مع بداية العدّ العكسي لجلسة الغد يمكن القول إن الصورة شبه النهائية قد أصبحت واضحة. فإذا لم يطرأ ما ليس في الحسبان فإن الجلسة الثانية عشرة في “الماراتون” الرئاسي ستنعقد وفق السيناريوهات، التي باتت معروفة، إذ سينزل الجميع إلى “ساحة النجمة” بـ “سلاحهم” الظاهر منه والمخفي. فـ “المعارضة” تحشد كل قواها لتأمين الـ 65 صوتًا لمرشحها الوزير السابق جهاد ازعور، فيما يحاول “الممانعون” العمل لتأمين الـ 43 صوتًا لتعطيل وصول أي مرشح لا “يرتاحون” إليه، خصوصًا إذا ما تأكدوا أن إمكانية اقناع النواب “الرماديين” بالتصويت لرئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، وذلك في سعي حثيث إلى تقريب مجمل الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها من تلك المؤيدة لمرشح “المعارضة”، التي أصبحت واثقة من أنها وصلت تقريبًا إلى عتبة النصف زائد واحد، وهو مجمل الأصوات التي تمكّن أي مرشح بالفوز في الدورة الثانية في حال انعقادها، وإن لم يُفقد نصاب الثلثين زائد واحد.
المتوقع أن تشهد جلسة الغد تكرارًا للجلسات الاحدى عشرة السابقة من حيث النتائج، وليس من حيث الوقائع، لأن مرشح المعارضة سيتمكّن من تجاوز الأرقام، التي كان يحصل عليها النائب ميشال معوض، فيما سيحّل اسم فرنجية محل الورقة البيضاء، التي ستكون هذه المرّة من حصة النواب الذين لا يسيرون بأي خيار من الخيارات المطروحة، من دون أن يتمكّنوا من التوافق على اسم مرشح ثالث لا يكون مرشح مواجهة أو تحدّ لأحد إلا إذا استجدّت معطيات الربع الساعة الأخير وظهر اسم من بين الأسماء التي كانت متداولة في السابق، والتي يُقال، على حدّ ما يوحي به بعض النواب “الرماديين”، بأنه سيكون مقبولًا من كلا الطرفين، على تناقضاتهما واختلافاتهما. ولكن دون الوصول إلى هذه النتيجة، كما تقول مصادر سياسية متابعة، عقبات كثيرة ومن بينها أن لا أحد من الطرفين المتقابلين في “المنازلة الرئاسية” مستعدّ حتى هذه اللحظة للتنازل عمّا يعتقده حقًّا له أو عمّا يعتبره من ثوابت “معركته” السياسية الوجودية، باعتبار أن المعركة تأخذ طابعًا يتجاوز الأسماء بحدّ ذاتها ليطال المشروع السياسي المستقبلي لكل منهما.
فـ “المعارضة” من خلال التفاهم الجديد القائم بين أكبر كتلتين مسيحيتين، وإن كانت بعض الأصوات في تكتل “لبنان القوي” تعارض هذا التوجه، تعتبر أن معركة رئاسة الجمهورية اليوم، وفي هذه الظروف الدولية والإقليمية، هي معركة “إيقاف” “حزب الله” عند حدّه، والتي تجاوزت منطق الدولة الواحدة، فيما يسعى “الثنائي الشيعي”، ومعه كتلة فرنجية وعدد من نواب الشمال وبعض المستقلين و”التغييريين، إلى تكريس منطق المواجهة ضد “المشروع الأميركي” في المنطقة وفي لبنان.
ووسط هذه الأجواء المتشنجة تذهب البلاد بعد “تطيير” نصاب الدورة الثانية من الجلسة الانتخابية الأولى إلى المزيد من عمليات شدّ الحبال بين فريقين غير متوافقين على المبادئ ذاتها لمستقبل الوطن. وهذا الأمر يعيد إلى الأذهان الخلاف الذي كان قائمًا بين نظرتي كل من الرئيس الشهيد رفيق الحريري (هونغ كونغ)، و”حزب الله” (هانوي)، الأمر الذي سيقود إلى المزيد من الاصطفافات السلبية، التي لن تؤدي في نهاية المطاف سوى إلى المزيد من التشنجات، التي ستنعكس بسلبياتها على مجمل الوضع العام، وبالأخصّ على “معيشة” المواطن، الذي يعاني أصلًا الأمرّين.
المصدر:
لبنان 24