فعلَها رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس الإثنين، ودعا إلى جلسةٍ لإنتخاب رئيس للجمهورية يوم 14 حزيران. الأمرُ هذا كان مطلباً من قوى المعارضة التي ترى أنهُ بتوافقها على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة، ستتمكّن من إضفاء إرباكٍ على صفوف الأطراف الدّاعمة لترشيح رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية وتحديداً “حزب الله” و “حركة أمل”.. ولكن هل هذا الأمر سيحصُل؟ ما هي خطّة “الثنائي الشيعي” و “حزب الله” تحديداً للجلسة المُرتقبة؟
خلال الساعات الأخيرة وبعد إعلان بري الدعوة إلى جلسة الإنتخاب، توالت الكثير من المواقف التي تحدّثت عن إمكانية تجدّد “السيناريو المسرحية” الذي شهدته الجلسات السابقة داخل البرلمان. فعلياً، قد يكونُ هذا الأمرُ واقعياً، إلا أنه في الوقت نفسه ستنكشف جملة من الأمور لم تكن ظاهرة سابقاً، وستجعلُ من يوم 14 حزيران بمثابة “مُفترق طرقٍ” للكثير من الأطراف السياسية وأبرزها تكتل “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية”. حقاً، قد يهدف “حزب الله” ومعه “حركة أمل” إلى “تعرية” الطرفين المذكورين “نيابياً” والصدمة التي قد تظهر يمكن أن تتمثل بجهاتٍ قد تؤدي دوراً مؤيداً لـ”الثنائي” من خلال عدم الإقتراع لأزعور والإلتزام بـ”الحياد الأبيض”، وعلى سبيل المثال هنا، كتلة “اللقاء الديمقراطي”.
في بادئ الأمر، ستكونُ جلسة 14 حزيران عنواناً لإنكشاف مدى جدية “التقاطع” الذي تتمسّك به أطراف المعارضة. بكلّ بساطة، يمكن لعملية التصويت أن تكشفَ عن حجم الكتل المؤيدة لأزعور. ففي حال كانت النسبة ضئيلة ولم تتخطَّ الأصوات التي كان يحصلُ عليها المُرشح السابق ميشال معوض، فعندها يمكنُ الحسم وبقوّة أن تقاطع المعارضة سقط، وبالتالي كرّرت تجربتها غير الناجحة مع معوض لتُحرق من خلالها اسم أزعور بشكلٍ تام.
الأساس هنا أيضاً يكمن في إنكشاف قوة “التلاحم” المُستجد بين “التيار الوطني الحر” و “القوات اللبنانية”، ففي حال لم ينل أزعور النسبة المنشودة من الأصوات، أي 65 صوتاً كحدّ أدنى في الدورتين الأولى والثانية، فعندها يُفترض على المعارضة أن تراجع تواصلها مع بعضها البعض أولاً قبل أي شيء.. حتماً، المشكلة ستكون كبيرة على صعيد “الإلتزام” بين أطراف المعارضة لأن ما سيتبين هو أنها “لم تصدق” مع بعضها تحت قبّة البرلمان، وبالتالي ستنعدمُ الثقة مُجدداً في ما بينها بشكل كبير. وعند هذا الأمر، يُطرح السؤال: هل سيبقى التقاطع المُعلن قائماً؟ هل ستُصفي “المعارضة” بعضها البعض وتعود إلى الإنقسام مُجدداً أم أنه ستكون هناك محاولات أخرى لتطويق التشرذم المُحتمل؟
أمام كل ذلك، تعوّل أطراف سياسية مُقرّبة من “الثنائي الشيعي” على إنكشاف حجم “المونة” التي يمتلكها رئيس “الوطني الحر” جبران باسيل على نُوابه لاسيما في يوم 14 حزيران. خلال مشاورات الكواليس مع أطراف “المعارضة”، كان باسيل يشير، بحسب مصادر سياسية، إلى أن باستطاعته ضمان فئة كبيرة من أصوات نواب تكتل “لبنان القوي” لصالح أزعور. إلا أنه وللحقيقة، قد يكونُ هذا الأمر غير صحيح ولن يتحقق، فباسيل لم يستطع حتى الآن حل المشكلة داخل كتلته، وهو يعي تماماً الإنقسام ضمنها بشأن ترشيح أزعور، كما أنه لم يتمكن وعبر عمّه رئيس الجمهورية السابق ميشال عون من إستمالة الجميع إليه. ويوم أمس، كان صاخباً جداً إجتماع المجلس السياسي للـ”الوطني الحر” بحضور عون، إذ كشفت معلومات “لبنان24” أنه كانت للأخير مواقف عالية السقف أمام الحاضرين بشأن الإستحقاق الرئاسي. وفي ظلّ “مشهدية التخبّط”، فإنه من المتوقع أن يُصاب باسيل بـ”ضربة” من “قلب البيت” من خلال “تشرذم” أصوات “لبنان القوي” بين أوراق بيضاء بالدرجة الأولى أو نحو مرشحين آخرين بعيدين عن أزعور. وعليه، فإن كل ذلك قد يجعل باسيل مُحاصراً وفي موقفٍ حرج مع المعارضة و “القوات” بشكلٍ خاص، وقد يكلف هذا الأمر “إنفراط” التقاطع وبالتالي التأكيد على أنه كان “هشاً” جداً.
ما هي خطّة “حزب الله”؟
إلى الآن، تقول مصادر مقرّبة من “حزب الله” لـ”لبنان24″ إنّ من بين السيناريوهات المطروحة حالياً هي التصويت بالورقة البيضاء مُجدداً خلال جلسة 14 حزيران، وبالتالي عدم إنتخاب فرنجية لسببين: الأول وهو عدم “حرقه”، والثاني هو أنّ فرنجية نفسه لم يُعلن ترشيحه بعد. هكذا، سيتمكن الحزب من الحفاظ على ورقة “الإرباك” بيده، فالأطراف الأخرى لن تتمكن من كشف رصيد فرنجية، في حين أن أصوات أزعور ستنكشف تباعاً، وهكذا سيكون الأخير قد “إحترق” عندما يأتي رصيدهُ متدنياً وأقل من التوقعات. وعليه، إن حصل “الحرق” المطلوب، عندها سيكون “الثنائي الشيعي” قد حقق التالي: تحجيم أزعور، “فرط التقارب” بين أطراف المعارضة بشكلٍ غير مباشر، وإسداء ضربة سياسية لباسيل من خلال وضعه تحت ضغطٍ في كتلته.
إلا أنهُ ومقابل كل ذلك، من الممكن أن يظهر الأمر الطارئ. ففي حال تمكّنت المعارضة من إظهار تماسكها خلال الجلسة ومنح أزعور رصيد الـ65 صوتاً، عندها سيكون “حزب الله” أمام مأزق. فهل ستنقلبُ الجلسة ضدّه؟ هل سيُراجع حساباته بشأن ترشيح فرنجية والمُضي نحو أزعور؟ عندها، المفاجآت ستكون كبرى وبعد ذلك سيكون البلدُ أمام مشهد آخر.. وإن غداً لناظره قريب..