14 حزيران… بروفة أخيرة قبل العرض؟

12 يونيو 2023
14 حزيران… بروفة أخيرة قبل العرض؟

كتب ياسين شبلي في “لبنان الكبير” أما وقد بان الدخان الأبيض، واتصلت خطوط “التقاطع” بين المعارضات المختلفة خصوصاً “الثنائي الماروني”، على تبني ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية في مواجهة سليمان فرنجية مرشح “الثنائي الشيعي”، بات السؤال الأساس الذي يطرح نفسه هو ماذا بعد؟ وأسئلة كثيرة فرعية كمثل الفارق بين ترشيح ميشال معوض وجهاد أزعور بإستثناء تزكية “التيار الوطني الحر” هذا الأخير، وهل هذه التزكية كافية ليتغير المشهد بإنسحاب معوض وتثبيت ترشيح أزعور؟

على المستوى السياسي يبدو أن المعارضة بتبنيها ترشيح أزعور، وكأنها قد تنازلت عن مرشح تحدٍ معلن لصالح مرشح وسطي غير مستفز من ناحية، ومن مرشح لديه إرث عائلي وسياسي يُعتبر بشكل أو بآخر من “المنظومة”، إلى مرشح أقل إلتصاقاً وتمثيلاً لهذه المنظومة من ناحية أخرى، على الرغم من كونه وزيراً سابقاً للمالية وهو منصب يُحسب – برأيي – له لا عليه، خصوصاً وأن أداءه في الوزارة كان مهنياً ولم يَشِبه ما شاب وزراء المالية من بعده من خفة وتخبط – إلا إذا أراد البعض إستجلاب نكتة الـ 11 مليار دولار – لا سيما وزير “الثنائي الشيعي” الذي يستشرس اليوم في رفضه لترشيح أزعور، من دون أن ننسى أن ولايته في وزارة المالية كانت في أصعب الظروف وأدقها التي مر بها لبنان من حيث الاضطرابات الداخلية، وحرب تموز 2006 وما رافقها من دمار وخراب، فضلاً عن الاعتصام الشهير، ومع ذلك كان الوضع الاقتصادي مستقراً ويشهد نمواً معقولاً في ظروف متشابهة.

في المقابل، يتمسك “الثنائي الشيعي” بمرشحه فرنجية، ويُصرْ على أنه توافقي ولا يشكل تحدياً لأحد، لذلك على الجميع – من وجهة نظره – أن يتلاقوا للتوافق عليه وليس للبحث في خيارات أخرى، وهي دعوة وإن كانت غريبة على المنطق السليم للأمور، إلا أنها “طبيعية” إذا ما نظرنا إلى سلوك هذا الثنائي والفريق الذي يُمثل على مدى السنوات الماضية، وهو سلوك إستكباري فظ كان من أهم أسباب وصول البلد إلى “جهنم” على الرغم من “الانتصارات” التي يدَّعي هذا الفريق تحقيقها على الدوام.

هكذا نرى الوضع عشية الجلسة الـ 12 لانتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في الرابع عشر من الشهر الجاري، وهي الدعوة التي تُعتبر “ضربة معلم” – في الوقت الذي كان البعض يراهن على عدم الدعوة لها من قِبَله – خصوصاً بعد التهديدات الأميركية بفرض العقوبات على معرقلي إنتخاب الرئيس، وهي الجلسة التي يُتوقع أن تكون كسابقاتها مع تغير من ناحية الأسماء المطروحة وعدد الأصوات، فيحل أزعور محل معوض، ويحل فرنجية محل الورقة البيضاء، وربما أسماء أخرى من خارج السياق ما يحول دون أن ينال أحدهما النصف زائد واحد في دورتي الانتخاب، وبهذا يكون الرئيس بري خصوصاً – وغيره من الأطراف – قد رفعوا عن أنفسهم مسؤولية عرقلة الإنتخاب.

في ظل هذا التأرجح بين مرشحي الثنائيتين الشيعية والمارونية، جاء قرار كتلة “اللقاء الديموقراطي” بالأمس تأييد أزعور وهو بالمناسبة من الأسماء التي كان أول من طرحها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، ليضفي على المعركة حماسة وسخونة. وتتجه الأنظار الآن إلى كتلة “الاعتدال الوطني” التي تمثل جزءاً من المكون السني، وبنسبة أقل كتلة نواب التغيير التي يبدو أنها باتت كتلاً متعددة لا رابط بينها سوى كلمة التغيير للأسف، لذلك تبدو خارج السياق والسباق إلا بالمفرق ربما، مثلها كمثل مجموعة المستقلين التي لم تُبدِ رأياً بعد. فهل تفعلها كتلة “الاعتدال الوطني” وتنضم الى قوى المعارضة لتعطي أزعور الأرجحية وتحشر “الثنائي الشيعي” في خانة التعطيل أو القبول بالأمر الواقع؟ أم أنها ستفرح بلقب “بيضة القبان” – الذي بات يتسابق عليه الكثيرون هذه الأيام – وتنحاز الى ما يسمى “التوافق” ممهدة السبيل ربما أمام مزيج من “سان كلو جديدة ودوحة 2″، خصوصاً مع تعيين جان إيف لودريان موفداً فرنسياً جديداً خاصاً للبنان، ومع الزيارة الحالية لوزيرة الخارجية الفرنسية الى قطر، لنعود وندور في حلقة مفرغة كما حصل بعد مؤتمر الدوحة الأول، الذي كان الأساس في ما وصل إليه البلد من إنهيارات نتيجة التفاهمات التي وضعها على أنها مؤقتة فباتت دائمة على عادة اللبنانيين، نتيجة فائض القوة الذي يتمتع به أحد أطراف التفاهم؟

لا شيء أكيد حتى الآن، سوى أن الجلسة 12 ستكون كسابقاتها – إلا إذا حصلت المعجزة – مع بعض التغيير في موازين القوى، التي قد تُبنى على نتائجها تطورات الأسابيع المقبلة سواء سلباً أم إيجاباً، ما يجعلها ربما أشبه بالبروفة الأخيرة قبل العرض، الذي قد يولد ولادة طبيعية في الشهر التاسع للفراغ، في حال تم التوافق على أحد المُرَشَّحَين – وهذا أمر صعب مبدئياً – أو الذهاب إلى خيار ثالث، على أمل أن لا يحصل طارئ ما يجعل من الولادة قيصرية في بلد تنام فيه على حدث، لتصحو في اليوم التالي على حدث وتطورات أخرى تقلب الأمور رأساً على عقب.