكون أمام مجلس النواب مرشحان: الأول ممنوع من الكلام لسبب وظيفي، وآخر يفضل عدم الاستفاضة في الكلام، فتتكفّل الكتل والقوى الداعمة لهما، بملء الفضاء السياسي بالمواقف الضاغطة كلّ في الاتجاه الذي يناسبه. واتجاه القوى الداعمة لأزعور يهدف أولاً إلى فتح أبواب البرلمان المغلق منذ الجلسة الـ 11.هكذا، لن يكون بمقدور رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يتأخر كثيراً، وفق عارفيه في الدعوة لعقد جلسة انتخابية، سيكون ترتيبها الـ12 بعدما عقدت الجلسة الأخيرة في 12 كانون الثاني الماضي.
كلّ الترجيحات تشير إلى احتمال انعقاد جلسة انتخابية قريبة ستكون أول “بروفا” رسمية وعلنية للمنازلة بين فرنجية وأزعور، لتبيان حقيقة الأرقام التي سيتمكن كلّ فريق من تحقيقها.ولهذا يفيد المتابعون بأنّ الماكينات الانتخابية تحرّكت خلال الساعات الأخيرة من باب العمل سريعاً على جذب المترددين الذين لم يحسموا خياراتهم والوسطيين الذين يحاذرون الانضواء في جبهة ضدّ أخرى، وفي مقدمهم “اللقاء الديموقراطي”.