لطخة شخصية أم إنتكاسات دبلوماسية؟

8 يونيو 2023
لطخة شخصية أم إنتكاسات دبلوماسية؟


كتب طوني عطية في” نداء الوطن”: النكسة الأخيرة التي شوّهت الدبلوماسية، هي قضية سفير لبنان لدى باريس رامي عدوان واتّهامه بشبهة الإغتصاب بعد شكويَين تقدّمت بهما موظّفتان سابقتان في السّفارة. هذا الملف فتح نقاشاً قانونيّاً ودبلوماسيّاً بين الدولتين، اللتين تشهدان أيضاً تضارباً في الصلاحيات القضائيّة بشأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ودفعت بوزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب إلى إرسال لجنة مؤلّفة من الأمين العام للخارجية ومدير التفتيش وبدأت العمل على أن تتكوّن لديه فكرة لما يتوجّب القيام به في هذا الشأن.لا تمثّل قضية السفير عدوان شأناً خاصّاً فقط، إذ يرى مدير كلية الحقوق والعلوم السياسية (الفرع الثاني) وأستاذ العلاقات الدولية د. أمين لبّس في حديث لـ»نداء الوطن»، أن «الدبلوماسية هي ترجمة لسياسة الحكومة. في حين أن سياستنا الخارجية اليوم غير موحدة، عازياً السبب إلى تكوين السلك الدبلوماسي على قاعدة الزبائنية السياسية. فبعض القناصل (منعاً للتعميم) تمّ اختيارهم كجوائز ترضية ومن خارج الكادر الدبلوماسي كما حصل مع عدوان». استطراداً نشير إلى أنّ تعيين الأخير بناء على المرسوم رقم 1384 «سفيراً فوق العادة مُطلق الصلاحية لدى الجمهورية الفرنسية»، قد أثار حينها موجة استنكارات في الأوساط المعنية، كون عدوان دبلوماسياً من الفئة الثالثة، فجرى تهريب قرار ترقيته إلى الفئة الثانية في مجلس الوزراء، وأيضاً «من خارج الملاك في السلك الخارجي في وزارة الخارجية والمغتربين» (وفق المرسوم). وتجدر الإشارة إلى وجود دعوى بحقّه (عدوان) لم يُبتّ بها، تقدم بها سفير لبنان السابق لدى هولندا زيدان الصغير، تتعلّق «بسلوك الموظف (حينها) في السفارة اللبنانية في هولندا».وقال لبّس: «إذا ثبتت الإدعاءات، يجب على الخارجية رفع الحصانة عنه ومقاضاته، أكان في لبنان أم في فرنسا (حيث وقع الجرم)». وأوضح أنه يمكن لباريس أن تعتبر عدوان «شخصاً غير مرغوب فيه» persona non grata بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، ويتمّ ترحيله إلى وطنه الأمّ».أمّا عميد كليّة العلاقات الدولية في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ (فرنسا)، بول مرقص، فيشرح لـ»نداء الوطن» أنه بالعودة إلى المادة التاسعة (من اتفاقية فيينا)، «أنّ الدولة المعتمد لديها في أي وقت ومن دون ذكر الأسباب أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس بعثتها أو أي عضو من أعضائها الدبلوماسيين أصبح شخصاً غير مقبول. وعلى الدولة المعتمدة حينئذ أن تستدعى الشخص المعني أو تنهي أعماله لدى البعثة وفقاً للظروف. أمّا إذا رفضت الدولة المعتمدة تنفيذ الإلتزامات المفروضة عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة أو لم تنفذها في فترة معقولة، فللدولة المعتمد لديها أن ترفض الاعتراف بالشخص المعني بوصفه عضواً في البعثة». يضاف الى ذلك أنه «يعود فقط للدولة المعتمدة أن تتنازل عن الحصانة القضائية المقررة للمبعوثين الدبلوماسيين وللأشخاص المستفيدين من هذه الحصانة وفقاً لنص المادة (37)، ويجب دائماً أن يكون التنازل صريحاً». وبالعودة أيضاً الى القانون اللبناني وتحديداً في المادة 21 من قانون العقوبات اللبناني «تطبق الشريعة اللبنانية خارج الأراضي اللبنانية: على الجرائم التي يقترفها موظفو السلك الخارجي والقناصل اللبنانيون ما تمتعوا بالحصانة التي يخولهم إياها القانون الدولي العام».لذلك يتبين لنا، أنّ «الحصانة التي يتمتع بها السفير تشمل أي جريمة يرتكبها سواء تعلّقت بعمله الدبلوماسي أو بحياته الخاصة، سواء ضبط فيها بحالة الجرم المشهود أو غير المشهود. وتقضي هذه الحصانة بحسب القانون الدولي بمنع التعرّض لشخص المبعوث ومنزله ومقرّ البعثة، بحيث لا يجوز أن يتعرض لأي صورة من صور التوقيف أو القبض أو المحاكمة أو حتى إلزامه بالشهادة أمام القضاء المحلي. ويجوز التنازل عن الحصانة الدبلوماسية من قبل دولة المبعوث فقط بشكل صريح». بالنسبة للاجراءات التي يجب اتباعها، يختم مرقص قائلاً: «يجب أن يقدّم الطلب لرفع الحصانة الدبلوماسية عن سفير لبنان في دولة أجنبية إلى وزارة الخارجية المختصّة في قضايا الشؤون الدبلوماسية والعلاقات الخارجية للبنان. ويجب تقديم الطلب الرسمي إلى الوزارة، ومن ثمّ ستتم دراسة الطلب واتخاذ الإجراءات المناسبة وفقاً للقوانين والإجراءات المعمول بها في لبنان».