وفي خلاصات الدراسة أن «استخدام 5% من سطح المبنى، ينتج كهرباء كافية لاستهلاك معتدل لعائلة واحدة سنوياً»، وفي حال تغطية 50% من مساحة السّطح، «يغطي إنتاج الكهرباء حاجة 8 أسر». علماً أنّ الدراسة اعتمدت ألواح الطاقة الشّمسية بقدرة 400 واط كمعيار، وأرقام استهلاك الكهرباء الخاصة بوزارة الطاقة لعام 2019، والتي تشير إلى «استهلاك الأسرة 3 ميغاواط ساعة من الطاقة سنوياً». وبيّنت صور الأقمار الاصطناعية وجود 800 ألف مبنى موزّعة على كامل الأراضي اللبنانية. تستأثر المدن الرئيسية بمساحة السطوح الأكبر، إذ تبلغ في بيروت مثلاً حوالي 6 كلم مربّعة، وفي طرابلس 4 كيلومترات وتشكل المساحات المبنيّة في المدينتين 27.8% في بيروت، و14% في طرابلس.ورسمت الدراسة «خريطة الاستفادة من إمكانات الطاقة الشّمسية في لبنان»، وتبيّن فيها أنّ منطقة البقاع عموماً، وبعلبك الهرمل خصوصاً، تتميّز «بالقدرة الأعلى على حصاد الطاقة الشّمسية» سنوياً، نظراً إلى «الانقشاع الأكبر، وقلّة الغيوم، كونها منطقة داخلية، وزاوية أشعة الشمس»، وهذا ما يجعل فعالية الألواح الشمسية فيها أعلى من المناطق السّاحلية. ولكن، على عكس المناطق السّاحلية، تُعدّ هذه المنطقة الأفقر عمرانياً، إذ لا تزيد نسبة المساحات المبنية فيها على 1%، إلا أنها رغم ذلك، قادرة على تأمين حوالي 3 ملايين ميغاواط ساعة سنوياً. أمّا بيروت، التي تناهز المساحة المبنية فيها ربع العاصمة، فقادرة على تأمين حوالي مليون ميغاواط ساعة سنوياً عبر تغطية 50% من سطوحها بألواح الطاقة الشّمسيّة. وأوصت الدراسة بـ«ضرورة استغلال القدرات الضخمة في حصد الطاقة الشمسية لمنطقة بعلبك الهرمل»، عبر «إقامة مزارع للألواح الشّمسية فيها نظراً إلى وجود أراضٍ شاسعةٍ».ومقابل المقدرات العالية للأراضي اللبنانية في إنتاج الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، يشير غندور إلى «هدر كبير على مستوى استغلال المساحات والإنتاج». فالحلول الفردية، وغياب التنظيم يؤدّيان إلى «تركيب محطات طاقة شمسية منزلية أكبر من حاجات الناس»، وهذا ما جرى الصيف الماضي في ذروة أزمة الطاقة، إذ لا يستفاد من الإنتاج الكامل لهذه الألواح طوال مدّة تعرّضها للشمس خلال النهار، وبالتالي، تمت التوصية بـ«إقرار مشروع قانون إنتاج الطاقة المتجددة وتفعيل الاستعدادات التقنية من قبل مؤسسة كهرباء لبنان الخاصة ببيع الكهرباء من محطات الطاقة الشمسية المنزلية نحو الشبكة العامة، لتحويل الحلول الفردية إلى جماعية». ويحتاج الأمر إلى جهد إداري وتقني كبير وتطوير برامج الفوترة وزيادة قدرة الشبكة على استيعاب الطاقة التي تضخ إليها من المنازل في أوقات الذروة عند الظهيرة.إلا أنّ لغندور رأياً آخر في حاجة لبنان إلى الكهرباء، فـ«مع الارتفاع العالمي لأسعار النفط، وانهيار قيمة الليرة في لبنان، ارتفع سعر الكيلوواط ساعة من 400 ليرة إلى 34 ألفاً». وبرأيه، هذا يساهم في خفض استهلاك الأسر للطاقة، ويعلّل غندور رأيه بالاستناد إلى دراسة أجريت على 5 آلاف منزل بالتعاون مع بلدية مدينة النبطية، ولمدّة عام، تبيّن فيها أنّ معدّل استهلاك الكهرباء تدنّى إلى حدود 150 كيلوواط ساعة شهرياً، في حين أنّ أرقام وزارة الطاقة لعام 2019 كانت عند سقف 250 كيلوواط ساعة. بالتالي، يؤكّد غندور على الفكرة السابقة الداعية لـ«استغلال فائض الطاقة المنتج عبر ألواح الطاقة الشّمسية ووضعه على الشبكة العامة».دفعت الأزمة الاقتصادية، لا سياسات الدولة، لبنان إلى استخدام الموارد المتجدّدة في إنتاج الكهرباء، ولا سيّما الطاقة الشّمسية. علماً أنّ لبنان كان قد تعهّد في مؤتمر كوبنهاغن للمناخ عام 2009 بإنتاج 12% من الطاقة عبر الموارد المتجدّدة بحلول عام 2020، إلا أنّه لم يحقّق شيئاً من ذلك. وفي عام 2021 عاد ووضع هدفاً آخر بالوصول إلى تغطية 30% من حاجاته في الطاقة من الموارد المتجدّدة. لا إحصاء رسمياً اليوم لما وصل إليه الاعتماد على هذه الوسائل في إنتاج الكهرباء، لكنّها «أعلى من 30%» بحسب الخبراء، إذ أدّى الوضع الاقتصادي إلى «انقلاب في استخدام الطاقة».وبين عامي 2012 و2020، رُكّبت في لبنان أجهزة توليد طاقة شمسية قادرة على إنتاج 100 ميغاواط ساعة من الكهرباء. ومنذ عام 2021 بدأ التوسع المطّرد لقطاع الطاقة الشّمسية، إذ دخلت 100 ميغاواط ساعة جديدة خلال هذه السنة فقط. إلا أنّ نسبة استخدام الطاقة الشمسية ارتفعت عام 2022 بـ 650%، و«هو رقم مذهل»، فقد أنتج اللبنانيون 650 ميغاواط ساعة إضافية من الكهرباء باستخدام الطاقة الشّمسيّة. إلا أنّ الدولة لم تواكب هذا التوسّع بأيّ تشريعات، ولا تزال الطاقة المنتجة في المنازل مهدورة، ولا تدخل إلى الشبكة.