ماذا يريد النواب الرماديون؟

9 يونيو 2023
ماذا يريد النواب الرماديون؟


لم يبرئ البعض الرئيس نبيه بري من غائية تحديد موعد جديد لجلسة انتخابية افتراضية تحمل الرقم 12. فـ 14 حزيران هو اليوم الذي يلي ذكرى “مجزرة” أهدن، مع ما تعنيه هذه الذكرى في ذاكرة رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، الذي قرّر في مرحلة متقدّمة أن يطوي صفحة الماضي، وأن يتصالح مع حاضره، وأن يتطلع إلى المستقبل بنظرة شمولية. وبذلك يكون رئيس مجلس النواب، الذي يملك مفاتيح “ساحة النجمة” قد تقصدّ تحديد هذا الموعد للجلسة الانتخابية الثانية عشرة لتأكيد تمسّكه بمرشحه “التوافقي”، على حدّ تعبير مصادر “عين التينة”، وأن “الثنائي الشيعي” لن يتراجع عن مواقفه القديمة – الجديدة حتى ولو اضطّر إلى تطيير نصاب أي جلسة يمكن أن تلي الجلسة الأولى عبر “انسحاب تكتيكي” لعدد من “النواب الممانعين” حتى قبل اعلان نتيجة فرز الدورة الأولى. 

 
وعلى هذا الأساس، فإن جميع القوى السياسية بدأت تتحضّر لما بعد جلسة 14 حزيران، وفق ما ستكون عليه نتائج فرز صندوقة الاقتراع، التي لن تحمل مفاجآت كثيرة، كما هو متوقع، إذ أن الكتل النيابية الوازنة، سواء من هذه الجهة أو تلك، تريد أن تكون هذه الجلسة جلسة “جسّ نبض” لكي تُبنى على نتائجها صورة المرحلة المقبلة، التي ستشهد المزيد من عمليات “العضّ على الأصابع” قبل الاقتناع بأن الخيارات الحالية لن تنتج رئيسًا محتملًا حتى ولو استطاعت قوى “المعارضة” تأمين الحشد المطلوب لمرشحها، الذي لا يزال يحتاج، على ما يبدو، إلى توسيع مروحة التأييد له، خصوصًا أن ثمة نوابًا يُعتبرون في “المنطقة الرمادية” لا يزالون غير مقتنعين بصوابية خيار ما تمّ التوافق عليه دخل كتل “المعارضة”. 
 
وفي المعلومات أن هؤلاء النواب، وبعضهم من “التغييريين” والبعض الآخر مستقّلين، يتجهون إلى التوافق على اسم مرشح ثالث غير الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد ازعور، معتقدين في قرارة أنفسهم أن الظروف الراهنة لا تسمح بأي خرق رئاسي في ظل “البانوراما الرئاسية” الحالية، وأن ترشيح فرنجية من قِبَل “الثنائي الشيعي” يُعتبر مرشح تحدٍّ بالنسبة إلى قوى المعارضة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المرشح جهاد ازعور المدعوم من “الثلاثي المسيحي”، الذي تعتبره “القوى الممانعة” مرشح مواجهة. 
 
وبهذه الأجواء الضبابية والمشحونة في الوقت نفسه فإن حظوظ كل من فرنجية وازعور بالوصول إلى قصر بعبدا لا تزال معدومة، خصوصًا أن لا شيء يلوح في الأفق في إمكانية احداث خرق ما في أي من الجبهتين المتقابلتين. وهذا الأمر يقود أصحاب “الرأي الثالث” إلى رمي “حجرهم في الجوزة الرئاسية”، وذلك قبل أن تتوضح صورة الاتصالات، سواء تلك التي تسبق جلسة 14 حزيران، أو تلك التي ستليها، مع ما يمكن أن يحمله اجتماع مجموعة الدول الخمس من نتائج، بعدما أسند الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الملف الرئاسي إلى الوزير جان ايف لودريان، الذي كانت له مواقف جليّة يوم كان وزيرًا لخارجية بلاده بالنسبة إلى الوضع اللبناني ككل، وقبل الأزمة الرئاسية، حين صارح اللبنانيين بأن عليهم أن يتكلوا على أنفسهم قبل اتكالهم على الآخرين في حل مشاكلهم العالقة والكثيرة. وقال لهم بالفم الملآن بما معناه: إن لم تساعدوا أنفسكم فلن يساعدكم أحد من الخارج. وقد كُتب حول هذا الموضوع الكثير، ولكن بقي الوضع على ما عليه، وذهب كلام لودريان أدراج الرياح، الذي حاول أن “يدقّ الميّ” فبقي “الميّ” اللبناني “ميًّا” غير صالح للشرب.